Page 99 - Pp
P. 99

‫فمها المفتوح‪ ،‬جلست الطبيبة على مقعد دائري مرتفع قلي ًل‬
‫دافعة خلفها بصدريتها المفتوحة ونصف جسمها العلوي ملت ًّفا‬
‫في وضع جعلها تسيطر على ما هي منشغلة به‪ ،‬كان شعرها‬
‫المنسدل يغطي خدها الأيسر فلم ألمح وجهها جي ًدا‪ ،‬جعلني ذلك‬
‫أفكر بوجه الطبيبة وأضع إضافات من عندي على ما خفي عني‪،‬‬
‫لكن الصرخة التي علت قطعت تفكيري‪ ،‬واندفعت إلى داخل الغرفة‬
‫وما استأذنت أح ًدا‪ ،‬كانت الفتاة التي على كرسي الفحص شاحبة‬
‫الوجه منكمشة خو ًفا مما تراه أمامها‪ ،‬وقد أوقفت الطبيبة يدها‬
‫التي ترفع إبرة التخدير‪ ،‬بدا واض ًحا أن ما أوقفها بهذا الشكل هو‬
‫الصرخة المفاجئة التي أطلقتها الفتاة‪ ،‬عندما أصبحت في وسط‬
‫الغرفة أدارت الفتاة وجهها المتشنج نحوي وطلبت مني يائسة‬
‫مساعدتها‪ ،‬فوجدت نفسي واق ًفا بين الطبيبة وبينها‪ ،‬وضعت‬
‫الطبيبة الإبرة جانبًا وانسحبت بحركة واحدة إلى حيث يقع‬
‫مكتبها‪ ،‬جلست مرهقة وهي تنظر لي وللفتاة التي كانت تتشبث‬
‫بي‪ ،‬وربما لأن الطبيبة وجدتني حائ ًرا لا أدري ماذا أفعل‪ ،‬نادت‬
‫على أحد ثم طلبت مني مغادرة الغرفة‪ ،‬قالت الفتاة‪ :‬لا تذهب‪ ،‬أنا‬
‫معك‪ .‬وتشبثت بذراعي‪ .‬أحسست بها ترتعش‪ ،‬وقد رفعت بنصف‬
‫جسمها فوق كرسي الفحص‪ ،‬قلت لأطمئنها‪ :‬كل شيء على ما‬
‫يرام‪ ،‬لا تخافي‪ ،‬أنت معي وأنا معك ونحن سوية‪ .‬بدت الطبيبة‬

            ‫منزعجة فاعتذرت لها وقلت للفتاة‪ :‬لنخرج من هنا‪.‬‬
  ‫خرجنا م ًعا‪ ،‬أما الموضوع الذي قدمت من أجله فقد نسيته‪.‬‬
‫استعادت الفتاة هدوءها خارج المستشفى‪ ،‬كانت تتق َّدمني مما‬
‫أتاح لي ذلك فرصة النظر إلى شعرها القصير ورقبتها ورشاقة‬

                                                                              ‫‪99‬‬
   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104