Page 20 - الأخلاق-الخير-والسعادة
P. 20
اﻷﺳﺗﺎذ:ﻋﺑد اﻟﺻﻣدﺣﻣدي
ھذا ،ﻣﻌرﻓﺔ ظروف ﻧﺷﺄﺗﮭﺎ وﻣﻼﺑﺳﺎﺗﮭﺎ ،وظروف ﻧﻣ ّوھﺎ وﻣﻼﺑﺳﺎﺗﮫ ،وظروف ﺗط ّورھﺎ
وﻣﻼﺑﺳﺎﺗﮫ :اﻷﺧﻼق ﻣن ﺣﯾث ھﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ ،اﻷﺧﻼق ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ أﻋراﺿﺎ ،وﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻗﻧﺎﻋﺎ،
وﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻧﻔﺎﻗﺎ ،وﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻣرﺿﺎ ،وﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺳوء ﺗﻔﺎھم .وﻟﻛن ،أﯾﺿﺎ اﻷﺧﻼق ﺑﻣﺎ ھﻲ
ﺳﺑب أو دواء ،أو دواﻓﻊ أو ﻋراﻗﯾل" .وﻋودة "ﻧﯾﺗﺷﺔ" اﻟﺟﯾﻧﯾﺎﻟوﺟﯾّﺔ ﺳﺗﺟﻌﻠﮫ ﯾﻧﺗﮭﻲ إﻟﻰ أن ﻛل
اﻟﻘﯾم اﻟﺗﻲ ﺗﻌود ﻓﻲ أﺻوﻟﮭﺎ إﻟﻰ ﻗﯾﻣﺗﻲ "اﻟﺧﯾر" و"اﻟﺷر" ﻗﯾم زاﺋﻔﺔ ،ﺻﺎﻏﮭﺎ اﻟﻌﻘل اﻟﻘدﯾم
وو ّرطﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﯾﮭﺎ وإﺣﺎﻻﺗﮭﺎ .وﻟﻌﻠﻧﺎ ﻧﺗﻔﻖ ﻣﻌﮫ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻻﻧﻌﺛر ﻋن ﺧﯾر ﻓﻲ ذاﺗﮫ أو ﺷر
ﻓﻲ ذاﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺑدء .وإذا ﻛﺎن اﻟﻌﻘل ﻣﻠﻛﺔ ﻟﻸﻛﺎذﯾب واﻷﺑﺎطﯾل ،ﻛﺎن ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺑﺣث ﻋن
ﻣﺻدر ﺟدﯾد ﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻘﯾم .وذﻟك اﻟﻣﺻدر اﻟذي ﺳﯾﻧﺗﺑﮫ إﻟﯾﮫ "ﻧﯾﺗﺷﺔ" وﯾؤ ّﻛده ھو "إرادة اﻟﻘوة"
اﻟﺗﻲ ﻟدﯾﻧﺎ ،واﻟﺗﻲ "ھﻲ إرادة ﺣﯾوﯾّﺔ" ﻣﺗدﻓﻘﺔ ﺑﻐراﺋز ﺣ ّب اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣرح .وﺗﻠك اﻹرادة ھﻲ
اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑّر ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻋن إﻗﺑﺎﻟﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﯾﺎة ورﻓﺿﻧﺎ ﻟﻺﺳﺗﻛﺎﻧﺔ واﻹﻧﺛﻧﺎء واﻟﻣوت .وﻣن ﺛ ّﻣﺔ ﯾﺻﯾر
ﻣن واﺟﺑﻧﺎ اﻟذي ﺗﻘﺗﺿﯾﮫ ﺣرﯾﺗﻧﺎ وﺣﺑّﻧﺎ ﻟﻠﺣﯾﺎة ،أن ﻧﺧﻠﻖ ﻗﯾﻣﻧﺎ اﻟﺑﺎﻋﺛﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﯾﺎة واﻟﺣرﯾّﺔ
واﻟﻘ ّوة ﺧﻠﻘﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻹﺑداع .ذﻟك أن اﻹﺑداع ھو ﺗﺟﺳﯾم إرادة اﻟﻘ ّوة اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑّر ﻋن اﻟﻐراﺋز.
وھﻲ ﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻏراﺋز اﻟﺣﯾﺎة واﻟﺟﺳد .وأھﻣﮭﺎ وأﻋظﻣﮭﺎ ھﻲ ﻏرﯾزة اﻟﻘوة واﻟﮭﯾﻣﻧﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺳﺗﻘدم ﻟﻧﺎ اﻟﺳﻌﺎدة واﻹﻧﺗﺷﺎء ﻓﺗﻛون ﻣﻌﺑّرة ﻋن ﺟوھرﻧﺎ ﻓﻲ ﻧﻘﺎﺋﮫ.
