Page 121 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 121

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬               ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫ويفتـش فـي الكيفيـات العقليـة والوجدانيـة التـي يمـر انتهـى إلـى خلاصـة «أننـا لا نجـد أمامنـا صيغـة‬

‫نظريـة لتحديـد ماهيـة النقـد الأدبـي والفنـي تحديـدا‬     ‫بهـا المبـدع حتـى يسـتوي أمامـه هـذا العمـل‪ .‬وهـذا‬
‫صريحـا يلتقـي عنـده أهـل الاختصـاص‪ .‬ومـع ذلـك‬            ‫اللـون مـن البحـث ليـس مـن عمـل النقـاد ولا اللغوييـن‬
‫فأهـل الاختصـاص يعرفـون أنهـم ‪ -‬علـى تبايـن‬              ‫ولا مؤرخـي الأدب ولا الفلاسـفة ولكنـه مهمـة علميـة‬
‫وجهـات نظرهـم ‪ -‬يمارسـون جنسـا واحـدا مـن‬                ‫مـن مهمـات علمـاء النفـس مثـل مصطفـى سـويف‪.‬‬
‫النشـاط؛ بدليـل أنهـم يطلقـون عليـه اسـما واحـدا هـو‬
                                                         ‫ومن أهم ما انتهى إليه مصطفى سـويف القطيعة‬
                                        ‫النق ـد”‪.‬‬        ‫العلميـة بيـن الفلاسـفة وهـذا اللـون مـن البحـث‪،‬‬
                                                         ‫وكـف الخـوض بـا علـم فـي مسـألة كيفيـات الإبـداع‪.‬‬
‫لذلـك اتجـه إلـى تحديـد مفهـوم للنقـد يمثـل المشـترك‬

‫والتأكيـد علـى أن الشـاعر ‪ -‬وإن كان يتزيـا بقـدر الأعظـم بيـن المفاهيـم التـي قدمهـا أهـل الاختصـاص‬

‫مـن العبقريـة‪ ،‬فإنـه ‪ -‬ذو طبيعـة بشـرية ليـس مفارقـا مـن أجـل أن يحـدد مجـال إفـادة النقـد الأدبـي مـن‬
‫لا لماضيـه ولا لإطـاره الاجتماعـي العـام ولا لإطـاره العلـوم النفسـية‪ .‬هـذا الجـذر المشـترك هـو «تقويـم‬

‫النوعـي الخـاص‪ ،‬وأن إبداعـه ينمـو فـي سـياق مـن الأعمـال الأدبيـة» الـذي يتضمـن ثلاثـة أسـئلة تمثـل‬

‫التناسـق والنظـام‪ ،‬بحيـث يمكـن إخضاعـه للـدرس مجـال النقـد الأدبـي والفنـي‪ ،‬هـي‪ :‬مـاذا فـي العمـل‬

‫الفنـي يؤثـر فينـا هكـذا؟ ومـن أيـن لـه هـذه المـادة‬     ‫العلمـي‪.‬‬

‫المؤثـرة؟ ومـا طبيعـة التأثيـر ومـا مـداه؟ تتنـاول هـذه‬  ‫كمـا درس موضوعـا ذاتيـا مثـل الإلهـام‪ ،‬وأن‬
‫الأسـئلة الأنسـجة التـي يتكـون منهـا العمـل الفنـي‬       ‫للإبـداع شـروطا اجتماعيـة وأن مصطفـى سـويف‬
‫(العناصـر والعلاقـات)‪ .‬فالعناصـر هـي قـوام العمـل‬        ‫‪ -‬بهـذه المتحصـات ‪ -‬سـعى فـي د ارسـات أخـرى‬
‫الأدبـي أو الفنـي‪ ،‬والعلاقـات هـي صـات العمـل‬            ‫إلـى كشـف كيفيـات الإبـداع فـي التصويـر وفـي العلـم‬
‫بحاضـره وماضيـه مـن حيـث تاريخيتـه واجتماعيتـه‪.‬‬          ‫وفـي التـذوق وأكـد أن العلـم والفـن مجـالان غبـر‬

‫متقابليـن للإبـداع وأنهمـا أسـاس التكامـل الاجتماعـي وبنـاء علـى ذلـك أرى أن العلـوم النفسـية درسـت‬

‫للحضـا ارت‪ .‬كل هـذه الاسـتبصا ارت مهـدت الطريـق اللغـة باعتبارهـا نظامـا مـن أنظمـة التواصـل وميـزت‬

‫أمـام النقـد الأدبـي ليفيـد منهـا فـي النظـر إلـى العمـل بينهـا وبيـن اللغـة فـي العمـل الأدبـي‪ ،‬و أرت هـذه‬

‫العلوم أن مشكلة المعنى أعقد مما نتصور؛ ف ارحت‬            ‫الأدبـي‪ .‬وفتـح سـويف بأبحاثـه فـي مجـال الإبـداع‬
‫تفـرق بيـن نوعيـن مـن المعنـى‪ ،‬همـا‪( :‬المعنـى‬            ‫خاصـة بابـا واسـعا أمـام الدارسـين فـي مصـر وغيرهـا‬
‫الإشـاري والمعنـى التوقعـي)‪ .‬وأفاضـت فـي د ارسـة‬         ‫مـن البـاد الذيـن اهتـدوا بمنهجـه فـي د ارسـة الإبـداع‬
‫فـروع المعنـى فـي هذيـن النوعيـن‪ .‬والمعانـي تتجسـد‬       ‫فـي فنـون أخـرى مثـل التصويـر والسـينما والمسـرح‬

‫فـي أصـوات؛ لذلـك اتجهـت الأبحـاث إلـى د ارسـة‬           ‫والروايـة والقصـة القصيـرة‪.‬‬

‫وفـي مجـال الصلـة بيـن النقـد الأدبـي وبحـوث علـم تأثيـر هـذه الأصـوات‪ .‬كمـا توقفـت هـذه العلـوم عنـد‬
                           ‫نفـس الإبـداع والتلقـي‪ ،‬كتـب سـويف بحثـا مهمـا باسـم الصـورة وتشـكيلاتها‪.‬‬

‫«النقـد الأدبـي‪ ..‬مـاذا يمكـن أن يفيـد مـن العلـوم وهـذا البحـث الـذي قدمـه مصطفـى سـويف عـن‬

‫النفسـية الحديثـة؟” فصـول ‪ /‬العـد الأول ‪ /‬مجلـد ‪ /4‬إفـادة النقـد الأدبـي مـن العلـوم النفسـية بحـث مفصـل‬
‫‪1983‬م‪ ،‬بـدأه بسـؤال محـوري هـو مـا النقـد الأدبـي يكفـي أننـا أشـرنا إليـه‪ ،‬ونؤجـل تناولـه كامـا فـي‬

‫والفنـي؟ وبعـد أن قـدم طائفـة مـن المفاهيـم لنقـاد د ارسـة مسـتقلة‪ ،‬ونختـم هـذه الفقـرة مـن د ارسـتنا‬
‫وكتـاب فـي الشـرق والغـرب وفـي القديـم والحديـث بالإشـارة مجـددا إلـى مـا ذكرنـاه وهـو أن مصطفـى‬

‫‪121‬‬
   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126