Page 19 - الدولة
P. 19
ﻛل ﻣواطن ﯾﺣﻣل اﻧﺗﻣﺎء وﺟﻧﺳﯾّﺔ إﻟﻰ دوﻟﺔ ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ ذات ﺳﯾﺎدة ،وﺗؤﻣن ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ
ﺑﻌدھﺎ اﻟﻛوﻧﻲ اﻟﺷﻣوﻟﻲ .ﻓﺗﺻﺑﺢ اﻟﻣواطﻧﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻣﻧﺑﺛﻘﺔ ﻋن اﻟﺳﯾﺎدﺗﯾن اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺗﯾن :ﺳﯾﺎدة
اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺳب إﻟﯾﮭﺎ وﺳﯾﺎدة اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻔدراﻟﻲ .ﯾﻘول "ھﺎﺑرﻣﺎس"" :إذا ﻣﺎ اﻋﺗﺑرﻧﺎ ﺣدود
ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﺳﯾﺎدة ﻻ ﺗُﻘﮭر ،ﺗﺻ ّور "ﻛﺎﻧط" أن اﺗﺣﺎد اﻟﻣواطﻧﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﺑﻣﺎ ھﻲ
ﻓﯾدراﻟﯾﺔ دول وﻟﯾس ﺑﻣﺎھﻲ ﻓﯾدراﻟﯾﺔ ﻣواطﻧﯾن ﻋﺎﻟﻣﯾﯾن .ﻟﻘد ﻛﺎن ﺑﻘوﻟﮫ ھذا ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺎ ﺑﺣﯾث أﻧﮫ
ﯾُرﺟﻊ دوﻟﺔ اﻟﺣﻖ وﻟﯾس دوﻟﺔ ﺿﻣن دوﻟﯾّﺔ .وﻏﻠﻰ اﻟﺣﻖ اﻟﺷﺧﺻﻲ اﻟذي ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻛل ﺷﺧص
اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﮫ ﺑﻣﺎ ھو ﻛﺎﺋن إﻧﺳﺎﻧﻲ".
وھﻛذا ﻓﺎﻟﻣواطﻧﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻣواطﻧﺔ ﻣرﻛﺑﺔ ﺗﻔﺗرض ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻛﻘﺎﻋدة
ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ،وﻣواطﻧﺔ ذات ﺳﯾﺎدة ﻓﻲ دوﻟﺔ دﯾﻣﻘراطﯾﺔ ذات ﺳﯾﺎدة أﯾﺿﺎ ﻓﻲ إطﺎر ﻓدراﻟﯾّﺔ
ﻣﻧﺧرطﺔ ﺿﻣن ﺑﻘﯾﺔ ﻓدراﻟﯾﺎت اﻟﻌﺎﻟم اﻟواﺣد .وھو ﻣﺎ ﯾﺗﻔﻖ ﻓﯾﮫ "ھﺎﺑرﻣﺎس" ﻣﻊ "إﺗﯾﺎن ﻧﺎﺳﺎن"
اﻟﺗﻲ ﺗﻘول ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﮭﺎ "ﻣﺎ اﻟذات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ؟"" :أن ﯾﻛون اﻟﻣرء ﻣواطﻧﺎ ﻋﺎﻟﻣﯾﺎ ،ﻟﯾس ﻣﻌﻧﺎه أن
ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ – إﻟﻰ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑﻼ ﺟﻧﺳﯾﺔ -...ﺑل ﻣﻌﻧﺎه أن ﯾﺗﻔﻛر اﻧﺧراطﮫ اﻟﺧﺎص
ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺔ أو ﺟﻣﺎﻋﺎت ﻣﺣدودة وﻓﻲ اﻧﺗﻣﺎﺋﮫ اﻟﺧﺎص إﻟﯾﮭﺎ .ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ذﻟك ﺿﻣن أﻓﻖ
اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺷﺗرك" .وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺷﻛل ﻣن اﻟﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن اﻟﻣﺣﻠﻲ واﻟﻔﯾدراﻟﻲ واﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻋﻠﻰ أﺳس
اﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ،ﺗﺑدو اﻟﻣواطﻧﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻣﺷروﻋﺎ ﺟدﯾرا ﺑﺄن ﻧﺄﻣل ﻓﻲ ﺗﺣﻘﻘﮫ.
