Page 15 - الدولة
P. 15
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺿرورﯾّﺔ ﻻ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ إﻟﮭﯾّﺔ اﻟﻣﺻدر .وﺑذﻟك ﺳﯾﻛون اﻟﺣب اﻟذي ﯾﻛﻧﮫ اﻟﻧﺎس إﻟـــﻰ
رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ ﻻ أﻣرا ﻣن ﻗﺑﯾل اﻹﻧﻔﻌﺎل ﺑل ﺣﺑّﺎ ﻣﻌﻘﻠﻧﺎ وھﺎدﺋﺎ .وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ﻟﻛل اﻣرئ ﺣﻘوق
وﯾﻛون ﻗد ﺿﻣن ﻟﻧﻔﺳﮫ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘوﻗﮫ ،ﯾﺣﺻل ﺑﯾن ﻛل اﻟطﺑﻘﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾّﺔ ﻧوع ﻣن
اﻟﺛﻘﺔ اﻟﺗﺎ ّﻣﺔ واﻟﺗﻌﺎطف اﻟﻣﺗﺑﺎدل...وإذا ﺻﺎر اﻟﺷﻌب ﻋﻠﻰ ﺑﯾّﻧﺔ ﻣن ﻣﺻﺎﻟﺣﮫ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾّﺔ ،ﺳﯾﻔﮭم
أن اﻟﺗﻣﺗّﻊ ﺑﺧﯾرات اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻹﻧﺻﯾﺎع ﻷواﻣره .وﻋﻧدﺋذ ﯾﻣﻛن ﻟﻠرواﺑط اﻟﺣ ّرة ﺑﯾن
اﻟﻣواطﻧﯾن أن ﺗﻌ ّوض اﻟﻘ ّوة اﻟﻔردﯾّﺔ ﻟﻠﻧﺑﻼء وﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺄﻣن ﻣن اﻟطﻐﯾﺎن واﻟﺗﺳﯾّب".
وطﺑﻘﺎ ﻟﻛ ّل ﻣﺎ ﺗﻘ ّدم ﺗﺑدو ﺳﯾﺎدة اﻟﻣواطﻧﺔ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ ﺳﯾﺎدة اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﺎدﻟﺔ ﻣﺣﻔوظﺔ وﻣﺻﺎﻧﺔ
ﻣن ﻛل ﺗﮭدﯾد ﯾﺳﺗﮭدﻓﮭﺎ ،ﻷﻧﮫ ﺳﯾﻠﻘﻰ اﻟردع اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﮫ .وﻟﻛن ﻋﻠﻰ أ ّي ﻧﺣو ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺗﻣﺛل
ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌﻧف ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﺣﻖ ھذه؟ .أﻻ ﯾﺑدو ﺿرورﯾﺎ أن ﺗﺗوﻓر ھذه اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺷروﻋﯾﺔ
اﺣﺗﻛﺎر اﻟﻌﻧف وﺗﺻرﯾﻔﮫ ﺑﺷﻛل ﻗﺎﻧوﻧ ّﻲ ﺳﻠﯾم ﻟﻠﺗﺻدي ﻷﺷﻛﺎل اﻟﻌﻧف اﻟﻼ ﻣﺷروع اﻟذي ﯾﻣﻛن
أن ﯾﮭ ّدد ﺳﯾﺎدﺗﮭﺎ وﺳﯾﺎدة ﻣواطﻧﯾﮭﺎ؟ .وھل أن اﻟﻌﻧف ﺧﺎﺻﯾّﺔ ﻻ ﺗﺑﻔرد ﺑﮭﺎ ﺳوى اﻟ ّدوﻟﺔ
اﻟﻼدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻟﺟور واﻹﺳﺗﺑداد واﻟﺗﺳﻠط اﻟﻘﮭري؟.
إن ﻋﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻌﻧف ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻔﺻﻠﯾّﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎرﺑﺎت اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻋﻣوﻣﺎ .وﻟذﻟك ﻻ
ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ا ّدﻋﺎء أن ﺗﻧﺎول ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌﻧف ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻣﻧﺳوﺑﺎ ﻣن اﻟﻘ ّوة اﻟﺧطﯾرة اﻟﺗﻲ ﺗﺗﮭ ّدد اﻟﻣواطﻧﺔ
وﺗﺳﺗﮭدف اﺳﺗﻘرار اﻟ ّدول ،ﯾﻌود إﻟﻰ اﻟﺗﻧﺎوﻻت اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة دون ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت.
ﻓﺎﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻠﺳﻔﯾﺎ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ﻛﻛﯾﺎن ﺳﯾﺎﺳﻲ ﺗﺣﻛﻣﮫ ﺿواﺑط اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﯾﺧﻠﺻﻧﺎ ﻣن
اﻟﻔوﺿﻰ واﻟﻼإﻧﺗظﺎم ،ﯾﻌود إﻟﻰ أﻗدم اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﻊ "أﻓﻼطون" و"أرﺳطو" .ﺣﯾث
ﻧﻌﺛر ﻟدى ھذان اﻟﻔﯾﻠﺳوﻓﺎن ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻛﯾد ﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻛﺳﻠطﺔ ﺗﺣرص ﻋﻠﻰ ﺣﻔظ
اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻛﻣﺎ ﺷﺎءت ﻟﮫ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ طﺑﻘﺎ ﻟﻐﺎﺋﯾّﺔ ﺗﺣﻛﻣﮭﺎ "أن ﯾﻛون اﻟﺳﯾد ﺳﯾدا
ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ واﻟﻌﺑد ﻋﺑدا ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ" .وھو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣن ﻛل ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺧروج ﻋن ھذا اﻟﻧظﺎم
اﻟﺗراﺗﺑﻲ اﻟﺗﻔﺎﺿﻠﻲ اﻟﮭرﻣﻲ ﺿرﺑﺎ ﻣن اﻟﻌﻧف اﻟذي ﯾﺗﻧﺎﻗض ﻣﻊ ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﺗﻌﻘل اﻟوﺟود
اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ داﺧل "اﻟﻣدﯾﻧﺔ اﻟدوﻟﺔ" اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ )أﺛﯾﻧﺎ( .ﻛﻣﺎ أﻧﻧﺎ ﻧﺟد ﻓﻲ ﻓﻠﺳﻔﺎت اﻟﻌﻘد اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
أﺷﻛﺎﻻ ﻣن اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣواطﻧﯾن ﺑ ُدوﻟﮭم اﻟﺗﻲ ﯾﻧدرﺟون ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺣﻛم ﻣﺎ د ّوﻧوه ﻓﻲ
ﻋﻘودھم وﺻﺎروا ﻣدﻋ ّوون إﻟﻰ اﻹﻟﺗزام ﺑﮫ .ﻓﻛ ّل ﺗطﺎول ﻋﻠﻰ اﻟﺳﯾﺎدة اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻠﺣﺎﻛم اﻟﻛﻠﯾﺎﻧﻲ
ﻓﻲ دوﻟﺔ "ھوﺑز" ،ﯾﻌ ّد ﻋﻧﻔﺎ ﻻ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﯾﺳﺗوﺟب اﻟردع .وﻛل ﻧزوع إﻟﻰ اﻟﺗﻣﻠص ﻣن ﺿواﺑط
ﻗواﻧﯾن اﻟﻌﻘل اﻟﻣﺳﺗﻘﯾﻣﺔ ﻣﻊ "ﺳﺑﯾﻧوزا" ﯾﻌ ّد ﻋﻧﻔﺎ ﯾﮭ ّدد اﺳﺗﻘرار اﻟدوﻟﺔ وﺳﯾﺎدة ﻣواطﻧﯾﮭﺎ،
ﯾﺳﺗوﺟب اﻟﻌﻘﺎب .وﻛذﻟك ،ﻓﺈن ﻛل ﻗ ّوة ﯾﺗ ّم ﺗﺻرﯾﻔﮭﺎ ﺑﻣوﺟب ﻏﯾر ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻓﻲ دوﻟﺔ "روﺳو"،
ﺗُﻌ ّد ﻋﻧﻔﺎ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺗدﺧل اﻟﺣﺎﻛم ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟردع واﻟﻌﻘﺎب واﻟزﺟر .وھو ﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﺳﺗﺧﻼﺻﮫ
ﻣن ﻗوﻟﺗﮫ اﻟﺷﮭﯾرة ﻓﻲ "اﻟﻌﻘد اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ"" :ﻟﯾس اﻷﻗوى ﺑﻘو ّي داﺋﻣﺎ ﻗوة ﺗﺟﻌﻠﮫ ﯾﺳود ،ﻣﺎ ﻟم
ﯾﺣ ّول ﻗوﺗﮫ إﻟﻰ ﺣﻖ وطﺎﻋﺗﮫ إﻟﻰ واﺟب" .وﻣﻘﺻد ﻋﺑﺎرة " روﺳـــــــــــو" ،أن اﻟﻘ ّوة اﻟوﺣﯾدة
-ص - 13