Page 93 - Pp
P. 93

‫زارني حسين في شقتي وكان الليل في أوله‪ ،‬جلسنا أو ًل في‬
                                         ‫غرفة المكتب فقلت‪:‬‬

‫‪ -‬يا حسين دعني أ ُكن واض ًحا معك‪ :‬أنت شاعر وشاعر‬
‫عاطفي ج ًّدا‪ ،‬فكيف يكون لك مثل هذا الدفتر الذي ما تركت أح ًدا‬
‫ولا مكا ًنا في بغداد إلا ورقم تلفونه معك‪ ،‬والمفروص أني لا أجد‬
‫فيه إلا أرقام حبيباتك‪ ،‬وأنت دائ ًما تقول مثل كبار الوجوديين‬
‫«أنا هنا وليذهب الآخرون إلى الجحيم» والدفتر يثبت غير ذلك‪ ،‬يا‬

               ‫أخي أنت شاعر ولست عامل في بدالة تلفونات‪.‬‬
                        ‫بدا أمامي مفجو ًعا بما سمعه‪ ،‬قال‪:‬‬
                                           ‫‪ -‬وما العمل؟‬

‫قلت‪ :‬اق ِض على الدفتر والعن اليوم الذي كبر وزاد في رعايتك‪.‬‬
‫جلب ُت وعا ًء معدنيًّا وفتحت باب المكتب المؤدي إلى الشرفة‬
‫وقلت‪ :‬هات دفترك واتبعني‪ ،‬هناك في الشرفة أحرقنا الدفتر‬
‫ورق ًة ورقة‪ ،‬في البداية كان يفعل ذلك بقناعة ما بعدها قناعة‬
‫لكنني على ضوء اللهب‪ ،‬لمحت أس ًفا دفينًا سرى في زاويتي فمه‬
‫بعدها نزلت قطرة من عينه عندما رأى أسماء الحبيبات تحترق!‬
‫بعد أقل من شهر‪ ،‬كنت حينها في حاجة ماسة لأن أتصل‬
‫بأحدهم‪ ،‬سألت عن رقم تلفونه فما اهتديت‪ ،‬قلت لع ِّل أجده عند‬
‫حسين الحسيني‪ ،‬وهو ليس ببعيد عني‪ ،‬هو في الطابق الرابع‪،‬‬
‫في دار المأمون وأنا في الدور الثاني في مجلة الأقلام‪ ،‬فتحت باب‬
‫غرفته وطلبت منه إن كان رقم ذلك الشخص عنده‪ ،‬فقال‪ :‬عليَّ أن‬

     ‫أبحث عنه‪ ،‬وفتح دفت ًرا وضعه أمامه وبدأ يقلب فيه‪ ،‬قلت‪:‬‬
                               ‫‪ -‬ما هذا الدفتر يا حسين؟‬

                                                                              ‫‪93‬‬
   88   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98