وﻟﻛن ﻣﻌ ّوﻗﺎت ھذا اﻟﺗﺣﻘﻖ ﺗﺑدو ﻣﻛﺛﻔﺔ وﻣﺗزاﯾدة ﺑﺎﺳﺗﻣرار ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻘوة اﻟﻐﺎﻟﺑﺔ دوﻣﺎ ﻋﻠﻰ
ﺗوﺟﯾﮫ ھذا اﻟﻣﺷروع ﻟﯾﺳت ﻗوة اﻟﺣﻖ ﻛﻣﺎ ﻧﻌﻠم ،ﺑل ھو ﺣﻖ ﻗوة اﻟﺗﺣﻛم اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﻛرھﺎ اﻟﺟﮭﺎت
اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻧﺎﻓذة إﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ وﻟﯾﺳت دول اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻘﺎﺳم اﻟﻣﺿﺎﻣﯾن اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺟﺎﻧس
ﻣﺿﺎﻣﯾﻧﮭﺎ وﻗﯾﻣﮭﺎ .وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣن اﻹﻧﺳﺎن ﯾدرك ﯾوﻣﺎ ﺑﻌد ﯾوم ،أن ﺳﯾﺎدﺗﮫ ﺗﺻطدم
ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﺑﺎﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﺣ ّد ذاﺗﮭﺎ ﻛﺈطﺎر ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻣراﺟﻌﺔ ﻧﻘدﯾﺔ .ﻓﮭل أﻧﮫ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻧﺎ أن ﻧﻔﻛر ﻓﻲ
ﺑدﯾل ﻋن اﻟدوﻟﺔ ﻟﺗﺄﺳﯾس إطﺎر أﻣﺛل ﺟدﯾرا ﺑﺎﻟﻣراھﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺟدوى ﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠﮫ ﻣن آﻓﺎق؟.
*** -5ﻓﻲ ﻣﺟﺎوزة ﻓﻛرة اﻟدوﻟﺔ وﺗﺄﺳﯾس اﻹﺟﺗﻣﺎع اﻟﺑﺷري ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘﺎﺑل ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎدة
واﻟﻣواطﻧﺔ:
ﯾﻌﯾش اﻹﻧﺳﺎن اﻟﯾوم أﺷﻛﺎﻻ ﻣن اﻟﺻراع ﻋﻠﻰ ﺟﮭﺎت ﻣﺣﺗﻠﻔﺔ :ﺻراع ﻣﻊ ﺳﯾﺎدة ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
ﺗﺣﺎول أن ﺗﻔرض ﻧﻔﺳﮭﺎ ﺑﻛل اﻟطرق اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ ﻋﺑر اﻹﺳﺗﺑداد ،واﺳﺗﺧدام اﻟﺳﻼح،
وﻋﺑراﻷﺣزاب اﻟﻛﻠﯾﺎﻧﯾﺔ واﻟﻔﺎﺷﯾّﺔ .وﻣواطﻧﺔ ﺗﺻﺎرع ﻷﺟل ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﻔرداﻧﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ،ﺣﺗﻰ أن
"آﻻن ﺗوران" ﯾﻘول" :إن اﻟﻌدد اﻷﻛﺑر ﻣن اﻟﻧﺎس ﺑﺎت ﻻ ﯾﺗﻣﻧﻰ ﺗﻌﻔن اﻟدوﻟﺔ ﻓﺣﺳب ﺑل
ﯾﺗﺟﺎوز ذﻟك إﻟﻰ ﺗﻣﻧﻲ ﺗﻌﻔن اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ وﯾﺿﻊ ﻛﺎﻣل ﺛﻘﺗﮫ ﻓﻲ اﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳوق" .وھذا
اﻟﻧزوع ﻧﺣو اﻟﺗظﻧن اﻟﻣﺗزاﯾد ﻋﻠﻰ ﺟدوى اﻟدوﻟﺔ ،ﻣﺄﺗﺎه ﻋﺟز ھذا اﻟﻛﯾﺎن اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺳﯾد
ﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠﮫ اﻟﻣواطن ﻣن رھﺎﻧﺎت .إذ ھل ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻣراھﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ ﺗﻧﺑﻊ ﻣن اﻟدوﻟﺔ ﻟﺗﺧـــــــدم
-ص - 17