Page 21 - الأخلاق-الخير-والسعادة
P. 21
اﻷﺳﺗﺎذ :ﻋﺑداﻟﺻﻣدﺣﻣدي
ﻋﺎ ّﻣﺔ داﺧل ﻣﺻﻠﺣﺗﮫ ذاﺗﮭﺎ ،ھو ﻣﺎ ﯾﺣول دون ﺗﺻ ّدع اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟواﺣد،
ودون ﺗﺻﺎدم اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻊ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺧﺎ ّﺻﺔ طﺎﻟﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﺗﺗﺣﻘﻖ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻛﺎﻣل
اﻟﻘﺎﺋم ﺑﯾﻧﮭﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ ،ﻛﻣﺎ ﺗﺣول دون ﺗﺻﺎدم اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﺎ .وإذا ﻛﻧﺎ وﻓﻖ ھذا
اﻟﻣذھب اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻧﻔﻌﻲ ﻧﻘﻊ داﺋﻣﺎ ﺗﺣت ﺳﯾطرة ﺳﯾّدﯾن ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﯾن ھﻣﺎ :اﻟﻠذة واﻷﻟم ،ﻓﺈﻧﮫ ﻣن
واﺟﺑﻧﺎ داﺋﻣﺎ أن ﻧﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ ﻟذﺗﻧﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑّر ﻋن ﻣﺻﻠﺣﺗﻧﺎ ﺿﻣن اﻟﻠذة اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ اﻟﺗﻲ
ﯾﺳﺗﺻﯾﻐﮭﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻻ ﺗﻛون ﻣﻧﺎﻗﺿﺔ أو ﻣﺗﻌﺎرﺿﺔ ﻣﻊ ﻣﺻﻠﺣﺔ أﻓراده اﻵﺧرﯾن .وذﻟك ھو
ﻣﺎ ﯾُﺑﻌدﻧﺎ ﻋن اﻷﻟم وﯾﺣررﻧﺎ ﻣن وﻗﻌﮫ .وھﻛذا ،ﻓﺈن اﻷﺧﻼق اﻟﻧﻔﻌﯾّﺔ ﻻ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺑدإ اﻷﻧﺎﻧﯾﺔ
ﻷن ﻣﺛﻠﮭﺎ اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﺗوﺟﮭﮭﺎ ھو ﺗﺣﻘﯾﻖ ﻗدر أﻛﺑر ﻣن اﻟﺳﻌﺎدة ﻟﻘدر أﻛﺑر ﻣن اﻟﻧﺎس.
وﻟﻛن ،وﺑﻌد ﻛ ّل ھذه اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﺳﻌﺎدة ،وﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ وﻋﻼﻗﺗﮭﻣﺎ
ﺑﺎﻟﺧﯾر اﻟذي ﻧﻧﺷده وﺗﺧﺗﻠف وﺟﮭﺎت اﻟﻧظر ﺣوﻟﮫ ،ھل ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﻌﺗﺑراﻟﺳﻌﺎدة ﻣطﻠب ﻗﺎﺑل
ﻟﻠﺗﺣﻘﻖ؟ .وھل أﻧّﮫ ﻓﻲ وﺳﻌﻧﺎ أن ﻧﺿﺑط ﻟﮭﺎ ﻣﺟﺎﻻ واﺣدا وﻧﺣ ّدد ﻟﮭﺎ ﺷروطﺎ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﺗﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣن
اﻟظﻔر ﺑﮭﺎ واﻟﺗﻣﺎﺛل ﺑﻣﺿﺎﻣﯾﻧﮭﺎ؟ .أﻻ ﯾُﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﻌﺗﺑرھﺎ ﻣﺟ ّرد ھﺎﺟس ﻣﺗﻠ ّون ﺑﺣﯾﺛﯾﺎت ﺣﺎﺟﺎﺗﻧﺎ
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وأﺷﻛﺎل اﻟﺣرﻣﺎن اﻟﺗﻲ ﺗوﻟد داﺧﻠﻧﺎ ﺷﻌورا ﺑﺎﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﻟذّة أو أﻣر ﻣﺎ ﺻﺎر ﻣﻧﺎﻟﮫ
ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ ،ﯾُﺷﻌرﻧﺎ ﺑﺎﻷﻟم وﻧﻌﺗﻘد ﻓﻲ ﻛﻣﺎﻟﮫ؟.
