Page 118 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 118
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
وهـذا هـو الـذي دعـا سـويف إلـى أن يتسـاءل هـو المقدمـة الأولـى لـكل بحـث اسـتطيقي .ولذلـك
تسـاؤله السـابق عـن موضـع بحثـه مـن سـياق العلـم حـرص مصطفـى سـويف عبـر تسـاؤلاته المنهجيـة
لاختـاف المنهـج واختـاف المجـال .فـإن كان علـم أن يجيـب عـن تسـاؤلين همـا :مـا ميـدان بحثـه؟
الجمـال يعمـل فـي مجاليـن همـا :الإبـداع والتلقـي ،ومـا موضوعـه؟ ولا يكفـي عنـد مصطفـى سـويف
فبحثـه يمثـل حلقـة فـي هـذا السـياق مـع اختلافـه أن يقـول إن ميـدان بحثـه هـو الشـعر مـا لـم يكـن
عمـا سـبق ،وإن كان علـم الجمـال يعمـل فـي مجـال مشـفوعا بالتحديـد والتدقيـق عـن لمـاذا الشـعر .كان
مصطفـى سـويف -كمـا سـبق أن بينـا فـي فقـ ارت التلقـي فـإن بحـث سـويف خـارج هـذا السـياق.
سـابقة -ذا ثقافـة مركبـة جمعـت بيـن الفنـون القوليـة
والفنـون الأخـرى مـن جهـة ،كمـا جمعـت بيـن الفكـر وقـد حـرص مصطفـى سـويف علـى تتبـع مسـيرة
علـم الجمـال أو «الاسـتطيقا» مـن منظـور الفلاسـفة
والعلـم مـن جهـة أخـرى. الذيـن أروا أن الفكـر( :فكـر واضـح وفكـر غامـض).
الأول :هـو مجـال المنطـق والثانـي :هـو مجـال
ولذلـك كانـت مسـاحة الاختيـار عنـده واسـعة بيـن «الاسـتطيقا» .وقـد أرى بومجارتـن فيلسـوف الجمـال
فنـون القـول والفنـون الأخـرى ،كمـا كان منظـور الألمانـي أن ينفـرد علـم الجمـال بد ارسـة هـذا اللـون
مـن الفكـر أو بد ارسـة الحـس والوجـدان مـن حيـث إن
الرؤيـة عنـده أشـد اتسـاعا:
أعمالهمـا هـي جوهـر هـذا الفكـر الغامـض.
•فقد زودته الفلسفة بعقل نقدي فعال.
•وزوده العلم بعقل علمي منظم. وكما ذكر مصطفى سويف :لما كان الجمال هو
كمـال الإد ارك الحسـي -لأنـه الوحـدة فـي التغايـر
•وزودتــه الفنــون بفهــم أعمــق لطبيعتهــا والكثـرة -فـإن الجمـال هـو موضـوع الاسـتطيقا.
وطبيعــة مصادرهــا. وانتهـي بومجارتـن إلـى توجيـه علـم الجمـال لد ارسـة
من هنا: الجمـال مـن حيـث التـذوق سـواء أكان هـذا الجميـل
فـي الطبيعـة أم فـي الفـن .وهـذا هـو الفـرق بيـن
•لم يكن ليفرط في حق العلم فيختار ج ازفا. النقـد الـذي يـدرس الجمـال فـي الفـن ،والاسـتطيقا
•يكـن ليفـرط فـي حـق الفلسـفة فيهمـل النظـر
الكل ـي.
•ولـم يكـن ليفـرط فـي حـق الفنـون فينحـاز إلـى الـذي يـدرس الجمـال فـي الطبيعـة والفـن .وإذا مـا
فـن دون فـن بـا مبـرر أو سـبب. علمنـا أن علـم الجمـال فـي الفكـر المعاصـر لـم يعـد
مجالـه التـذوق فقـط ،بـل امتـد إلـى د ارسـة الإبـداع
وهـذا مـا وجدنـاه فـي تبريـر اختيـاره الشـعر مجـالا مـن حيـث طبيعتـه ووظيفتـه ،أدركنـا مـا يقصـده
لبحثـه دون الفنـون الأخـرى. سـويف بموضـع بحثـه مـن سـياق البحـث التاريخـي.
يقـول« :وبالجملـة فقـد امتـد الاسـتطيقا عنـد بعـض
يقـول« :سـنقصر إذن مجـال بحثنـا علـى الشـعر المحدثيـن حتـى شـمل المشـاهد والفنـان ومـا يبـدع.
من دون الفنون عامة .لا لشيء سوى تحديد ميدان وعلـى ذلـك يكـون بحثنـا هـذا اسـتطيقيا بهـذا المعنـى
البحـث بقـدر الإمـكان دفعـا للتشـتت .ثـم لسـبب آخـر الواسـع الحديـث .أمـا إذا قصرنـا الاسـتطيقا علـى
خـارج عـن إ اردتنـا وهـو حـدود ت ارثنـا الـذي سـنعتمد مدلولـه التقليـدي فبحثنـا خـارج عـن نطاقـه حتمـا».
عليـه عنـد القيـام بد ارسـتنا التجريبيـة .فنحـن هنـا فـي
مصـر خاصـة وفـي الشـرق العربـي عامـة إذا تكلمنـا وسـواء أكان هـذا البحـث اسـتطيقيا أم خارجـا
عـن هـذا النطـاق ،فـإن البحـث فـي الإبـداع الفنـي
فـي أي فـن آخـر سـوى الشـعر أصبحنـا غربـاء”.
118