Page 79 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 79
الأفلام التسجيلية والوثائقية
للتعبير الشخصي عن وجهات النظر بقضايا شديدة الحساسية ،ومن زوايا محددة تخدم وجهات
النظر تلك بعيدا عن دقة التفاصيل ،وحقيقة الوقائع.
وعلى سبيل المثال :ينتمي فيلم المخرج اليهودي "كلود لانزمان( ،المحرقة) إلى الأفلام الشخصية،
حيث يوثق "للهولوكست" ،أو ما دعي "المحرقة النازية لليهود" ،والذي بلغت مدته أكثر من تسع
ساعات ،واعتمد على الحضور الشخصي للمخرج ولوجهات نظره في الفيلم ،وعلى المبالغة
والإلحاح المفرطين في طرح الاسئلة حتى على من لا يرغبون من الناجين باستعادة تلك
الذكريات ،بزعم الإحاطة بالملابسات الكاملة لمعسك ارت الموت.
كما ينتمي فيلم (جامعو المحاصيل وأنا) للمخرجة الفرنسية "أنيس فاردا" إلى نفس النوعية ،حيث
تقدم منظو ار شخصيا لتجربتها الحميمية مع موضوع فيلمها ،عندما تكشف عن علامات تقدمها
في السن من خلال لقطات مقربة ليديها وشعرها المتساقط عندما تندهش من صغر حجم
المعدات المستخدمة في جمع المحاصيل ،كما أظهرت نفسها في الفيلم ،وهي تمشي على أط ارف
أصابعها وسط الموضوعات التي تصورها ،وتُظهر إعجابها ومودتها وحنانها تجاه الناس الذين
تحاورهم ،ومن بينهم أناس بلا مأوى وعمال باليومية ومحامين وعاطلين ،جميعهم مرتبطون بمهنة
الجمع سواء من الم ازرع أو من صناديق القمامة في المدينة.
-4الأفلام الوثائقية الروائية:
حتى في السنين الأولى للسينما -كما كنت قد أسلفت -كانت الأفلام الوثائقية تبنى على قواعد
الفيلم الروائي ،ولكن في العقدين الأخيرين الفيلم الوثائقي أصبح أكثر أهمية وأكثر رواجا وشعبية
كوسيط اخباري ،وكأداة لنقل الواقع أو الإيهام (به بأكبر قدر ممكن من التفاصيل ،مع الاهتمام
الشديد بالتفاصيل المميزة ،في تكوينات جمالية تعتمد على توظيف الزمن الفيلمي ،وأساليب السرد
المتبعة في السينما الروائية ،تعكس الكثير من ذاتية المخرج صانع العمل ،وتمتع المشاهدين عبر
ادخالهم في د ارما القصة.
سواء كان ذلك ،من خلال همهمة علي وفورمان" في الغابة في فيلم (عندما كنا ملوك) ،أو عبر
البحث عن اثنين من لاعبي كرة السلة الموهوبين في فيلم (أحلام صعبة) ،أو اختبار الصعوبات
أثناء أولمبياد ميونخ عام 1972في فيلم (يوم من أيام سبتمبر) ،أو البقاء البطولي على قيد
69