Page 97 - merit 53
P. 97

‫‪95‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫القصة في تونس‬

‫جحظت عيناي قبل أن أنهي القراءة‪ ،‬فقد كانت‬
‫معلومات مفصلة عن سكنها وعائلتها‪ ،‬عن مدرستها‬
    ‫اللذين اختطفاها‪ ..‬وتفاصيل‬             ‫كواثيسرةم ْأي اخلررىجليو‪..‬ن‬
‫وعادت إلى ذهني أطوار الكابوس‬
‫ا«للوارتقنةسلأْيقارلأا‪« :‬سالم ْيسنا!ئ»‪.‬ق‬  ‫وصوت الفاتنة واض ًحا‪:‬‬
                                          ‫قفزت عيناي مجد ًدا على‬
          ‫يدعى عما ًرا‪ ،‬ومرافقه عبد الجبار”‪.‬‬
‫رفعت رأسي أستنجد بزوجي الذي كان يتقدم‬
    ‫نحوي بهدوء ثم يلتقط بيديه الملفوفتين داخل‬
‫قفازين أسودين كي ًسا بلاستيكيًّا واقترب حتى‬
‫صار على بعد خطوة مني راف ًعا الكيس إلى مستوى‬
                                          ‫رقبتي‪.‬‬
    ‫شهقت وناديته باستغراب‪« :‬عمار!”‬
‫وقعت قبل أن يعصر روحي داخل كيس بلاستيكي‬
‫أسود غير شفاف إلا من الحقيقة أراها جليًّا كما‬
‫تجلت الحروف على الصفحة ما زلت أمسكها بيدي‪.‬‬
‫شعرت باختناق شديد‪ ،‬أنفاسي تكاد تنقطع ولا‬
‫أفلح الإفلات‪ ،‬أنادي مجد ًدا‪ ،‬بصوت أكثر وهنًا‪:‬‬
‫«عمار!» وقبل أن تنفرط حبات العقد الذي كان‬
‫يزين رقبتي‪ ،‬وتتناثر حباته على الأرض‪ ،‬حبات‬
‫مدورة تناثرت على أرضية الغرفة‪ ،‬يهرع عمار‬
‫مسر ًعا‪ ،‬ينكب على تجميعها‪ ،‬حبات بيضاء‬
‫مدورة ما زالت تتقافز بعضها هدأ وآخر‬
‫مستمر في حركات متفاوتة السرعة والنسق‪،‬‬
‫طفق يجمعها ويضعها داخل القنينة عله‬
‫يعفيني من مجهود قد يزيد تعكير حالتي‪،‬‬
‫ونظرات عينيه‪ ،‬في لوم فاضح وشفقة‬
    ‫اعتد ُتها‪ ،‬أكاد أسمعه يؤنبني‪« :‬متى‬
‫تشفين من هذا الداء اللعين؟» ثم قدم لي‬
‫حبة بيضاء واحدة بيد وباليد الأخرى‬
‫كوب ماء‪ ،‬تناولته بيد أكثر ارتعا ًشا‪،‬‬
‫وضعت الحبة على لساني‪ ،‬ثم وقبل‬
‫أن أبتلعها حدقت في عينيه أن؛ «لن‬
‫أستسلم حتى يطيعني مارد الكتابة‬
‫وتلين القصة التي استعصت علي‬
‫وتمنعت»‪ ،‬ثم انسحبت واختبأت بين‬
‫أكوام البطانيات على السرير‪ ،‬وأنا أتوعد‬
‫شخوصي أن تلين هي الأخرى وأن‬
‫تكف عن مراوغتي فتنصاع‪ ،‬أما قصتي‬
‫العصية‪ ،‬فسأراوغها بأكثر مكر حتى‬
    ‫تلين وأكتبها‪.‬‬
   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102