Page 7 - الدولة
P. 7
واﻟﻧﻘود واﻟﻣﻧﻘوﻻت" .أ ّﻣﺎ "ﺳﺑﯾﻧوزا" اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻌﻘل ﺳﯾدا وﺳﻠطﺎﻧﺎ أوﺣد ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم اﻟﺣﯾـــﺎة
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾّﺔ ،ﻓﮭو ﯾﻌﺗﺑر أن ﺗوﺟﯾﮭﺎت اﻟﻌﻘل ﻓﻲ اﻟ ّدوﻟﺔ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﯾﻧﺎ ﻣﺧﺎطر اﻹﺣﺗﻛﺎم ﻟﻠرﻏﺑﺎت
اﻟﺗﻲ ﺗﺗﮭ ّدد ﺳﻼﻣﺗﻧﺎ ،وﺗﻧذر داﺋﻣﺎ ﺑﺎﻟﺗﺻﺎدم ﺑﯾن اﻟﺑﺷر وﺗﻔﻛك ﺗو ّﺣدھم ،ﻓﯾﻘول" :إ ّن ﻏﺎﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ
ﻻ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺟﻌل اﻟﺑﺷر ﯾﻣ ّرون ﻣن وﺿﻊ اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ إﻟﻰ وﺿﻊ اﻟ ّﺳواﺋم أو اﻟدﻣﻰ
اﻵﻟﯾّﺔ ،ﺑل إن اﻟ ّدوﻟﺔ أُﻗﯾﻣت ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻘﯾض ﻣن ذﻟك ،ﻟﺗﻘوم أرواﺣﮭم وأﺟﺳﺎدھم ﺑﻛل وظﺎﺋﻔﮭﺎ ﻓﻲ
أﻣﺎن ،وﻟﯾﺳﺗﺧدﻣوا ھم أﻧﻔﺳﮭم ﻋﻘﻼ ﺣ ّرا ،وﻟﻛﻲ ﻻ ﯾﻘوم اﻟ ّﺻراع ﺑﯾﻧﮭم ﺑﺳﺑب اﻟﺣﻘد أو
اﻟﻐﺿب أو اﻟﺧدﻋﺔ ،وﻟﻛﻲ ﯾﺗﺣ ّﻣل ﺑﻌﺿﮭم ﺑﻌﺿﺎ دون ﺳوء إﺿﻣﺎر ﺑﯾﻧﮭم".
واﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻛل ﻣﺎ ﺗﻘ ّدم ﺑﺳطﮫ ،ﺗﺑرز اﻷھﻣﯾّﺔ اﻟﻘﺻوى ﻟﻠﻔﻌل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻛﺗدﺧل ﺿرور ّي
ﯾﻘطﻊ ﻣﻊ ﺣﺎﻻت اﻟﺗو ّﺣش واﻟﻔوﺿﻰ ،وﯾُﻛﺳﺑﻧﺎ ﻗ ّوة ﺗوﺣﯾد اﻹرادات وﯾُﺟﻧﺑﻧﺎ اﻟﺣروب
اﻟﻣﺗواﺻﻠﺔ ﻷﺟل اﻟﺑﻘﺎء .ﻓﺗﺑرز اﻟدوﻟﺔ ﻣن ﺧﻼل ذﻟك ،ﻛﻣﻼذ أوﺣد ﻟﻠوﺟود اﻟﻣدﻧﻲ اﻟذي ﺗﺗﺟ ّﺳد
ﻓﯾﮫ اﻟﻘﯾم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﻧﺷودة ،واﻟﺗﻲ ﻓﻲ ﻏﯾﺎﺑﮭﺎ ﺗﻔﺗﻘد اﻟﺣﯾﺎة ﻣﻌﺎﻧﯾﮭﺎ وأھداﻓﮭﺎ.
وھﻧﺎ ﻧﺣﺗﺎج أن ﻧﺗﺳﺎءل ﻣﺟ ّددا ﻋن ﻣﻌﻧﻰ اﻟ ّدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺄﻣﻠﮭﺎ ،وﻋن ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ واﻟﺳﯾﺎدة
واﻟﻣواطﻧﺔ؟ :ھل أﻧﮭﺎ دوﻟﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳس اﻟﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن ﺳﯾﺎدﺗﮭﺎ اﻟﺧﺎ ّﺻﺔ وﺳﯾﺎدة ﻣواطﻧﯾﮭﺎ ،أم
أﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﯾض ذﻟك ﺗﻣﺎﻣﺎ ﺗﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎدﺗﯾن؟.