5
ﺗﺗﺧذ اﻟﺳﻌﺎدة أﺷﻛﺎﻻ وﻣﺿﺎﻣﯾن ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وﺗﻠﺗﺑس دﻻﻟﺗﮭﺎ ﺑﻣﻌﺎﻧﻲ ﺷﺗ ّﻰ ،ﻓﺗﺗﻣﺎﺛل ﻣﻊ اﻟواﺟب
اﻷﺧﻼﻗﻲ ﺣﯾﻧﺎ وﺗﺗﺣ ّدد ﺑﻣﻌزل ﻋﻧﮫ ﺣﯾﻧﺎ آﺧر .وﺗﺑدو ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻐُﻧم واﻟﺗﺣﻘﻖ ﻓﻲ ﺑﻌض
اﻟﺗﺻ ّورات وﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ اﻟﻣﻧﺎل ﻓﻲ ﺗﺻ ّورات أﺧرى .وھو ﻣﺎ ﯾﺻﺑﻐﮭﺎ ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾّﺔ،
وﯾﺣ ّوﻟﮭﺎ ﻣن ﻣﻧزﻟﺔ اﻟﻣطﻠب اﻟﻣﺗﻌﯾّن ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ وﻣﺟﺎل واﺿﺢ ،إﻟﻰ ﻣﺷﻛل ﯾﻠﺗﺑس ﺑدﻻﻻت
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .وﻟﻌ ّل ذﻟك ﻻ ﯾﻌود إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺳﻌﺎدة ﻓﻲ ﺣ ّد ذاﺗﮭﺎ ،ﺑل ﯾﻌود إﻟﻰ ﻛﯾﻔﯾّﺔ ﺗﻣﺛﻠﻧﺎ ﻧﺣن
ﻟﮭﺎ وطﺑﯾﻌﺔ اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﻧﺗﻣﺛﻠﮭﺎ ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﺑﻠﻐﮭﺎ .ﺑل إن ،اﻹﻋﺗﺑﺎرات اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل
ﻣن اﻟﺳﻌﺎدة ھدﻓﺎ وﻏﺎﯾﺔ وﻣطﻠﺑﺎ ،ﯾﺿﻔﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ طﺎﺑﻌﺎ ﺟوھراﻧﯾّﺎ ﻧﺣﺗﺎج أن ﻧدرك وھﻣﯾﺗﮫ
وﻧﺗﺧﻠص ﻣن ﺗﻣﺛﻠﻧﺎ اﻟﺧﺎطﻲء ﻟﮫ.
ﯾﻘول "ﺳﯾﻐﻣوﻧد ﻓروﯾد" ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﮫ "ﻗﻠﻖ ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرة" " :ﻣﺎ اﻟﻣﻘﺻد واﻟﻣراﻣﻲ اﻟﺣﯾوﯾّﺔ اﻟﺗﻲ
ﯾﻧ ّم ﻋﻧﮭﺎ اﻟﺑﺷر ﺑﺳﻠوﻛﮭم؟ .ﻣﺎذا ﯾطﻠﺑون ﻣن اﻟﺣﯾﺎة وإﻻم ﯾرﻣون؟ .ﻟﯾس ﺛ ّﻣﺔ ﻣن اﺣﺗﻣﺎل ﻟﻠﺧطﺈ
ﻟو اﺟﺑﻧﺎ ﺑﺎﻟﻘول :إﻧﮭم ﯾرﻣون إﻟﻰ اﻟﺳﻌﺎدة :اﻟﻧﺎس ﯾرﯾدون أن ﯾﻛوﻧوا ﺳﻌداء وأن ﯾﺑﻘوا ﻛذﻟك.
وﻟﮭذا اﻟطﻣوح وﺟﮭﺎن ،ھدف ﺳﻠﺑ ّﻲ وھدف إﯾﺟﺎﺑ ّﻲ :ﻣن ﺟﮭﺔ ﺗﺟﻧب اﻷﻟم وﺗﺣﺎﺷﻲ اﻷذى،
وﻣن اﻟﺟﮭﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻧﺷدان ﻣﺗﻊ وﻣﻠذات ﻋﺎرﻣﺔ .وﺑﻣﻌﻧﻰ أﺿﯾﻖ ،ﯾﺷﯾر ﻣﺻطﻠﺢ "اﻟﺳﻌﺎدة" إﻟﻰ
-ص – 20