Page 13 - الدولة
P. 13
"ھوﺑز" إﻟﻰ ﻣﺟ ّرد ﻣﻣﺛل ﻟﻺرادة اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ،ﯾﺗ ّم اﺧﺗﯾﺎره ﻓﻲ ﺷﻛل ﺷﺧص أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ أو ھﯾﺋﺔ،
وﯾﺗ ّم ﻋزﻟﮫ وإزاﺣﺗﮫ ﻣﺗﻰ زاﻏت ﺗداﺑﯾره اﻟﺳﯾﺎﺳﯾّﺔ ﻋن أھداف اﻹرادة اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ وﺗﻧﺎﻗﺿت ﻣﻌﮭﺎ.
وﻣن ھذا اﻟﻣﻧطﻠﻖ ،ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺳﺗﺧﻠص ﺑﺟﻼء ،أ ّن ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻣواطﻧﯾن ﺑﺳﻠطﺔ اﻟ ّدوﻟﺔ ﻻ ﺗﻛون
ﻋﻼﻗﺔ ﺧﺿوع وإذﻋﺎن ﻛﻣﺎ ھو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ ﻧﻣوذج دوﻟﺔ "ھوﺑز" ،ﺑل ﺗﻛون ﻋﻼﻗﺔ اﻣﺗﺛﺎل
ﻟواﺟب اﻟطﺎﻋﺔ ﺣﯾث ﯾﻘول "روﺳو"" :ﺣﯾﻧﻣﺎ أطﯾﻊ اﻹرادة اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ﻓﺄﻧﺎ ﻻ أﻛون ﺑﺻدد اﻹﻣﺗﺛﺎل
ﻷﺣد" .وذﻟك ﻷن اﻹﻣﺗﺛﺎل ﻟواﺟب طﺎﻋﺔ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻧﺑﺛﻘﺔ ﺗﺷرﯾﻌﯾﺎ ﻋن ﻣﺿﺎﻣﯾن اﻹرادة
اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ،ھ ّو اﻟﺗﺟﺳﯾد اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﺗﻣﺎﺛل ﺑﺎﻟﺣرﯾّﺔ واﻟﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﺗﻲ ﺑﻌﺑّر ﻋﻧﮭﺎ ﻗواﻧﯾن اﻹرادة
اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ﺗﻠك ،ﻓﺗﻛون ﻗ ّوﺗﮭﺎ ﻣن ﻗ ّوة اﻟواﺟب اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟذي ﯾدﻋوﻧﺎ داﺋﻣﺎ إﻟﻰ ان "ﻻ ﻧﻔﻌل
ﺑﻐﯾرﻧﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻧرﺗﺿﯾﮫ ﻷﻧﻔﺳﻧﺎ" ،وﺗﻐﯾب ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ذﻟك أﺷﻛﺎل اﻟﻘ ّوة اﻟ ُﻣﮭﯾﻣﻧﺔ واﻟ ُﻣﺧﺿﻌﺔ،
وﺗﺗﺣ ّول إﻟﻰ ﻗ ّوة ﺣﻖ ﻣﺷروﻋﺔ وﺿرورﯾّﺔ .ﯾﻘول "روﺳو" " :ﻟﻧﺗﻔﻖ إذن ،ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘ ّوة ﻻ
ﺗُوﺟد اﻟﺣﻖ ،وﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻟﯾس ﻟﻠﻣرء إﻻ أن ﯾُطﯾﻊ ذوي اﻟﺳﻠطﺎن اﻟﺷرﻋﻲ".
