Page 119 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 119
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
التـي لا حصـر لهـا لمـن يريـد ان يتخـذ لـه موضوعـا فعلـة الاختيـار هـي التحديـد منعـا للتشـتت ،وقـدم
فـي الشـعر .فسـويف ليـس مؤرخـا لـأدب ،ولا لغويـا الشـعر وغلبتـه علـى الفنـون القوليـة التـي تعـد حديثـة
ولا ناقـدا مـن نقـاد الشـعر ،ومـن ثـم فإنـه يبحـث عـن بالقيـاس إلـى تاريـخ الشـعر ،وإذا كانـت هنـاك بـذور
نهضـة فـي التصويـر أو الموسـيقى ،فالعهـد بهـا موضـوع فـي الشـعر لـه نسـب وشـيج بالشـع ارء وبمـا
ينتابهـم مـن أحـوال الإبـداع ،أي أنـه يريـد أن يتعـرف قريـب .أمـا الشـعر فجـذوره ضاربـة فـي الأعمـاق.
لا علـى القصيـدة الشـعرية ولكـن علـى مـا يسـبقها وهـذا فـرض عليـه أن يحـدد مفهومـا إج ارئيـا للشـعر
مـن عمليـات وجدانيـة وعقليـة فيبحـث فـي المنطقـة الـذي سـوف يجـري عليـه البحـث ،بعـد أن عـرض
مفاهيـم الشـعر منـذ أرسـطو مـرو ار بت ارثنـا النقـدي الغامضـة مـن التفكيـر ليفسـر للنـاس كيـف ينتـج
القديـم حتـى ثقافتنـا المعاصـرة ليخلـص إلـى علـة الشـاعر قصيدتـه.
اختيـار هـذا المفهـوم ،وفـي الوقـت نفسـه إلـى علـة هـذا الموضـوع – الإبـداع – موضـوع مطـروق منـذ
اختيـار الشـعر مـن دون غيـره مـن الفنـون.
مـا قبـل أفلاطـون ،ونشـأت حولـه تفسـي ارت عديـدة
يقول مصطفى سويف“ :لا نبحث هنا عن وكـذا ،حـول طبيعـة الشـاعر ..ومـع ذلـك يريـد
تعريـف للشـعر أرتضيـه ،فربمـا كانـت هـذه المحاولـة سـويف أن يتناولـه كمـا لـم يتناولـه أحـد مـن قبـل فـي
فـي هـذا الموضـع المبكـر مـن البحـث ضربـا مـن ضـوء مـا ارتضـاه المنهـج التجريبـي فـي علـم نفـس
المصـادرة غيـر المقبولـة .هـذا إلـى أنهـا ليسـت مـن الإبـداع“ .إلا أننـا قـد تخيرنـا لبحثنـا موضـوع الإبـداع
صميـم بحثنـا وإن أمكـن أن تقـام علـى أساسـه .مـن بيـن سـائر الموضوعـات ،محاوليـن أن نجيـب
المهـم أننـا نقصـد إلـى هـذا التحديـد كيـا نهيـم علـى هـذا السـؤال :كيـف يبـدع الشـاعر القصيـدة؟
فـي صحـ ارء ليـس لهـا تخـوم ،ونقـرر أننـا نرتضيـه سـوف نتبـع خطـوات الشـاعر خطـوة خطـوة ..كل
تحديـدا لميـدان الشـعر الـذي سـنبحث فيـه .ومعنـى ذلـك كيمـا ننتهـي إلـى صـورة ديناميـة لحركـة الشـاعر
ذلـك أننـا لـن نعنـى بالإبـداع فـي القصـة ولا فـي فـي شـعره تكشـف عـن دقائـق هـذه الحركـة وأهـم
الأقصوصـة ولا فـي الرسـالة ولا فـي المقـال .ولكننـا خصائصهـا”.
ويبـدو أن مسـألة تحريـر الميـدان ،ثـم تحريـر سـنتجه بالبحـث إلـى الإبـداع فـي الشـعر ،ونشـترط
الموضـوع ،كمـا فـرض علـى مصطفـى سـويف أن أن يكـون منظومـا وإن كنـا نعلـم علـم اليقيـن أن
يبحـث لـه عـن موضـع فـي سـياق البحـث الجمالـي،
ليـس كل منظـوم شـع ار».
فمصطفـى سـويف بـدأ مـن الكلـي وهـو المجـال فـرض عليـه أيضـا أن يحـرر صلتـه بمـا قدمتـه
أو الميـدان كمـا يسـميه ،ثـم ارح يسـتقصي حـدود مدرسـة التحليـل النفسـي علـى يـد فرويـد وتلاميـذه
هـذا الميـدان فـي ذاتـه وفـي علاقاتـه .فاختـار الشـعر وأشـهرهم يونـج.
وبنـاء علـى مـا انتهـى إليـه مصطفـى سـويف مـن ميدانـا لعملـه العلمـي واسـتقصى حـدود الشـعر فـي
أن موضوعـه هـو كيـف يبـدع الشـاعر قصيدتـه، ت ارثنـا وفـي تـ ارث غيرنـا مـن الأمـم ،وتعمـق فـي
فـإن الفرويدييـن شـغلهم السـؤال نفسـه ولكـن ليـس هـذا الاسـتقصاء حيـن نظـر إلـى موقـع الشـعر بيـن
فـي الشـعر بـل فـي صورتـه العامـة .ولذلـك أرى الفنون القولية في ت ارثنا ،وموقعه بين الفنون القولية
مصطفـى سـويف أن يوضـح موقفـه العلمـي ممـا المعاصـرة ،وغيرهـا مـن الفنـون .وبعـد أن حـرر
انتهـوا إليـه .بعـد مناقشـة طويلـه لمقولاتهـم عـن ميـدان بحثـه كان عليـه أن ينقـب تنقيبـا مـن نـوع
الشـعور واللاشـعور الفـردي والجمعـي ،وخلـص آخـر وهـو تحريـر الموضـوع مـن بيـن الموضوعـات
119