*** واﻷﺧﻼق اﻟﻧﻔﻌﯾّﺔ )اﻟﺗﻲ أھم روادھﺎ "ﺟﯾرﯾﻣﻲ ﺑﻧﺗﺎم" و"ﺟون ﺳﺗﯾوارت ﻣﯾل"( ،ھﻲ
اﻷﺧرى ﻻ ﺗﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدإ اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻛﻣﺻدر ﺛﺎﺑت وﻣﺣ ّدد ﺑﺷﻛل ﻣﺳﺑﻖ وﻣﺗﻌﺎل ﻋن
أﻓﻌﺎﻟﻧﺎ وﻣﻼﺑﺳﺎت واﻗﻌﻧﺎ ﻛﻣﺎ ﻧﻌﯾﺷﮫ ،وﻻ ﺗﺳﻠم ﺑﺄن اﻟﺳﻌﺎدة ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺑﻠوﻏﮭﺎ ﺑﻣﻌزل ﻋن ذﻟك
اﻟواﻗﻊ ،ﺑل إﻧﮭﺎ ﺗﺻ ّور ﻓﻲ اﻷﺧﻼق ﯾﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أﺳﺎﺳ ّﻲ ﻟﻠﺑﻌد اﻟﻣﺻﻠﺣﻲ ﻟﻸﻓراد
واﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ،وأن ﺳﻌﺎدة اﻷﻏﻠﺑﯾﺔ ﻻ ﺗﺗﺣﻘﻖ إﻻ ﻋن طرﯾﻖ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﺑﯾن ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻔرد
وﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﮭﻲ ﺗﺻ ّور ﯾﻧﻔﻲ أن ﯾﻛون اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗ ّﻲ اﻟﻣﺟ ّرد ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ
ﺗﺣﻘﯾﻖ ﺧﯾرﻧﺎ وﺳﻌﺎدﺗﻧﺎ .وھو ﯾﻧﻔﻲ ﻛذﻟك ،ﻛل إﻧﻛﺎر ﻟواﻗﻌﯾّﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﺳواء أﻛﺎﻧت ﺷﺧﺻﯾّﺔ
ﻓردﯾّﺔ أو ﻋﺎ ّﻣﺔ إﺟﺗﻣﺎﻋ ّﯾﺔ .واﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ذﻟك ،ﻓﺎﻟﻧﻔﻌﯾّﺔ ﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﺧﺗزاﻟﮭﺎ ﻓﻲ
اﻟﻣﺻﻠﺣﯾّﺔ اﻟﺿﯾﻘﺔ واﻟﻣﺣدودة ،ﺑل ﯾﺟب إدراك دﻻﻟﺗﮭﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣرص وﻓﻘﺎ ﻟﮭﺎ ﻋﻠﻰ
ﺿﺑط ﺗﻛﺎﻣل ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻷﻓراد ﻣﻊ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﮭم ،ﺣﺗﻰ ﯾﺗ ّم اﺳﺗﺷﻌﺎر ﺣﺎﻟﺔ اﻟرﺿﺎء ﺑﻣﺎ ھﻲ ﻧﻣط
ﻣن أﻧﻣﺎط اﻟﺳﻌﺎدة اﻟﻣطﻠوﺑﺔ .ﯾﻘول "ﺟون ﺳﺗﯾوارت ﻣﯾل"" :إن ﻣﺎ ھو أﺧﻼﻗﻲ ھو ﻣﺎ ﺳﯾﻛون
ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ ﻣﻘﺗﺻرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟوﺟداﻧﯾّﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻣﺎ ﯾُطﯾﻊ أواﻣرھﺎ وﯾﺳﺗﺟﯾب
ﻟﻧداﺋﮭﺎ .إذ أن اﻹﺣﺳﺎس اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﺳﯾدﻓﻌﻧﺎ ﺑدون اﺳﺗﺛﻧﺎء إﻟﻰ اﻹﻋﺗراض ﻋﻠﻰ ﻛل ﺗﺻ ّرف
ﻟﻠﻐﯾر ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻟﮫ وﻗﻊ ﺳ ّﻲء ﻋﻠﯾﻧﺎ .ﻟﻛن ﺣﯾن ﯾﺗﺧذ طﺎﺑﻌﺎ أﺧﻼﻗﯾّﺎ ﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر اﻹﺣﺳﺎس
اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺗﺻ ّرف ﻓﻲ اﺗﺟﺎه ﻣطﺎﺑﻖ ﻟﻠﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ﻻﻏﯾر" .ﻓﮭذه اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟوﺟداﻧ ّﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑّر ﻋن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن اﻟﻔرد ﺑﻣﺻﺎﻟﺣﮫ ﻣﻊ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻣﺎ ﯾﻌﺑّر ﻋﻧﮫ ﻣن ﻣﺻﻠﺣــــــــﺔ
-ص - 19