Page 10 - الدولة
P. 10
ﺑﻌﺿﺎ إن ھم ﻣﻛﺛوا ﻓﻲ "ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ" ،أو ﻣﺗﻰ ﺗرك ﻟﮭم اﻟﺣﺎﻛـــــم /ﺻﺎﺣب اﻟﺳﯾﺎدة اﻟﻣطﻠﻘﺔ
ﺳﺑل اﻹرﺗداد إﻟﻰ اﻹﺣﺗﻛﺎم إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺗﮭم وﻟم ﯾُﺣﻛم ﻏﻠﻖ ﻛل ﻣﻧﺎﻓذ اﻟﺗﻣ ّرد ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺎدة اﻟ ّدوﻟﺔ
ﺑﻌد أن ﺗ ّم ﺗﺄﺳﯾﺳﮭﺎ ﺑﻔﻌل اﻟﺗﻌﺎﻗد .وﻟﻌﻠﻧﺎ ﻧﺗوﻗف ﻋﻧد ﺗﻘﺎرب ﻛﺑﯾر ھﺎ ھﻧﺎ ﺑﯾن ﺻﺎﺣب ﻛﺗﺎب
"اﻟﺗﻧﯾن")ھوﺑز( و"ﻣﺎﻛﯾﺎﻓﺎل" ﺻﺎﺣب ﻛﺗﺎب "اﻷﻣﯾر" اﻟذي ﻣﺛل ﻣرﺟﻌﺎ ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ ﯾﺳﺗﻠﮭم ﻣﻧﮫ
اﻟﺣﻛﺎم أﺳﺑﺎب ﻗ ّوة ﺳﯾﺎدﺗﮭم ﻟﻠﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺎﻧﮭم وﺳﯾﺎدة دوﻟﮭم .ذﻟك أن ﻋﺑﺎرة "اﻟﻐﺎﯾﺔ
ﺗﺑ ّرر اﻟوﺳﯾﻠﺔ" ﺗﻌ ّد ﻓﻲ ﻧظر "ﻣﺎﻛﯾﺎﻓﺎل" ﻗﺎﻋدة ﺳﺣرﯾّﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﻧﺑﺛﻖ ﻋﻧﮭﺎ ﻛل وﺳﺎﺋل
اﻹﺧﺿﺎع اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗو ّﺳل ﺑﮭﺎ اﻟﺣﺎﻛم /ﺻﺎﺣب اﻟﺳﯾﺎدة ،ﻹذﻻل ﻣواطﻧﻲ دوﻟﺗﮫ
وإﺟﺑﺎرھم ﻋﻠﻰ طﺎﻋﺗﮫ .وﻣن ھذا اﻟﻣﻧطﻠﻖ ﺗﺳﺗﻣ ّد ﺳﯾﺎدة اﻟ ّدوﻟﺔ وﺳﯾﺎدة اﻟﺣﻛﺎم ﻣﺷروﻋﯾﺗﮭﺎ ﻣن
اﻟﺑﺣث اﻟﻣﺗواﺻل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻛم طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻘ ّوة اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗوﺟﺑﮭﺎ إدارة اﻟﺳﻠطﺔ .وﻟﻌ ّل ذﻟك ﻣﺎ ﯾُﺳ ّوﻏﮫ
"أوﻗﯾﺳت ﻛوﻧت" ﻣؤ ّﺳس اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟوﺿﻌﯾّﺔ ﺿﻣن ﻗﺎﻋدﺗﮫ اﻟﺷﮭﯾرة" :اﻟﺣﻛم ﻣﺑدء واﻟﻧظﺎم
ﻗﺎﻋدة واﻟﺗﻘ ّدم ھدف" .ذﻟك أن ھذه اﻟﻘﺎﻋدة ﺗﺳﺗوﺟب اﻟﺣﻛم اﻟﻣرﺗﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻼﺑﺔ واﻟﻘ ّوة
ﻷﺟل ﺣﻔظ اﻟﻧظﺎم وﺑﻠوغ اﻟﺗﻘ ّدم اﻟذي ﯾﻐرﯾﻧﺎ ﺑوﻋود اﻟ ّرﻓﺎه واﻟﺑذخ دون اﻛﺗراث ﺑﺄھﻣﯾّﺔ
اﻟﻣواطﻧﺔ .وﻛﻠﻧﺎ ﯾﻌﻠم أن دوﻟﺔ اﻟﺣﻖ اﻟﺗﻲ أﺳس ﻟﮭﺎ ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻋﻣوﻣﺎ ،ﺗ ّدﻋﻲ أﻧﮭﺎ ﺿﺎﻣﻧﺔ
ﻟﺣﻘوق ﻣواطﻧﯾﮭﺎ وأﻧّﮭﺎ ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ ﺗﻠك اﻟرﻋﺎﯾﺔ ،ﺗﻛون ﻣدﻋ ّوة ﻟﺗطﺑﯾﻖ اﻟﻘواﻧﯾن ﻣن ﺧﻼل
اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻌﻧف أﺣﯾﺎﻧﺎ .وﯾﻌﺗﻘد اﻟﻣداﻓﻌون ﻋن ﻋﻧف اﻟ ّدوﻟﺔ وﻋﻧف اﻟﻧظﺎم اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ أﻧﮫ
ﻋﻧف ﻣﺷروع وﻣﺑ ّرر ،ﻷﻧﮫ وﺳﯾﻠﺔ أﺳﺎﺳﯾّﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﺳﻠم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻋﻧﻔﺎ ﺿ ّد ﻋﻧف اﻷﻓراد ﻣن