ھﻛذا إذن ،ﺗﺳﺗﻣ ّد اﻟ ُﻣواطﻧﺔ ذاﺗﮭﺎ ﻣن اﻹﻧﺗﻣﺎء إﻟﻰ وطن ،وﻣن ﺧﻼل اﻹﺳﮭﺎم ﻓﻲ ﺗﺷرﯾﻊ
اﻟﻘواﻧﯾن ،وﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﯾﺎدة ،واﺧﺗﯾﺎر ﻣن ﯾﻘوم ﺑﺗﻧﻔﯾذھﺎ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ طﺎﻋﺔ ﺗﻠك اﻟﻘواﻧﯾن
اﻟﻣﻧﺑﺛﻘﺔ ﻋن ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺣﻘوق .وﻗد ﺳﺎھم "ﻣوﻧﺗﺳﻛﯾو" ﻻﺣﻘﺎ ﻓﻲ ﻣؤﻟﻔﮫ "ﻓﻲ روح اﻟﻘواﻧﯾن" ﻓﻲ
إزاﻟﺔ ﺷواﺋب اﻟﺧﻠط ﺑﯾن أﺷﻛﺎل اﻟﺳﻠط وﺗﻣرﻛزھﺎ ﻓﻲ اﻟ ّدوﻟﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾّﺔ ﺑﻣﺎ ﯾؤ ّدي ﻟﻺﺳﺗﺑداد،
ﺣﯾﻧﻣﺎ أﺣدث ﻋﻣﻠﯾّﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﺿروري ﺑﯾن اﻟﺳﻠط اﻟﺛﻼث :اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ،واﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾّﺔ .وﻗد ﻋﻣل "ﺳﺑﯾﻧوزا" ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻼھوت واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ"
ﻋﻠﻰ ﺿﺑط اﻟﺗﻛﺎﻣل اﻟﺿروري ﺑﯾن ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ وﺳﯾﺎدة اﻟ ُﻣواطﻧﺔ ﻓﻲ إطﺎر دوﻟﺔ ﺳﯾﺎدة اﻟﻌﻘل
اﻟذي ﯾﻣﺛّل ﻣﺻدر اﻟﺣرﯾّﺔ واﻟﻛﻣﺎل ﻟدى اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧذ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ .وﻟذﻟك ،ﻛﺎن ﻣن اﻟواﺟب
اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻌﻘل دون ﺳواه ﻣﺷ ّرﻋﺎ ﻟﻠﻘواﻧﯾن اﻟﻣﺳﺗﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗزﯾﻎ أوﺗﻣﯾل ﺗﺣت وﻗﻊ اﻟ ّرﻏﺑﺔ
واﻟﻣﯾل واﻟﮭوى .وﻛﺎن ﻣن اﻟﺿروري اﻋﺗﺑﺎره ﻣﺻدرا ﻟﺣرﯾّﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎھم ﻓﻲ
ﺗﺻوﯾب اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت واﻟرؤى اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ .ﯾﻘول " :ﺑﻘدر ﻣﺎ ﺗُﺗﺧذ اﻟﺗداﺑﯾر ﻟﻣﺻﺎدرة ﺣرﯾّﺔ
اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻟدى اﻟﻧﺎس ،ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾﺻ ّرون ﻋﻠﻰ اﻟ ّﺻﻣود .وھذا اﻟﻣوﻗف ﻻ ﯾﻧطﺑﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﮭﻣﯾن
ﻣﻧﮭم واﻟﻣﺗزﻟﻔﯾن وﻓﺎﻗدي اﻟوازع اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻣﻧﯾﻊ ،أوﻟﺋك اﻟذﯾن ﺟﻌﻠوا اﻟﻣﺎل وإﺷﺑﺎع اﻟﺑطن
ھ ّﻣﮭم اﻷﻛﺑر ،ﺑل أوﻟﺋك اﻟذﯾن ﺗﻣﻧﺣﮭم ﺗرﺑﯾﺗﮭم اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ وﻋﻔﺔ أﺧﻼﻗﮭم وﻓﺿﯾﻠﺗﮭم ﻣﻘدار ﻣن
اﻟﺣرﯾّﺔ".
وﻗد ﻋﻣل "ﺳﺑﯾﻧوزا" ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻛﯾد أن دوﻟﺔ اﻟﺣﻖ اﻟﺗﻲ ھﻲ دوﻟﺔ اﻟﻌﻘل اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎﻗض ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺳﯾﺎدة
ﻣﻊ ﻣﻔﺎھﯾم اﻟﻌﺑودﯾّﺔ واﻟﺧﺿوع واﻟﺗﺑﻌﯾّﺔ ،ﻷﻧﮭﺎ دوﻟﺔ ﺗﺿﻣن اﻟﺣرﯾّﺔ وﺗﻛ ّرس اﻟﻣواطﻧﺔ،
وﻟﯾﺳت دوﻟﺔ ﻟﻠ ّرﻋﺎﯾﺎ وﺳﻠب اﻟﺣ ّرﯾﺎت .وﻟذﻟك ﯾﻘﯾم ﻣﻘﺎرﻧﺔ طرﯾﻔﺔ ﺑﯾن اﻟطﻔل وواﻟدﯾﮫ ،واﻟﻌﺑد
وﺳﯾّده ،واﻟﻣواطن وﺣﺎﻛم اﻟدوﻟﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾّﺔ .ﻓﺎﻟطﻔل ﯾُﻧﻔذ أواﻣر واﻟدﯾﮫ ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ ﻣﺻﻠﺣﺗﮫ
اﻟﺧﺎ ّﺻﺔ ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾّﻧﻔذ اﻟﻌﺑد أواﻣر ﺳﯾّده ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺳﯾّــد ،وﻣن ﺛ ّﻣـــــﺔ ﺗﻧﺗﻔﻲ ﺣﻘوﻗـــﮫ
-ص -11