Page 97 - Pp
P. 97

‫حصان أسود‬

‫دفع أحدهم باب الكافتريا ودخل‪ ،‬تف َّحص الجالسين قبل أن يقع‬
‫بصره عليَّ‪ .‬في حقيقة الأمر‪ ،‬أتناول فطوري هنا قبل الذهاب إلى‬
‫عملي‪ ،‬عاد ٌة ما تخلَّيت عنها منذ أكثر من سنة وخلال هذه الفترة‬
‫ما سبق لي رؤية هذا الذي دخل إلى الكافتيريا‪ ،‬تق َّدم ناحيتي وما‬
‫ظل بيني وبينه غير الصحون التي على المنضدة‪ ،‬وبدل أن أسمع‬
‫منه شيئًا أسرع بتوجيه ضربة مباشرة إلى فمي ما استطعت‬
‫تفاديها‪ ،‬شعرت أنه أطاح برأسي‪ ،‬كان مذاق الدم بين أسناني‬
‫عندما سقطت أر ًضا‪ .‬ساعدني بع ُض الحاضرين على استعادة‬
‫توازني والرجوع إلى طاولتي مجد ًدا‪ ،‬بينما البعض الآخر مسح‬
‫الدم عن فمي وجبهتي بمنديل ورقي‪ ،‬أخبرني بعض عمال‬
‫الكافتيريا أنهم حاولوا الإمساك بمن اعتدى عليَّ لكنه اختفى‪،‬‬
‫قال أحدهم‪ :‬ألا تعرفه؟ هززت رأسي نافيًا فقال‪ :‬إ ًذا‪ ،‬هو يعرفك‪.‬‬
‫طلبت أن يتركوني في حالي ففعلوا‪ ،‬لكن أحدهم قدم لي كو ًبا‬
‫من القهوة ذاك ًرا ‪-‬في محاولة لإرضائي‪ -‬أنه على حساب المحل‬
‫فارتشفتها على مهل وأنا أستعيد ما جرى‪ ،‬لماذا اختارني دون‬

                              ‫غيري‪ ،‬يس ِّدد إلى فمي قبضته؟‬
‫ما زلت أشعر بطع ِم الدم في فمي وبمقدمة أسناني تؤلمني‬
‫لدرجة أني كلما أضغط عليها بأصابعي يزداد الألم‪ .‬أنا في الحقيقة‬

                                                                              ‫‪97‬‬
   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102