Page 67 - thirdsecondary
P. 67
تبادل الآ ارء:
أسس الاقتباس من الآخر:
وجهة النظر الثانية: تلهّف مفكرو اليقظة العربّية إلى النهوض والتطّور
واللحاق بالغرب علمّياً ،ولكن هذا «الغرب» محت ّل
يؤّكد طه ُحسين:
«إ ّن سبيل النهضة هو ال ّسير على الّنهج الأوروب ّي يزحف إلى بلادهم لاستغلال ثرواتها الطبيعّية ،وقد
في معاشهم وطرقهم ومناهجهم وأساليبهم ،حتّى تتحقّق
أربكت هذه الازدواجّية رواد اليقظة وأوقعتهم في َحيرة،
المساواة والانصهار معهم في المشروع الحضار ّي في وأمام هذه الإشكالّية لدينا وجهتي نظر توضح كيف
كافّة جوانبه ،خي اًر كان أم ش اًر». نظر مفكرو اليقظة العربّية لهذا الموضوع؟
بينما يقول رفاعة الطهطاوي: وجه ُة النظِر الأولى:
«ينبغي أن نقلّد أوروبا بك ّل ما نستطيع ،أو ُقل يقول قسطنطين زريق« :إّني لست من الذين ينكرون
إّنها الخطر المحيق والمتدفق الذي يوشك أن ُيفّرق ك ّل الاقتباس من الغرب ،فالغرب لا ش ّك سابق لنا بم ارحل
ما حوله ،فكيف النجاة منه؟ الح ّل بتقليد أوروبا لننجَو في شؤون التعليم وسواها ،وعلينا أن نستفيد من خبرته
من الغرق ،فأوروبا قوّية ،وللوقوف بوجهها يجب أن
الواسعة في هذه الشؤون كلّها ،إّنما يجب أن يكون
نصنع قوة توازيها». اقتباسنا صاد اًر بالدرجة الأولى عن حاجاتنا الأصلّية
وملّبياً لها ،ونسعى إلى آخر ما تو ّصل إليه الغرب من
محمد محمد حسين ،كتاب الاتجاهات الوطنية في خب ارت إو�نتاج ،وهذا لا يصدق على الّنظم التي أخذناها
الأدب المعاصر ،ج ،2ص .229 في حقول التربية والتعليم إذ هي اليوم في بلادها موضع
أبدأ المناظرة: شك وتساؤل وتعديل وتحسين ،أما نحن فقد قبلناها على
-1يق ّسُم ال ّص ُّف إلى مجموعتين. عّلتها ومازلنا متمسكين بها».
-2تبح ُث ك ُّل مجموع ٍة عن الحج ِج والب ارهين
المنطقّي ِة التي تستنُد عليها لإثبا ِت الفكرة التي بينما يذكر طاهر الج ازئر ّي« :إ ّن الاقتباس من الأمم
المتقّدمة دليل على النباهة وليس كما يظن البعض
تؤّيدها. دليل ضعف ونقص ،فأوروبا لم تكن لتنهض وتخرج
-3تثب ُت ك ُّل مجموع ٍة الأس َس التي اعتمَدت
من سباتها وتخلفها لولا الاقتباس من الحضارة العربّية
عليها لإقنا ِع الطر ِف الآخر. الإسلامّية ،ومن الت ارثَين اليوناني والروماني ،ولك ّن
-4تدعُم ك ُّل مجموع ٍة فكرتَها بتفاصي َل وأمثل ٍة من الاقتباس لا يكون عشوائياً وغير مدروس ،بل يجب أن
الن ِّص ومصادِر التعلّم. يحدث وفق أسس علمّية صحيحة ،يجري الاقتباس بما
يتناسب مع البيئة العربية فقط وترك ما عداه ،والاقتباس
-5تذ ّكروا استخدام آداب الحوار في النقاش. لا يمكن أن يحدث دون تعُلّم اللغات الأجنبّية الحّية».
قسطنطين زريق ،أ ّي غد؟ د ارسات لبعض بواعث
نهضتنا المرجوة1957 ،م ،ص .108-107
كردعلي ،كنوز الأجداد1984 ،م ،ص.34
57