Page 14 - الدولة
P. 14
ﻛﻣواطن .أ ّﻣﺎ اﻟﻣواطن ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮫ ﺑﺎﻟﺣﻛﺎم ﻓﻲ اﻟ ّدوﻟﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾّﺔ ،ﻓﮭو اﻟذي ﯾُﻧﻔذ أواﻣر
اﻟﺣﺎﻛم ﻟﯾﺣﻘﻖ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ﻓﯾﺿﻣن ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﺣﻘوﻗﮫ ﻣن ﺣﯾث ھو ﻣواطن .وﻟﻣزﯾد
ﺗﻌﻣﯾﻖ أھﻣﯾّﺔ ﺳﯾﺎدة اﻟﻌﻘل اﻟﺗﻲ ﺗﺗوزع ﻓواﺋدھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﯾﺻ ّرح "ﺳﺑﯾﻧوزا" ﻓﻲ "رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ
اﻟﻼھوت واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ"" :إن اﻟﻧﺎس ﯾﻌﯾﺷون ﻓﻲ ﺷﻘﺎء ﻋظﯾم إذا ﻟم ﯾﺗﻌﺎوﻧوا وﯾظﻠون ﻋﺑﯾدا
ﻟﺿرورات اﻟﺣﯾﺎة إن ﻟم ﯾﻧ ّﻣوا ﻋﻘوﻟﮭم .وﻣن ﺛ ّﻣﺔ ﯾظﮭر ﻟﻧﺎ ﺑوﺿوح ﺗﺎ ّم ،أﻧﮫ ﻟﻛﻲ ﯾﻌﯾش اﻟﻧﺎس
ﻓﻲ أﻣﺎن وﻋﻠﻰ أﻓﺿل ﻧﺣو ﻣﻣﻛن ،ﻛﺎن ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﯾﮭم أن ﯾﺳﻌوا إﻟﻰ اﻟﺗو ّﺣد ﻓﻲ ﻧظﺎم واﺣد،
وﻛﺎن ن ﻧﺗﯾﺟﺔ ذﻟك ،أن اﻟﺣﻖ اﻟذي ﻛﺎن ﻟدى ﻛل ﻣﻧﮭم ﺑﺣﻛم اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﯾﺎء ﺟﻣﯾﻌﺎ،
أﺻﺑﺢ ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،وﻟم ﺗﻌد ﺗﺗﺣﻛم ﻓﯾﮫ ﻗ ّوﺗﮫ أو ﺷﮭوﺗﮫ ،ﺑل ﻗ ّوة اﻟﺟﻣﯾﻊ وإرادﺗﮭم".
وﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻗﯾﻣﺔ اﻹﺣﺗﻛﺎم ﻟﻠﻌﻘل ﻟﺿﺑط اﻟﻧظﺎم اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ .ودﻻﻟﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾّﺔ ﺗﻌﻧﻲ
ﺑوﺿوح اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﺳﯾﺎدة ﺗﺟﻣﻊ ﻛل اﻟﻣواطﻧﯾن
وﻻ ﺗﺧ ّص ﻓردا دون ﺑﻘﯾّﺔ اﻷﻓراد ،أو طﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب ﻏﯾرھﺎ ﻣن ﻷﻓراد واﻟطﺑﻘﺎت .إﻧﮭﺎ
ﺗﺟﺳﯾد ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﺳﯾﺎدة اﻟﺷﻌب وﻟﻠﺣرﯾّﺔ واﻟﻣﺳﺎواة واﻟﻌدل واﻟﻛراﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ اﻟﻔردﯾّﺔ
واﻟﺟﻣﺎﻋﯾّﺔ .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ،ﻓﻔﻲ ظل اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ ،ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺗﺣ ّدث ﻋن ﻣﺳﺎواة
دون ﺣرﯾّﺔ ،وﻻ ﻋن ﺣرﯾّﺔ دون ﻣﺳﺎواة .ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﻻ ﺳﯾﺎدة ﻟﻠﺷﻌب إﻻ إذا ﻛﺎن أﻓراده أﺣرارا.
