Page 4 - الدولة
P. 4
ﺗﺧﺗص اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﺑﺎﻹﺿطﻼع ﺑﮭﺎ ﺿﻣن ﺗﻔﻛﯾرھﺎ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن وﻗﺿﺎﯾﺎه اﻟوﺟودﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔــــــــﺔ.
وطﺎﻟﻣﺎ أ ّن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻣﻌﻧﯾّﺔ ﺑﺎﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺑﺣﻛم وظﯾﻔﺗﮭﺎ ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺗرﺗّب ﻋن ذﻟك
أن ﯾﺻﺑﺢ رﺑط ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟ ّدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻘﯾم أﻣرا طﺑﯾﻌﯾّﺎ ﺗﺑ ّرره طﺑﯾﻌﺔ وﺟودﻧﺎ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟذي ﯾﺗﺧذ
دﻻﻟﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾّﺔ ،ﯾﺗﺣ ّول ﻓﯾﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎﻧ ّﻲ ﻓﻲ ﻛﻠﯾّﺗﮫ اﻟﻣﻔﮭوﻣﯾّﺔ إﻟﻰ ﻧﻣط وﺟود ﻣﻧﺷود ﻻ ﺗﻣﺛل
أﺷﻛﺎل اﻟ ّدول إﻻ ﺗﻌﺑﯾرات ﻣﻣﻛﻧﺔ ﻋﻧﮫ ﺳواء أﻛﺎﻧت ﻣﻘﺑوﻟﺔ أم ﻣرﻓوﺿﺔ ﺑﻛ ّل ﻣﺎ ﺗﻛ ّرﺳﮫ ﻣن ﻗﯾم
ﺗﺣﺗﺎج ﻣزﯾدا ﻣن اﻟﺿﺑط واﻟﺗﻔ ّﻛر ﺳﻌﯾﺎ ﻟﺗﺄﺳﯾس ﻧﻣط اﻟوﺟود اﻷﻓﺿل ﻛﻣﺎ ﯾﺗﻣﺛﻠﮫ اﻟﻌﻘل وﯾﺄﻣﻠﮫ.
وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﻘﯾم ﺗﻌﻧﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر واﻟﻣﺑﺎديء واﻟﻣطﺎﻟب اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ ﻣﺛل اﻟﺣرﯾّﺔ
واﻟﻣﺳﺎواة واﻟﻌداﻟﺔ وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﺣﻘوق ،ﻓﺈﻧﮫ ﺳﯾُﺻﺑﺢ ﻣن واﺟب اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾّﺔ اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ
ﺿﻣن ﻣﮭﺎ ّﻣﮭﺎ ﺑﺗﻠك اﻟﻘﯾم ﻓﻲ إطﺎر اﻟ ّدوﻟﺔ ﻛﻣﺎ ﻧﻌﯾﺷﮭﺎ ،ﺧﺎ ّﺻﺔ ﻟﻣﺎ أﺻﺑﺣﻧﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﺗراﺟﻊ
ﻟﻠﻛﻠّﻲ اﻹﻧﺳﺎﻧ ّﻲ اﻟﻣﻧﺷود أﻣﺎم "ﺣﺿﺎرة اﻟﻼ ﻣﺳؤوﻟﯾّﺔ اﻟﻣﻌ ّﻣﻣﺔ" ﺑﻠﻐﺔ "إدﻏﺎر ﻣوران" ،وﺗﺣ ّول
اﻟ ّدوﻟﺔ إﻟﻰ "ﻣﻘﺑرة ﺗُدﻓن ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺧﺗﻠف ﻣظﺎھر ﺣرﯾّﺔ اﻹﻧﺳﺎن" ﻣﺛﻠﻣﺎ ﯾﺻ ّرح "ﺑﺎﻛوﻧﯾن".