*** -2ﻓﻲ ﻣﺑررات اﻟﻘول ﺑﺎﻟﻘطﯾﻌﺔ ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎدة واﻟﻣواطﻧﺔ:
أﻣﺎم واﻗﻌﻧﺎ اﻟ ُﻣﻌوﻟم ﻛﻣﺎ ﻧﻌﯾﺷﮫ اﻟﯾوم ،ﺗﺑدو ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻘﯾم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻋﻣﯾﻘﺔ ﻣن اﻟﺗﺄ ّزم
واﻹﻧﺗﮭﺎك ﺑﻔﻌل إدارﺗﮭﺎ ﺑواﺳطﺔ ﻣوازﯾن اﻟﻘوى اﻟﻌﺎﻟﻣﯾّﺔ ،وﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾّﺔ اﻟﺗﻘﻧ ّﯾﺔ
واﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺻﺎرت ﺗُﻧﺗﺞ ﺿواﺑط ﺟدﯾدة ﻟﻠﻘﯾم ﯾطﻐﻰ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟطﺎﺑﻊ اﻹﺳﺗﮭﻼﻛﻲ اﻟ ُﻣﻌوﻟب
واﻟﻣﻛﺛف واﻟﻣﺗﻣﺎﺛل ،ﺗﻣﺎﺛل اﻟﺻور واﻷﺣﻛﺎم واﻟﺗﺻ ّورات اﻟﺗﻲ ﺗﺻﺎغ وﺗُدار داﺧل ﻣﺧﺎﺑر
وﻣﻛﺎﺗب ﻋﺎﻟﻣﯾّﺔ ﻧﺎﻓذة و ُﻣﺗﺣ ّﻛﻣﺔ .وھو ﻣﺎ ﺟﻌل ھذه اﻟﻘﯾم ﺗﻔﻘد ﻛل ﻋﻣﻖ وﺗُﺻﺎب إﻧﺳﺎﻧﯾﺗﻧﺎ
ﺑﺎﻟﺿرر ﻓﻲ ﻣﺿﺎﻣﯾﻧﮭﺎ اﻟﻛوﻧﯾّﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾّﺔ ﻣﺛﻠﻣﺎ ﯾُﺑرز ذﻟك "ﺟون ﺑودرﯾﺎر" ﻣن ﺧﻼل اﻧﺗﻘﺎده
اﻟﻼذع ﻟﻣﺧﺎطر اﻟﻌوﻟﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ "اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺟﮭﻧﻣﯾّﺔ" ﻗﺎﺋﻼ " :إن اﻟﻛوﻧﯾّﺔ ھﻲ ﻛوﻧ ّﯾﺔ ﺣﻘوق
اﻹﻧﺳﺎن ،واﻟﺣرﯾﺎت ،واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،واﻟدﯾﻣﻘراطﯾّﺔ .أ ّﻣﺎ اﻟﻌوﻟﻣﺔ ﻓﮭﻲ ﻋوﻟﻣﺔ اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت ،واﻟﺳوق،
واﻟﺳﯾﺎﺣﺔ واﻹﻋﻼم .ﺗﺑدو اﻟﻌوﻟﻣﺔ ذات اﺗﺟﺎه ﻻ ﻣﺣﯾد ﻋﻧﮫ ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﻛوﻧ ّﻲ ﻓﻲ طرﯾﻘﮫ
إﻟﻰ اﻟﺗﻼﺷﻲ...واﻟواﻗﻊ أن اﻟﻛوﻧ ّﻲ ﯾُﮭﻠك ﺑﺎﻟﻌوﻟﻣﺔ" .وأﻣﺎم ھذه اﻷزﻣﺔ اﻟﻘﯾﻣﯾّﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ
ﻋﺻرﻧﺎ اﻟراھن ،ﺛ ّم أﻣﺎم ﺣﺎﺟﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﻠ ّﺣﺔ إﻟﻰ ﻗﯾﻣﮫ وﻧﺷداﻧﮫ ﻟﮭﺎ واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ
ﻛﺣﺎﺟﺎت وﻣطﺎﻟب أﺳﺎﺳﯾّﺔ ،ﺗﺗﺧذ اﻟدوﻟﺔ ﻣﻧزﻟﺔ رﯾﺎدﯾّﺔ ﻓﻲ اھﺗﻣﺎﻣﻧﺎ ﺑﮭﺎ ،ﻟﻣﺎ ﻧُوﻛﻠﮫ ﻟﮭﺎ ﻣن ﻗدرة
ﻋﻠﻰ ﺿﺑط ﺗﻠك اﻟﻘﯾم ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﺳﯾﺎﺳ ّﻲ ﻗﺎﻧوﻧﻲ واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ ورﻋﺎﯾﺗﮭﺎ .وﻟﻛﻲ ﺗﻛون
اﻟدوﻟﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾﻖ ھذه اﻟﻐﺎﯾﺎت واﻷھداف ،ﻛﺎن ﻻ ﺑ ّد ﻟﮭﺎ ﺿرورة ﻣن ﺳﻠطﺔ وﺳﯾﺎدة.
-ص - 05