Page 54 - Jj
P. 54
العـدد 35 52
نوفمبر ٢٠٢1
الاهتمام بتفاصيل في حفلة عيد ميلاد الابن غ ًدا! ورمزيتها لإله الحق والعدل؛ فإنها تغيرت في
يكشف لنا المخرج هنا علاقة الزوج بزوجته وعلاقتها منظورنا الشعبي لتصبح دلي ًل على التباهي وفوقية
بزوجها ،هي مجرد خادمة له ولأولاده وهو مجرد الأشخاص وتعاليهم عن الجموع حين نقول (على
عائل ،لا تعرفه إلا في الفراش ،لا تفهم هزله من جده، راسه ريشة) ،وصو ًل إلى التعبير عن اللاشيء حين
نقول (اللي ييجي في الريش بقشيش) ،وكأن الريش
يحكي لها على الغداء وهو يحتسي كوب من اللبن هو أهون الأشياء وبدون قيمة لدرجة ألا نجزع ولا
عن وجوده أثناء البعثة ،وكيف أنهم يقدمون لهم
أبقا ًرا صغيره على أطباق ليحلبوها ويشربوا منها لبنًا نهتم حين فقده.
ساخنًا مباشرة ..وهي لا تعي ماذا يقول وعن ماذا في المشهد الأول للفيلم والمعروف بالمشهد التأسيسي
يتحدث ،وبدون رد فعل منها يرمقها زوجها وكأنها
قطعة حجر أو جزء من هذا الأثاث المتهالك ،مشهد يضعنا (عمر الزهيري) أمام ملخص فيلمه ،على
كاشف لضجر الزوج ولطبيعة زوجته المحايدة أمام شاشة سوداء يبرز شريط الصوت بكاء أحد الرجال
كل الكلمات وكل الظروف وكأنها مسلوبة القدرة على بصوت مسموع ،ويستخدم (كبريت) للإشعال وهو
أي فعل أو رد فعل ،حتى مشهد تقطيع الباذنجان في حالة نحيب ،لتفتح الشاشة المظلمة على مشهد أكثر
الذي طلبه الزوج يظهر عشوائية وعبثية في تقطيع
الباذنجان على عكس ما تعودنا عليه من ربات المنازل، إظلا ًما لشخص يشعل النار في نفسه ليطير دخان
كل شيء عبثي ،يستكمل المخرج إظهار حالة الزوج جسده مع الهواء وسط صراخه في فضاء لا يسمعه
قبيل ليلة عيد الميلاد ،ويبدو أنه يحتاجها للفراش، أحد ،وتنهار بقاياه وحي ًدا داخل موقع مصنع يعبر
ولكنها نائمة والمخدة القذرة على رأسها وكأنه إعلان عن عالم صناعي فقير خا ٍل من الأشخاص والمشاعر.
عن انغماسها في تلك الحالة العامة التي تعيشها
مشهد البداية مكتمل الفصول وكأنه قصة مكتملة
ويعاني منها الزوج بالتبعية. لا تحتمل أي توضيحات أو إضافات داخل الشريط،
ليلة عيد ميلاد الابن هي نهاية الفصل الأول من
الفيلم ،مشهد عبثي أي ًضا ،بالونات وزينة وضيوف ليقطع هذا المشهد على شاشة سوداء تحمل عنوان
الفيلم وقطع على صورة بعد الحرق ..مصنع خا ٍو
يظهر أحدهم بملابسه الداخلية ،وآخر بنظارة ولاشيء سوى رماد الجسد في نهاية لهذا المشهد
شمسية في الليل ،وسيدة وحيدة بغطاء الرأس،
مشهد تعريفي بالأشخاص في هذا المجتمع ،مجتمع المأساوي.
ذكوري ،قليل من الأطفال ،ثلاثة أبناء ذكور وطفلة يبدأ الفيلم بمشهد تعريفي بالمكان والأشخاص؛ منزل
وحيدة مع المدعوين تظهر بظهرها للكاميرا بشكل فيه فقير ج ًّدا يعج بالقذارة وسوء حالة كل ما يحتويه من
تجهيل لها ،وكثير من الرجال ،وصديق يبدو ثراؤه أثاث ،وربما من الأشخاص أي ًضا ،المكان والأشخاص
النسبي ،ورقص ذكوري في حفلة عيد ميلاد وسط
أغاني عيد الميلاد المألوفة ،وكعكة كبيرة لا تعكس على شريط فيلم (عمر الزهيري) لا ينفصلان عن
فقر المكان ،وصديق الزوج يناول الطفل مبل ًغا ماليًّا بعضهما ،انعكاس المكان على الأشخاص وتأثير
كهدية عيد ميلاده ،ولا ينسى عند مغادرته الحفلة الأشخاص على المكان هو جوهر ومفتاح فهم اللغة
أن يضع في يد الأب والزوج زجاجتين من مشروب، السينمائية التي انتهجها المخرج ،زوجة مستكينة
وينبهه أن هذا الصنف من النوع الغالي ،وفقرة أمام زوجها لا تعرف عنه شيئًا سوى أنه يعطيها
ساحر يقوم بأعمال سحرية أمام المدعوين وخلفيتهم القليل من المال لسد حاجتهم من الأكل الذي يقرره
أدخنة المصنع الملوث للبيئة ،يستدعي الساحر الأب بنفسه ،مناظر عبثية تحيط بالمشهد ،زوج يرتدي
لمشاركته في فقرة من فقراته ليضعه في صندوق ملابس أفضل كثي ًرا من مستوى حياتهم ،زوجة
ويحوله بلعبة سحرية لدجاجة ولا يستطيع استعادته تنظف ملابس وترتدي أقذرها ،شقة متهالكة تعيش
وسط استنكار المدعوين وجمود الزوجة وصمتها، فيها عائلة مكونة من أم وأب وثلاثة أطفال ،تهتم
بتلميع حذاء الزوج وكل شيء حولها ملوث ،حتى
المحيط الخارجي الملوث بدخان المصانع يطهرونه
من الحشرات الطائرة بدخان كيماوي يدخل لمنزلهم
الملوث أسا ًسا .وسط هذا العبث يطلب الزوج منها