Page 18 - الأخلاق-الخير-والسعادة
P. 18
اﻷﺳﺗﺎذ :ﻋﺑداﻟﺻﻣدﺣﻣدي
ﺑﻣﻌﻧﻰ ،أن اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﻔوﻗﯾّﺔ ﻟﮭﺎ أﺧﻼﻗﮭﺎ اﻟﺧﺎ ّﺻﺔ ،ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻛﺎﻟطﺑﻘﺎت اﻟﺗﺣﺗﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﮭﺎ ھﻲ
اﻷﺧرى أﺧﻼﻗﮭﺎ اﻟﺧﺎ ّﺻﺔ .وﻟﻛل ﻣﻧظوﻣﺔ أﺧﻼﻗﯾّﺔ ﺿواﺑطﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺧ ّﺻﮭﺎ وﺗﻧﺳﺟم ﻣﻌﮭﺎ
وﺗﺗﻧﺎﻗض ﻣﻊ اﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ اﻟطﺑﻘﯾّﺔ اﻟﻣﻧﺎﻗﺿﺔ ﻟﮭﺎ .إذ أن ﻋﺑﺎرة "ﻻ ﺗﺳرق" ﻣﺛﻼ ،ھﻲ
ﻣوﻋظﺔ أﺧﻼﻗﯾّﺔ ﺗﻌﺑّر ﻋن ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺑرﺟوازﯾﯾن وﻻ ﺗﻌﺑّر ﻋن ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻔﻘراء اﻟﻣﻌدﻣﯾن اﻟذﯾن
ﯾﺟدون أﻧﻔﺳﮭم ﺑﺣﻛم اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻣدﻓوﻋﯾن أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻛﺛﯾرة ﻻرﺗﻛﺎب ﺑﻌض اﻟﺳرﻗﺎت ﻛﻣﺎ ھو ﺣﺎل
"ﺟون ﻓﺎﻟﺟون" ﻓﻲ ﻛﺗﺎب "اﻟﺑؤﺳﺎء" "ﻟﻔﯾﻛﺗور ھﯾﻘو" ،اﻟذي اﺿط ّر ﺗﺣت ﻗﮭر اﻟﺟوع ﻟﺳرﻗﺔ
ﺧﺑزة ﻓ ُﺣوﻛم ﻣن طرف اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﺑرﺟوازﯾّﺔ آﻧذاك ،ﻛﻣﺟرم وﻟ ّص ﺧطﯾر .ﻟذﻟك،
ﺗﺻ ّرح اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾّﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺳﺎن "إﻧﻘﻠز"" :ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ أُزﯾﻠت ﻣﻧﮫ دواﻓﻊ اﻟﺳرﻗﺔ ،ﻟن ﯾرﺗﻛب
اﻟﺳرﻗﺎت ﻣﻊ ﻣرور اﻟزﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﺟﺎﻧﯾن" .وﺗؤﻛد اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ أن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺣدﯾث ،اﻟذي ﯾﺗّﺳم
ﺑﺛﻼث طﺑﻘﺎت ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ وھﻲ :اﻷرﺳﺗﻘراطﯾﺔ اﻹﻗطﺎﻋﯾّﺔ ،واﻟﺑورﺟوازﯾّﺔ ،واﻟﺑﻠورﯾﺗﺎرﯾﺎ ،ﯾﺿ ّم
داﺧﻠﮫ أﻧﻣﺎطﺎ أﺧﻼﻗﯾّﺔ ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ وأﻧﻣﺎط اﻟﺳﻌﺎدات واﻟﺗﺻ ّورات اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ ،ﻛل
ﻧﻣط ﯾﺧ ّص طﺑﻘﺔ ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ وﯾرﺗﮭن إﻟﻰ ظروف ﻣﺎدﯾّﺔ ﺣﺗﻣت وﺟوده ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻧﺣو اﻟذي ھو
ﻋﻠﯾﮫ .وﺣﯾﻧﺋذ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺗﺣ ّدث ﻋن أﺧﻼق واﺣدة ﻣﺗﺟﺎﻧﺳﺔ وﻧﻣط واﺣد ﻣن اﻟﺳﻌﺎدة،
أو ﻗﺎﻋدة أﺧﻼﻗﯾّﺔ ﯾﻌﺑّر ﻋﻧﮭﺎ واﺟب ﺛﺎﺑت وﻣطﻠﻖ ﻟدى اﻟﺟﻣﯾﻊ .إن ذﻟك ﻟن ﯾﻛون ﻣﻣﻛﻧﺎ ،إﻻ
ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗﺧﺗﻔﻲ ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ أﺳﺑﺎب اﻟﺻراع اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺣور ﺣول اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎ ّﺻﺔ .وﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗﺧﺗﻔﻲ
اﻟﻣﻠﻛﯾّﺔ اﻟﺧﺎ ّﺻﺔ ،وﺗﺧﺗﻔﻲ ﻣﻌﮭﺎ أﺷﻛﺎل اﻟﺻراع اﻟطﺑﻘﻲ دون رﺟﻌﺔ ﻻﻧﺗﻔﺎء ﺷروطﮭﺎ ،ﯾﺻﯾر
ﻣن اﻟﻣﻣﻛن اﻟﺣدﯾث ﻋن ﺳﻌﺎدة ﻣﺗﻣﺎﺛﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﺟﻣﯾﻊ .ﯾﻘول "ﻣﺎرﻛس"" :وﻟن ﯾﺻﺑﺢ ﻣﻣﻛﻧﺎ
وﺟود أﺧﻼق إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺣﻘﺎ ،ﻣوﺿوﻋﺔ ﻓوق اﻟﺗﻌﺎرﺿﺎت اﻟطﺑﻘﯾّﺔ وذﻛراھﺎ ،إﻻ ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى
ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ ﻻ ﯾﻛون ﻗد ﺗ ّم ﻓﯾﮫ ﻓﻘط اﻟﺗﻐﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎرض اﻟطﺑﻘﻲ ،ﺑل ﯾﻛون ﻗد ﻧﺳﻲ ﻓﯾﮫ أﯾﺿﺎ
ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﯾوﻣ ّﯾﺔ ،ﻣﺎذا ﻛﺎن ھذا اﻟﺗﻌﺎرض".
واﻧطﻼﻗﺎ ﻣ ّﻣﺎ ﺗﻘ ّدم ،ﯾُﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺳﺗﺧﻠص أن ﻣﺻدر اﻷﺧﻼق ﺣﺳب "ﻣﺎرﻛس" ھو اﻟﺗﺎرﯾﺦ
واﻟﺻراع اﻟطﺑﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت .وأﻧﮫ ﻣن ﻋدم اﻟواﻗﻌﯾّﺔ واﻟﻣوﺿوﻋﯾّﺔ ،أن ﻧﺗﺣ ّدث ﻋن
أﺧﻼق ُﻣطﻠﻘﺔ وﺛﺎﺑﺗﺔ وﻧﮭﺎﺋﯾّﺔ .ﻛﻣﺎ أن اﻟﺳﻌﺎدة ﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﺗﺻﺑﺢ ﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﺎ ﺗﺄﻣﻠﮫ ﻛل
طﺑﻘﺔ ،ﺑل ﻛل ﺷﺧص ﺿﻣن طﺑﻘﺔ ﻣﻌﯾّﻧﺔ ﯾﻧ ُﺷد ﺣﺎﺟﺎﺗﮫ اﻟﻣﺎدﯾّﺔ وﯾُﻌﺑّر ﻋن ﻣﺻﺎﻟﺣﮫ ﻟﯾﺣﻘﻖ
ﻏﺑطﺗﮫ وﺧﯾره اﻷﺳﻣﻰ اﻟﻣﺄﻣول .وھﻛذا ،ﻓﺈن اﻟﺳﻌﺎدة ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟواﻗﻊ اﻟﻣﺎدي اﻟطﺑﻘﻲ ،وﺑﻌواﻣل
اﻟﺗﻧﺎﻗض اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻓﺗﻛون ﻣﺗﻌ ّددة وﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ﺑﺗﻌ ّدد وﺗﻧﺎﻗض اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ واﻟوﺿﻌﯾﺎت اﻟطﺑﻘﯾّﺔ،
وﻣﺎ ﺗﻔرزه ﺗﻠك اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت اﻟواﻗﻌﯾّﺔ ﻣن ﺗﻧﺎﻗﺿﺎت ﻣﺿﺎﻣﯾن اﻷﺧﻼق واﻟﺳﻌﺎدة.
*** وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻛﺎﻧطﯾّﺔ واﻟﻣﺎرﻛﺳﯾّﺔ ﻓﻲ ﻛﺷﻔﮭﻣﺎ ﻋن ﻋدم اﻧﺳﺟﺎم اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻣﻊ
اﻟﺳﻌﺎدة ،ﻓﺈن "ﻧﯾﺗﺷﺔ" ﯾﻘ ّدم ﺗﺻ ّورا ﻓرﯾدا ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻋﻣﻠﮫ اﻟﺟﻧﯾﺎﻟوﺟﻲ
-ص - 16