ﯾﻘول "ﺳﺑﯾﻧوزا" " :ﻟم ﺗوﺟد اﻟ ّدوﻟﺔ ﻟﺗﺣﻛم اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟﺧوف ،وإﻧّﻣﺎ ُوﺟدت ﻟﺗﺣ ّرر اﻹﻧﺳﺎن ﻣن
اﻟﺧوف" .وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﺣو ،ﻓﺈن اﻟ ّدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾُﻧ ّظر ﻟﮭﺎ "ﺳﺑﯾﻧوزا" ﻣن ﺟﮭﺔ ،و"روﺳو" ﻣن
ﺟﮭﺔ أﺧرى ،ﺗﺟ ّﺳد ﺳﯾﺎدة اﻟﺳﻠطﺔ وﺳﯾﺎدة اﻟ ُﻣواطﻧﺔ .وھﻲ دوﻟﺔ ﻻ ﺗﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﺎزﻻت
واﻟﺗﻔرﯾط ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق اﻟطﺑﯾﻌﯾّﺔ ،ﺑل ﺗﺗﺣﻘﻖ ﻣﺿﺎﻣﯾن اﻟﺳﯾﺎدة اﻷﻓﻘﯾّﺔ ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ
ﺗﻠك اﻟﺣﻘوق وﺗدﻋﯾﻣﮭﺎ ﺑﺎﻟﺿواﺑط اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾّﺔ واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺑﺛﻖ ﻋن اﻟﺣﻘوق .واﻹﻣﺗﺛﺎل
ﻓﯾﮭﺎ ﻟﻠﻘواﻧﯾن ﻻ ﯾﻌ ّد ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﺧﺿوﻋﺎ وﺗﺧ ّل ﻋن اﻟﺣ ّﻖ ،ﺑل ﯾﻣﺛل واﺟب اﻟ ّطﺎﻋﺔ اﻟذي
ﯾﺗﻛﻔل ﺑﮫ ﻛل ﺣ ّر ﻣﺳؤول ﯾُدرك أن اﻟﻘواﻧﯾن ﻗواﻋد ﺗُﻠزﻣﻧﺎ ﺑﺎﻟطﺎﻋﺔ ﻷﺟل اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ
ﺣﻘوﻗﻧﺎ .وﻟﻌﻠّﮫ ﻣن اﻟواﺟب أن ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻛذﻟك ،ﺑـﺄن ﺷﻛل ھذه اﻟ ّدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﻠﻘت ﻋﻠﯾﮭﺎ
اﻟﺣداﺛﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾّﺔ آﻣﺎﻟﮭﺎ وﺳﻌت إﻟﻰ ﺗﻛرﯾﺳﮭﺎ ،ھﻲ اﻟ ّدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛﺎﻣل ﻓﯾﮭﺎ ﺳﯾﺎدة اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾّﺔ ﺑﺳﯾﺎدة اﻟ ُﻣواطﻧﺔ ﻋﻠﻰ أﺳس ﻋداﻟﺔ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻧﺑﺛﻘﺔ ﻋن ﻣرﺟﻌﯾّﺔ اﻟﺣﻘوق .وھو ﻣﺎ
ﯾُﻌﻠﻲ ﺷﺄﻧﮭﺎ وﯾﺟﻌﻠﮭﺎ دوﻟﺔ اﻟﺣﻖ واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﯾّﺔ واﻟﻣﻠﻛﯾّﺔ .ﯾﻘول
"داﻓﯾد ھﯾوم" ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﮫ" :اﻷﺧﻼق ،ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺑﺷرﯾّﺔ"" :إن اﻟﺣﻖ ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺔ ﻟﯾس
إﻻ اﻹﻣﺗﻼك اﻟﻣﺳﺗﻣ ّر ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟذي ﺗدﻋﻣﮫ ﻗواﻧﯾن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻧﺎس" .ﺑل إن ھذه
اﻟ ّدوﻟﺔ ﺗُﺻﺑﺢ دوﻟﺔ ﺗﻣﺎﺛل اﻟﻣواطﻧﯾن ﻣﻊ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻌﺑّرة ﻋن ﺣﻘوﻗﮭم واﻟﻣﺟ ّﺳدة ﻟﺛﻘﺗﮭم
اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭم وﺑﯾن ﺳﻠطﺔ اﻟﺣ ّﻛﺎم .ﻟذﻟك ،ﻧﻘرأ "ﻷﻟﻛﺳﯾس دي ﺗوﻛوﻓﯾل" ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "ﻓﻲ
اﻟدﯾﻣﻘراطﯾّﺔ ﺑﺄﻣرﯾﻛﺎ" ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :أﺗطﻠﻊ إﻟﻰ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﻧظر ﻓﯾﮫ اﻟﻧﺎس إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧون ﻧظرﺗﮭم إﻟﻰ
ﺷﻲء ﻣن ﺻﻧﯾﻌﮭم ،ﻓﯾﺧﺿﻌون إﻟﯾﮫ دون ﻋﻧﺎء .ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺗﻛون ﻓﯾﮫ ﺳﻠطﺔ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻣﺣﺗرﻣــــــﺔ
-ص - 12