Page 50 - Jj
P. 50

‫العـدد ‪35‬‬   ‫‪48‬‬

                                                       ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

    ‫مشرفة يجب إبرازها! فلما سأله عمرو أديب ما‬              ‫سيارة رش المبيدات الذي يقتحم النافذة‪ ،‬والذي‬
‫المشكلة في أن يتناول الفن هذا الجانب وذاك الجانب؟‬        ‫تكرر في عدة مواضع بطول الفيلم‪ ،‬بينما ظل كثير‬
                                                        ‫من تلك الرسائل مبه ًما ومستغل ًقا على الفهم‪ ،‬وربما‬
     ‫تجاهل السؤال وراح ‪-‬وكأنما انتهزها فرصة‪-‬‬
  ‫يتحدث عن إنجازات الدولة والقضاء الساحق على‬               ‫لا معنى له إلا في عقل صانعه‪ ،‬كما أنني مضط ُّر‬
   ‫العشوائيات‪ ..‬إلخ‪ ،‬ولم يفته أن يشدد مرة أخرى‬           ‫للاعتراف بأني لم أستمتع بالأداء التمثيلي لأ ٍّي من‬
                                                        ‫الممثلين‪ ،‬ولم أر أغلبهم يصلحون حتى ككومبارس‪،‬‬
     ‫على ضرورة إبراز الإيجابيات‪ ،‬ثم قرر‪ ،‬بصفته‬            ‫ولذلك ففي رأيي أن حصول الفيلم على الجائزتين‬
‫حاصل على لقب «الفنان القدير» بالتقادم‪ ،‬أن يتطرق‬        ‫بكالجري وكان قد يرجع في جزء كبير منه إلى انبهار‬

    ‫للمستوى الفني للفيلم‪ ،‬إلا أنه لم يستطع الإتيان‬          ‫لجنتي التحكيم بأحداثة الـ‪ ،exotic‬أو الغرائبية‬
    ‫بانتقاد فني واحد يبرر تدني مستواه من وجهة‬          ‫القادمة من عالم آخر‪ ،‬وهو ما نجح المخرج فيه تما ًما‬
 ‫نظره سوى كون المخرج قد اعتمد على مجموعة من‬
‫الهواة الذين لم يسبق لهم العمل بالتمثيل! فلما سأله‬         ‫عام ًدا متعم ًدا‪ ،‬بالإضافة إلى اعتماد الفيلم في عدة‬
  ‫أديب عن رأيه في فكرة الفيلم من تحول الزوج إلى‬          ‫مشاهد استراتيجية على بعض مقطوعات الموسيقى‬
   ‫دجاجة وما تلاه من أحداث‪ ،‬اعترف منير بأنه لا‬           ‫المصرية لأغنيات أم كلثوم وغيرها كخلفية للقطات‬
   ‫يستطيع أن يتحدث عن ذلك الأمر لأنه لم يشاهد‬
‫سوى جزء فقط من الفيلم (ولا بد أنها خطيئة الفيلم‬            ‫ديستوبية عدمية مرعبة‪ ،‬وكلها موسيقي شديدة‬
     ‫نفسه الذي اضطره للمغادرة عو ًضا عن البقاء‬           ‫الغرائبية بالنسبة للأذن الأوروبية‪ ،‬ووحدها كفيلة‬

                     ‫لمشاهدته إلى النهاية وتكوين‬             ‫بإذابة قلب الناقد أو المشاهد الأوروبي المثقف‬
                      ‫حكم موضوعي عنه!)‪ ،‬فلما‬                ‫من رواد أفلام المهرجانات الدولية‪ ،‬كما أن تلك‬
                                                            ‫الديستوبيا ليست خيا ًل علميًّا‪ ،‬بل هي موجودة‬
                        ‫أخبره أديب أن الفن ينقل‬          ‫بالفعل بهذا الكوكب ويعيشها بشر حقيقيون‪ ،‬وهو‬
                       ‫الواقع أحيا ًنا وأنه من غير‬       ‫ما يضفي على الفكرة المزيد من الإثارة‪ ،‬هذا فض ًل‬
                    ‫المعقول أن تتناول كل الأعمال‬         ‫عن أن الاختزال المتعمد للحوار ‪-‬الذي جعله شديد‬
                     ‫الفنية حكايات الحب والغرام‬         ‫الركاكة والاستفزاز للأذن المصرية‪ -‬قد تم تجاوزه‬
                    ‫على شواطئ الجونة والساحل‬            ‫وتعويض أثرة السلبي بعد الترجمة فأصبح منطقيًّا‬
                     ‫الشمالي‪ ،‬اعترض منير مؤك ًدا‬
                   ‫أن على الفن ألا ينقل الواقع كما‬                                    ‫ومفهو ًما وسل ًسا‪.‬‬
                     ‫هو وإنما مجم ًل! فلما حاول‬
                 ‫أديب تذكيره بأن الفن السينمائي‬               ‫رسالة الفن وفن الرسالة‬
                   ‫المصري في كل مراحله قد برع‬
                     ‫في تناول الفقر ومنه ما قدمه‬       ‫في لقاء الإعلامي عمرو أديب مع الفنان شريف منير‬
                  ‫هو نفسه في فيلم الكيت كات من‬         ‫عن أسباب انسحابه من العرض قال الأخير كلا ًما لا‬
                    ‫نموذج قد لا يعتبره الكثيرون‬
                     ‫مش ِّر ًفا‪ ،‬وأن ذلك لا يجب أن‬       ‫يمت للفن ولا للواقع بصلة‪ ،‬شار ًحا ‪-‬بعبارته‪ -‬أنه‬
               ‫يشكل مشكلة لأحد‪ ،‬أصر منير على‬              ‫«اتخنق» من الفيلم لأنه ُيظهر الفقر بمصر بشكل‬
                  ‫أن هناك اختلا ًفا كبي ًرا بين الفقر‬
                 ‫والدعارة والمخدرات التي عرضها‬         ‫قبيح وغير لائق‪ ،‬مؤك ًدا أن المصريين لم يعيشوا أب ًدا‬
                  ‫فيلم الكيت كات وبين هذا الفيلم‬          ‫في مثل هذه الظروف المتدنية! بل وحتى من كانوا‬
               ‫المسيء! ثم عاد مرة أخرى ليتحدث‬
              ‫عن مبادرة حياة كريمة والأسمرات‪..‬‬          ‫من سكان العشوائيات‪ ،‬قبل ما تم مؤخ ًرا من قضاء‬
               ‫إلخ‪ ،‬متسائ ًل في عجب شديد‪« :‬بقى‬         ‫مبرم عليها ومن إعادة تسكين أهلها في مناطق جميلة‬

                                                        ‫متحضرة ‪-‬على حد قوله‪ ،-‬فحتى هؤلاء في رأيه لم‬
                                                        ‫يعيشوا أب ًدا حياة فقر مثل هذه! وأكد منير أنه شعر‬

                                                          ‫بالضيق من حصول هذا الفيلم بالذات على جائزة‬
                                                           ‫دولية‪ ،‬بينما توجد ببلدنا مناظر جميلة وجوانب‬
   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55