Page 11 - الدولة
P. 11
اﻟطﺑﻘﺎت اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾّﺔ اﻟﻣﺗﺣﻛﻣﺔ .وھو ﻣﺎ ﺳﯾﺟﻌل ﻣطﻠب اﻹﻧﺳﺎن ﯾﺗﺣــــــــ ّول ﻣن ﻣطﻠب ﻟﻠﻧظﺎم
داﺧل اﻟدوﻟﺔ ،إﻟﻰ ﻣطﻠب ﻟﻠﺗﺣ ّرر ﻣن اﻟ ّدوﻟﺔ ذاﺗﮭﺎ ﻋﺑر إزاﻟﺗﮭﺎ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل إﺳﺗﻌﺎدة
اﻟوﻋﻲ ﺑﻣﺧﺎطر اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ واﻟﻣﻠﻛﯾّﺔ اﻟﻔردﯾّﺔ واﻹﺳﺗﻌﺎﺿﺔ ﻋﻧﮭﻣﺎ ﺑﻧظﺎم ﺷﯾوﻋ ّﻲ ﺗﺧﺗﻔﻲ
ﻓﯾﮫ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻛﻠﯾّﺎ ،ﻓﺗﺗوارى أﺷﻛﺎل اﻟﺻراع واﻟﺗﻔﺎوﺗﺎت اﻟطﺑﻘﯾّﺔ .وﻣن ﺛ ّﻣﺔ ﺗﺧﺗﻔﻲ اﻟدوﻟﺔ وﺗزول
ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ ﺑزوال ﺷروط وﺟودھﺎ .ﯾﻘول "ﻓرﯾدﯾرﯾك أﻧﻘﻠز" ﻓﻲ "أﺻل اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ
واﻟدوﻟﺔ"" :ﻟﯾﺳت اﻟدوﻟﺔ ﺳﻠطﺔ ﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن ﺧﺎرﺟﮫ ،ﻛﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﺣﻘﯾﻘﺔ
اﻟﻔﻛرة اﻷﺧﻼﻗﯾّﺔ وﻻ ﺻورة اﻟﻌﻘل وﺣﻘﯾﻘﺗﮫ ﻛﻣﺎ زﻋم "ھﯾﻘل" ،وإﻧﻣﺎ ھﻲ ﺑﺎﻷﺣرى ،ﻧﺗﺎج
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ طور ﻣﻌﯾّن ﻣن أطوار ﻧﻣ ّوه .إﻧﮭﺎ ﺷﮭﺎدة ﻋﻠﻰ أن ھذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻗد ﺗو ّرط ﻣﻊ ﻧﻔﺳﮫ
ﻓﻲ ﺗﻧﺎﻗض ﯾﺗﻐ ّذر ﺣﻠّﮫ ،ﻷﻧﮫ اﻧﻘﺳم ﺷﯾﻌﺎ ﻣﺗﻧﺎﻓرة ﻋﺟز ﻋن اﺳﺗﺑﻌﺎدھﺎ .وﺣﺗﻰ ﻻ ﯾُﻔﻧﻲ اﻟﺗﻧﺎزع
اﻟطﺑﻘﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾّﺔ ذات اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎرﺿﺔ –وﻓﻲ ذﻟك ﻓﻧﺎء ﻟﮭﺎ وﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ
ذاﺗﮫ -ﺗﺣﺗﻣت اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ وﺟود ﺳﻠطﺔ ﺗﻛون ﻓﻲ اﻟظﺎھر ﻓوق اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وﯾﻛون واﺟﺑﮭﺎ أن
ﺗﻠطف اﻟﺻراع وﺗﺣﺻر ﻣﺟﺎﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻔظ اﻟﻧظﺎم .وھذه اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ وﻟﯾدة
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﺳﺗﺗﺧذ ﻣرﺗﺑﺔ أﺳﻣﻰ ﻣن ﻣرﺗﺑﺗﮫ ،وﺗﻐدو ﺗدرﯾﺟﯾﺎ ﻏرﯾﺑﺔ ﻋﻧﮫ ھﻲ اﻟدوﻟﺔ" .ﻟﯾُﻌﻘب
ﺑﻌد ذﻟك ﻗﺎﺋﻼ" :إن اﻟدوﻟﺔ ﻋﺎدة ھﻲ دوﻟﺔ أﻗوى اﻟطﺑﻘﺎت ،أي دوﻟﺔ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻣﮭﯾﻣﻧﺔ إﻗﺗﺻﺎدﯾّﺎ.
