Page 81 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 81
الأفلام التسجيلية والوثائقية
ثالثا :أشكال الفيلم الوثائقي
لأن كل اتجاه في السينما يعكس السمات الاجتماعية والسياسية للمرحلة التي يظهر فيها ،وهذه
بدورها انعكاس للظروف الاجتماعية والاقتصادية القائمة ،لذا فإن الفيلم الوثائقي كنوع متميز من
الفيلم ،وكتعبير عن إحساس اجتماعي وتفكير فلسفي يختلف جد الاختلاف في الهدف والشكل
عن الأنواع الفيلمية الأخرى ،خاصة وأنه قد أصبح حقيقة مادية نتيجة للمطالب الاجتماعية
والسياسية والتعليمية والمعرفية.
إضافة إلى أن عدم وجود قصة مكتوبة أو نجوم في الفيلم الوثائقي ،يجعل الإحساس شديد
بوسائل عرض الموضوع ،فالتصوير الضعيف والمونتاج غير المتقن ،أو استعمال الصوت
استعمالا غير موفق أو ملائم للصورة ،كل ذلك يظهر فيه بوضوح ،ولذلك فالاهتمام بالحرفية فيه
تكون عالية ،ولكن دون السماح لها أبدا بأن تلعب الدور الأول في الفيلم ،لأن ذلك .يجب أن
يعطى دائما للموضوع وللفكرة .خاصة وأن الفيلم الوثائقي لا يهتم كثي ار بالعقدة (هي أحداث تدور
حول أشخاص ومواقف تنشأ عن سلوكهم) ،وإنما يهتم بفكرة تعبر عن هدف محدد ،وعلى
الاعتقاد بأنه لا شيء يجذب المشاهدين أكثر مما يظنون أنه يشبههم ،إنه يعتمد على اهتمام
الفرد بالعالم المحيط به ،وإذا تضمن الفيلم أشخاصا فهم ثانويون بالنسبة للفكرة الأساسية فيه،
ولذلك فمشاكلهم الخصوصية لا أهمية لها ،وهم في العادة يلعبون دورهم في الفيلم كما يؤدونه في
حياتهم العادية تماما ،أما الد ارما في القصة والبناء في الشخصيات ،فليس في أيديهم ،بل في
طريقة المخرج وأسلوبه ومنهجه ،إنهم أنماط اختيروا من الجماعة ليصوروا عقلية وتفكير هذا
القطاع الاجتماعي أو ذاك ،وإذا وجدت مناظر ضخمة ،فلأنها أصيلة ،ولأنها تنبع بشكل طبيعي
من الموضوع ،والخلاصة هي أن للفيلم الوثائقي دائما هدفا محددا يرمي إلى تحقيقه ،وهذا الهدف
هو الذي يجب أن يكون العامل الأول في تحديد شكله .والحقيقة أن هناك اتجاهان حكما التطور
في أشكال الفيلم الوثائقي:
-1الاتجاه الأول يرى أن السينما التسجيلية م آرة تعكس الواقع من دون تدخل المخرج أو
الممثل" ،وعّبر عن هذا الاتجاه منظرون كبار مثل الألماني زيغفريد" ك اركاور ،والفرنسي أندريه
با ازن".
71