Page 77 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 77

‫الأفلام التسجيلية والوثائقية‬

‫والحاجة إلى استحداث أساليب فنية جديدة تلبي تلك الاحتياجات والرغبات‪ ،‬وهو ما قاد إلى نشوء‬
‫تيا ارت سينمائية متعددة روائية ووثائقية)‪ ،‬وأدى إلى ظهور أشكال وقوالب جديدة للفيلم الوثائقي‪،‬‬
‫من وجهة نظر اخبارية‪ ،‬أو تحقيقية (استقصائية)‪ ،‬أو روائية‪ ،‬أو من وجهة النظر الشخصية‬

                       ‫لصانع الفيلم‪ ،‬أو من وجهتين معا‪ ،‬أو من ثلاث‪ ،‬أو منها كلها مجتمعة‪.‬‬

                                                      ‫‪ -1‬أفلام التحقيق (الأفلام التحقيقية)‪:‬‬

‫يمكن القول ‪ :‬أنه في م ارحل مختلفة من تاريخ السينما‪ ،‬كان أحد الأنواع الأربعة التحقيقية‪،‬‬
‫الإخبارية‪ ،‬الروائية الشخصية أكثر انتشا ار من البقية‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ :‬في الستينات اعتمدت‬
‫حركتين سينمائيتين على صيغة التحقيق‪ ،‬وهما حركة سينما الحقيقة في كندا وفرنسا التي سمحت‬
‫بإظهار وجهات نظر المخرجين‪ ،‬والمخرجين أنفسهم بشكل صريح في موضوعاتهم (المخرجان‬
‫ميشيل برو‪ ،‬وجان روش في فيلهما وقائع فصل الصيف‪ ،‬وحركة السينما المباشرة في الولايات‬
‫المتحدة الامريكية‪ ،‬التي قامت على فكرة أن السينما يجب ألا تكون مفتعلة قدر الإمكان‪ ،‬ولذلك‬
‫تجنبوا توجيه أسئلة لشخصيات موضوعاتهم‪ ،‬ورفضوا استخدام الموسيقى والتعليق المصاحب في‬
‫أفلامهم‪ ،‬كما حرصوا على عدم تقديم أنفسهم ووجهات نظرهم على الشاشة‪ ،‬وفيلمي (المدرسة‬
‫الثانوية‪ ،‬والرعاية الاجتماعية والإسكان (الشعبي) للمخرج فردريك وايسمان" خير مثال على‬
‫أسلوب حركة السينما المباشرة‪ ،‬وقبل ذلك بكثير فيلمي المخرج روبرت" فلاهيرتى"‪( ،‬نانوك في‬

             ‫الشمال) في عشرينات القرن العشرين‪ ،‬وفيلم (رجل) من (آ ارن) في الثلاثينيات منه‪.‬‬

‫وهذا ما يشير إلى أن مخرجو السينما بداية من منتصف القرن العشرين‪ ،‬أ اردوا أن يكون للفيلم‬
‫الوثائقي نفس القدر من الأهمية التي للفيلم الروائي‪ ،‬ولكن من خلال فهم منهجي للواقع الذي‬
‫يصنعون عنه الفيلم‪ ،‬سواء عبر تجريب نموذج السينما المباشرة‪ ،‬أو بجعل المشاهدين واعين بأن‬
‫ثمة شخص و ارء الكامي ار له علاقة بالموضوع كما في حركة سينما الحقيقة‪ ،‬وأيضا التأكيد عبر‬
‫على أن صناعة الفيلم الوثائقي يجب أن تتحرر من القواعد‪ ،‬بالشكل الذي سمح للمخرجين بأن‬
‫يضعوا بحرية قواعدهم الخاصة‪ ،‬وهو ما انعكس جليا في الأفلام الوثائقية بداية من سبعينيات‬
‫القرن العشرين في أفلام المغام ارت الشخصية للمخرج "فيرنر هيرتزوج"‪ ،‬الذي كان يضع نفسه في‬
‫موقع ليس فقط المشاهد‪ ،‬بل كشاهد على وفي قلب مواقف خطيرة‪ ،‬كما في فيلم (البركان)‪ ،‬حيث‬
‫ذهب المصور إلى جزيرة صغيرة كان سكانها يرحلون عنها‪ ،‬بسبب البركان الذي أوشك أن مع‬

                                           ‫‪67‬‬
   72   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82