Page 75 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 75
الأفلام التسجيلية والوثائقية
بعيد تماما منذ بداياته عن التقاليد المسرحية ،ولصيق بميادين الواقع الواسعة ،حيث اعتمد تلقائية
السلوك الطبيعي ،واستخدام الصوت بطريقة خلاقة خاصية سينمائية.
ج -فضلا عن عناصر الالتقاء ،هناك نقاط افت ارق بين الفيلم الروائي والوثائقي ،فبينما يميل
الأول إلى خلق وحدة خيالية متكاملة للموضوع الذي يعالجه بإمكانيات غير محدودة ،يسعى
الآخر إلى الم ارهنة على التأثير الملموس الذي تنتجه إعادة تصوير الواقع بحزمة ضوء منضبطة
من دون أن يعني ذلك أن أمام الفيلم الوثائقي فرصا ضعيفة لأن يكون إنجا از فنيا مبتك ار وموهوبا
في تناوله لفكرة ما أو موضوع محدد.
ومن المعروف إن نقاط الافت ارق التي أشرتها الأدبيات النقدية السينمائية تكمن تحديدا في طبيعة
البنية الفنية التي يرتكز عليها كلا النموذجين (الروائي والوثائقي خارج التفسي ارت المبالغة التي
ترى في الفيلم الوثائقي نوعا سينمائيا أدنى مرتبة وأقل جاذبية للمتفرجين من باقي الأنواع
السينمائية الأخرى ،فهذا التصور يتناسى إلى حد كبير أن المقدرة على خلق شكل فني ناجح لا
يتوفر على امتياز هذا النوع الفني أو ذاك ،ولا يؤمن بالكيفية التي تتساوى في ضوئها العبقرية
الخلاقة المنتجة لقصيدة شعرية مع نظيرتها المنتجة لعمل روائي جبار أو لوحة باهرة الجمال،
من هنا نرى كيف أن النوعين السينمائيين تجاو از تعارضاهما وانتجا مشتركاتهما ،عبر التطور
الهائل الذي طال كل أشكال الصناعة السينمائية وديمومة تجدد وسائلها فانتج نماذجه السينمائية
المتميزة.
وبالاستناد إلى كل ما سبق ،حدد الباحثون أشكال وقوالب الفيلم الوثائقي على النحو الآتي:
-1الأفلام الوثائقية الروائية " : Expositoryوهي غالبا ما تكون تعليمية وتستخدم مقدم (مذيع)
أو تسجيل صوتي في الخلفية أثناء العرض.
-2أفلام الرصد أو الم ارقبة " : Observationalوتعتمد على تثبيت الكامي ارت ومكب ارت صوت
لتسجيل الوقائع الحياتية ،حيث يقف طاقم العمل بصمت دون التدخل في المشهد أو إزعاج
المشاركين فيه ،وتصنف هذه الأفلام ضمن ما يسمى سينما "الدوجما" التي تنظر إلى المشكلات
والوقائع الانسانية والمواقف بنظرة ثابتة جامدة محايدة ،بغض النظر عن العوامل والظروف
المحيطة.
65