وھﻲ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻐدو ﺑﻔﺿل اﻟدوﻟﺔ طﺑﻘﺔ ﻣﺳﯾطرة ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ أﯾﺿﺎ".
وﺣﯾﻧﺋذ ،ﻓﺈن ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻧ ّظر ﻟﮭﺎ ﻛل ﻣن "ھوﺑز" و"ﻣﺎﻛﯾﺎﻓﺎل" ھﻲ ﺳﯾﺎدة دوﻟﺔ اﻟﺣﻛم
اﻹﺳﺗﺑدادي اﻟﻛﻠﯾﺎﻧﻲ اﻟﻘﮭري اﻟذي ﯾُﻠزم اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺑﺎﻟطﺎﻋﺔ واﻹذﻋﺎن ،واﻟذي ﯾﺗﻣرﻛز ﻓﻲ ﺳﻠطﺔ
اﻟﺣﺎﻛم اﻷوﺣد اﻟﻣطﻠﻖ ،ﻓﺗﺗﺣ ّول دﻻﻟﺔ اﻟﻣواطﻧﯾن ﺿﻣن ھذا اﻟﺗﺻ ّور إﻟﻰ دﻻﻟﺔ ﻣﺟ ّرد رﻋﺎﯾﺎ
ﯾﺗ ّم ﺗﺟرﯾدھم ﻣن ﺣﻘوﻗﮭم ﻓﻲ اﻟﺣرﯾّﺔ واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟرأي واﻟﺣﻛم طﺑﻘﺎ ﻟﺿواﺑط اﻟوﺟود
اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ،ﻷﺟل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ واﺣد ﻛﻣﺎ ﯾﺑﯾّن "ھوﺑز" ،ھو "ﺣ ّﻖ اﻟﺳﻠم
ﻟﺿﻣﺎن اﻟﺣﯾﺎة" .أ ّﻣﺎ ﺿﻣن اﻟﺗﺻ ّور اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﻓﺎﺋدة ﻣن اﻟ ّدوﻟﺔ ﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ
اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻣطﻠﻘﺎ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺟﮭﺎزا ﻗﮭرﯾّﺎ ﻗﻣﻌﯾّﺎ ﻟﻠﺣرﯾﺎت وﻟﻠﻌداﻟﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾّﺔ .وﻣن ﺛ ّﻣﺔ ﻓﺈن
اﻟدوﻟﺔ ﺳﺗﺣﻣل ﺑذور ﻓﻧﺎﺋﮭﺎ ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ ﻟﺗﻧﺎﻗﺿﮭﺎ ﻣﻊ ﻣطﺎﻟﺑﻧﺎ وﻗﯾﻣﻧﺎ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ ،وﻟن ﺗﻛون ﺛ ّﻣﺔ
ﻣواطﻧﺔ ﻣطﻠﻘﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﻧﺎ ُوﺟدﻧﺎ ﻟﻧﺣﻘﻖ ﺣرﯾﺗﻧﺎ وﻋداﻟﺗﺗﻧﺎ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،وﻟم ﻧوﺟد ﻟﻧﺣﻘﻖ اﻟدوﻟﺔ
ﻛﺈﻟﻐﺎء ﻟﮭﻣﺎ ودﻋﻣﺎ ﻷﺳﺑﺎب اﺳﺗﺑﻌﺎدھﻣﺎ واﻧﺗﮭﺎﻛﮭﻣﺎ ﺑﺷﻛل ﻣﺗزاﯾد.
وﻟﻛن ،ﻣﺎذا ﻧﻌﻧﻲ ﺗﺣدﯾدا ﺑﺎﻟ ُﻣواطﻧﺔ؟ .وھل أﻧﮫ ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﻌﺗﺑر داﺋﻣﺎ أن ﺳﯾﺎدة اﻟﻣواطﻧﺔ
ﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ﻣﻊ ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ؟ .أﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ھذا اﻹﻋﺗﻘﺎد ،أن ﻧﻌﺛر ﻋن ﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ؟.
*** -3ﻓﻲ ﻣﺑ ّررات اﻟﺗﺄﺳﯾس ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎدة واﻟﻣواطﻧﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ:
إذا ﻛﺎﻧت ﺳﯾــــــــﺎدة اﻟ ّدوﻟـــﺔ ﻣﻘوﻟﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾّﺔ وﻗﺎﻋدة ﻋﻠﯾﺎ ﻟﻠﻧظﺎم ،ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ
-ص - 09