وﻟﻛن ﻣﺎذا ﻧﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟ ّدوﻟﺔ؟ ،وﻛﯾف ﺗﺗﺣ ّدد ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ؟ .وأﯾّﺔ ﻣﻧزﻟﺔ ﻟﻠﺳﯾﺎدة؟ ،وﻣن ﺳﯾﻣﺛل
ھذه اﻟﺳﯾﺎدة ﻓﻲ إطﺎر اﻟ ّدوﻟﺔ؟ :ھل ﺳﺗﻣﺛﻠﮭﺎ اﻟﺷﺧﺻﯾّﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾّﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ذاﺗﮭﺎ ،أم ﺳﯾﻛون اﻟﺣﺎﻛم
ھو ﺻﺎﺣب اﻟﺳﯾﺎدة ،أم أ ّن اﻟﺳﯾﺎدة ھﻲ ﺻﻔﺔ اﻟ ُﻣواطﻧﺔ وﺻﻔﺔ اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﺣﻘوق؟ .وﻣﺎذا
ﺗﻛون ﺷروط ﺗﺣﻘﻖ اﻟﻣواطﻧﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾّﺔ واﻟﻌﺎﻟﻣﯾّﺔ؟ .وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﻧظم اﻟﺳﯾﺎﺳ ّﯾﺔ اﻟﻘﮭرﯾّﺔ
اﻹﺳﺗﺑدادﯾّﺔ واﻟﻛﻠﯾﺎﻧﯾّﺔ ﺗﻣﺛل ﻋواﺋﻖ ﺣﻘﯾﻘﯾّﺔ أﻣﺎم ﺗﺣﻘﻖ اﻟﻣواطﻧﺔ ،ﻣﺎ ذا ﺗﻛون اﻟﺷروط اﻟﺳﯾﺎﺳﯾّﺔ
اﻟﻣﺛﻠﻰ ﻟﺗﺣﻘﻖ اﻟﻧظم اﻟدﯾﻣﻘراطﯾّﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾّﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘطﻊ ﻣﻊ ﻛل أﺷﻛﺎل إھدار اﻟﺣﻘوق
وﺿﯾﺎﻋﮭﺎ ،وﺗﺳﻣﺢ ﺑﺗﺟﺳﯾد ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ وﺳﯾﺎدة ﻣواطﻧﯾﮭﺎ ﻓﻲ آن؟ .ﺛ ّم ،ھل ﯾُﻔﺿﻲ ﺑﻧﺎ ﺗدﺑﯾر
اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺗﺎﺑﻌﺗﮭﺎ اﻟﻣﺗواﺻﻠﺔ ﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﻠّﯾﺗﮫ إﻟﻰ اﺳﺗﺧﻼص أ ّن اﻟدوﻟﺔ
ھﻲ اﻟﺷﻛل اﻟﻣدﻧ ّﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻷﻣﺛل ﻟﻠوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﻣﻧﺷود؟ :أﻻ ﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﺣ ّد ذاﺗﮭﺎ
ﻋﺎﺋﻘﺎ ﺧطﯾرا و"ﺷ ّرا" ﯾﮭﺗك ﺑﺈﻧﺳﺎﻧﯾﺗﻧﺎ ،ﻣن واﺟﺑﻧﺎ ﺗﺧ ّطﯾﮫ وإزاﻟﺗﮫ ﻣﺛﻠﻣﺎ ﺗﻘ ّدر اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾّﺔ؟.
إ ّن ھذه اﻹﺣراﺟﺎت اﻹﺷﻛﺎﻟﯾّﺔ اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ ،ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﻣﺛل ﻣدار اھﺗﻣﺎﻣﻧﺎ ﺑﻣﺳﺄﻟﺗﻧﺎ اﻟﻣﺗﻣﯾّزة:
"اﻟدوﻟﺔ ﺑﯾن ﺣ ّدي اﻟﺳﯾﺎدة واﻟﻣواطﻧﺔ" .وھﻲ ﺑﺣﻛم ﺗﺷﻌﺑﮭﺎ وﺗداﺧﻠﮭﺎ ،ﺗﻔرض ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺗﻧﺎوﻻ
ﻣﺗد ّرﺟﺎ ﻧﻘ ّدره ﺿﻣن ﻋﻧﺎﺻر ﺗﺧطﯾطﻧﺎ اﻟﺗﺎﻟﻲ:
اﻟﺗﺧطﯾط:
-1ﻣﺑ ّررات اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ورھﺎﻧﺎﺗﮫ.
-2ﻓﻲ ﻣﺑ ّررات اﻟﻘول ﺑﻘطﯾﻌﺔ ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎدة واﻟﻣواطﻧﺔ.
-3ﻓﻲ ﻣﺑ ّررات اﻟﺗﺄﺳﯾس ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎدة واﻟﻣواطﻧﺔ ﻷﺟل اﻧﺗﺻﺎر اﻟﺣﻖ.
-4ﻓﻲ ﻣﺑ ّررات اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﻣواطﻧﺔ ﻋﺎﻟﻣﯾّﺔ وﺣظ ھذه اﻟﻔﻛرة ﻣن اﻟواﻗﻌﯾّﺔ.
-5ﻓﻲ ﺗﺟﺎوز ﻓﻛرة اﻟ ّدوﻟﺔ وﺗﺄﺳﯾس اﻹﺟﺗﻣﺎع اﻟﺑﺷري ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘﺎﺑل ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎدة واﻟﻣواطﻧﺔ.
-ص -02