أﺟل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎء اﻟدوﻟﺔ واﻷﻓراد ﻋﻠﻰ ﺣ ّد ﺳواء .وھﻧﺎ ،ﻧﻛون داﺋﻣﺎ إزاء اﻟﻣﺧﺎطر
اﻟﻛﺛﯾرة اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺗرﺟم ﻣن ﺣﯾن ﻵﺧر ﻓﻲ اﻧزﯾﺎح دوﻟﺔ اﻟﺣﻖ واﻟدﯾﻘراطﯾّﺔ ﻋن ﻣطﻠﺑﮭﺎ اﻷﺳﺎﺳﻲ
اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾﻖ ﺣرﯾّﺔ اﻟﻣواطن ،ﻧﺣو ﺑﺣﺛﮭﺎ ﻋن ﻓرض اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟﻣواطﻧﺔ،
وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣن ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻋن ﺳﯾﺎدة اﻟﻣواطﻧﺔ ﻟﺗﻔرض اﻟدوﻟﺔ ﻗ ّوﺗﮭﺎ
ﻛﺎﻟﺗﻧﯾن اﻟﻣﺧﯾف ،و ِﺗؤﻛد طﺎﻋﺗﮭﺎ ﻛﺎﻹﻻه اﻟذي ﻧدﯾن ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺧﺿوع دون ﻧﻘﺎش .واﻟ ّدوﻟﺔ ،ﺑﮭذا
اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻌﺎﻗدي اﻟذي ﻧﻌﺛر ﻋﻠﯾﮫ ﻟدى "ھوﺑز" ،ﺗﺗﻌﺎرض ﻛﻠﯾﺎ ﻣﻊ اﻟﻣواطﻧﺔ ﻷن ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ
ﻻﺗﻌﻧﻲ ﺳوى اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟوﺟود اﻵﻣن ﻟﻺﻧﺳﺎن .وﻣن ﺛ ّﻣﺔ ﻓﮭﻲ ﺗﻔرض ﻋﻠﯾﮫ
اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن ﺣﻘوﻗﮫ اﻟطﺑﯾﻌﯾّﺔ ،واﻹﻧﺻﯾﺎع اﻟﻛﻠ ّﻲ ﻟﮭﺎ وطﺎﻋﺗﮭﺎ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن ﺣرﯾّﺗﮫ
ﻣﻘﺎﺑل ﺣﺻوﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠم دون ﺳواه .ﻛﻣﺎ أن ﺳﯾﺎدة اﻟ ّدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾﻖ ﻣﺻﺎﻟﺢ
اﻟﺣﻛﺎم واﻟﺗﻣﺎھﻲ ﺑﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﻔوﻗﯾّﺔ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾّﺔ اﻟﻣﺗو ّﺣﺷﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛﻣﮭﺎ ﻏﺎﯾﺎت ﺗﻛدﯾس
اﻟرﺑﺢ ووﻓرة اﻟﻣﻧﺗوج واﻟﺳﻠﻊ ،وﻣراﻛﻣﺔ رأس اﻟﻣﺎل وﺗﺿﺧﯾﻣﮫ ،ﻻ ﺗﻛون ﺳوى ﺳﯾﺎدة ﺗﺧدم
اﻟ ّدوﻟﺔ وﻻ ﺗﺧدم اﻟﻣواطﻧﯾن .وﻟذﻟك ،ﻓﺈن "ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس " و"أﻧﻘﻠز" ﺑﯾّﻧﺎ ﺑﺈطﻧﺎب وﺗدﻗﯾﻖ ﻛﯾف
أن وﺟود اﻟ ّدوﻟﺔ ﻛﺎن ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن ﺳﻠطﺔ ﺗﺣﻔظ اﻟﻧظﺎم داﺧل اﻟﺗﻧﺎﻗض اﻟطﺑﻘﻲ
اﻟرھﯾب اﻟذي ﯾﺣﻛم اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻹﻧﺗﺎﺟﯾّﺔ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ،وﻛﯾف أن "ھذا اﻟ ّﺷراﻟﺿروري" اﻟذي
ﺗﻣﺛﻠﮫ ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ ،ﺳﯾﺗﺣ ّول إﻟﻰ ﻗ ّوة إﺿﺎﻓﯾّﺔ ﻓﻲ ﺷﻛل ﻓﺎﺋض ﻗ ّوة داﻋﻣﺔ ﻟﻠﻘوى اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛﻠﮭﺎ
-ص - 08