Page 146 - merit 36- dec 2021
P. 146

‫العـدد ‪36‬‬                             ‫‪144‬‬

                                ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬                        ‫يقول إنه لم يكن ماركسيًّا‬
                                                                      ‫على الإطلاق‪ .‬وقد نظر‬
   ‫بالمعنى القديم‪ ،‬ولم يشدد‬         ‫“الرفيعة” و”الوضيعة”‬              ‫إلى اللغة ‪-‬وخاصة لغة‬
  ‫على أهمية الثقافة على نطاق‬        ‫لا يحدث بين النصوص‬                ‫النصوص الأدبية‪ -‬من‬

      ‫أوسع فقط ولكن شدد‬                ‫الكلاسيكية والشعبية‬        ‫حيث الخطابات والحوارات‬
  ‫أي ًضا على الحاجة إلى رعاية‬     ‫فحسب‪ ،‬بل بين الأصوات‬                ‫بين الخطابات‪ .‬فضمن‬
‫الثقافة البروليتارية أو الطبقة‬      ‫“الحوارية” الموجودة في‬
  ‫العاملة وتطويرها‪ .‬واقترح‬                                          ‫رواية مكتوبة في مجتمع‬
                                       ‫جميع الكتب العظيمة‪.‬‬          ‫متقلب‪ ،‬على سبيل المثال‪،‬‬
    ‫الحاجة إلى رؤية المثقفين‬      ‫وقد هاجم الناقد الماركسي‬          ‫قد يتضمن السرد خطا ًبا‬
   ‫سياسيًّا‪ -‬والحاجة إلى ما‬     ‫الألماني والتر بنيامين‪ ،‬خلال‬      ‫رسميًّا ومنطقيًّا‪ ،‬بالإضافة‬
  ‫سماه المثقفين “العضويين‬        ‫الفترة نفسها تقريبًا‪ ،‬بعض‬       ‫إلى خطاب آخر يتسرب إليها‬
 ‫الراديكاليين”‪ .‬ويدعو النقاد‬                                     ‫من خلال التعليقات الصعبة‬
‫الثقافيون المعاصرون الزملا َء‬      ‫الأشكال الأدبية التقليدية‬     ‫وحتى الحجج العكسية‪ .‬وفي‬
    ‫إلى “إضفاء الشرعية على‬          ‫والمألوفة التي شعر أنها‬        ‫كتاب عن “دوستويفسكي‬
‫فكرة كتابة المراجعات والكتب‬     ‫تحمل “هالة” ثقافية خادعة‪.‬‬            ‫‪ ”Dostoyevsky‬صدر‬
‫للجمهور العام”‪ ،‬و”الانخراط‬      ‫وتولى هذا الموقف جزئيًّا لأن‬      ‫عام ‪ 1929‬وفي دراسة عن‬
                                 ‫العديد من النقاد الماركسيين‬      ‫“رابيليه وعالمه ‪Rabelais‬‬
        ‫في القراءة السياسية‬     ‫السابقين‪ ،‬على أيامه‪“ ،‬جورج‬        ‫‪ ”and His World‬صدرت‬
   ‫للثقافة الشعبية”‪ ،‬وبشكل‬       ‫لوكاش ‪،”Georg Lukacs‬‬             ‫عام ‪ ،1940‬فحص باختين‬
                                   ‫بدا أنهم يميلون إلى تقدير‬
     ‫عام‪“ ،‬لإعادة تسييس‪..‬‬         ‫الروايات الواقعية في القرن‬             ‫ما يسميه الروايات‬
‫المعرفة”‪ ،‬وغالبًا ما ُيستشهد‬     ‫التاسع عشر‪ -‬ويعارضون‬           ‫“البوليفونية ‪،”polyphonic‬‬
                                ‫الأعمال الحداثية في زمانهم‪.‬‬
     ‫بجرامشي كمعزز مبكر‬          ‫ولم ُي ِش ْد بنيامين بالحركات‬         ‫كل منها يتميز بتعدد‬
  ‫لوجهات نظرهم‪Giroux( .‬‬            ‫الحداثية فقط‪ ،‬مثل الدادية‬     ‫الأصوات أو الخطابات‪ .‬ففي‬
                                   ‫‪ ،Dadaism‬بل رأى أي ًضا‬       ‫دوستويفسكي‪ ،‬تتميز الحالة‬
                     ‫‪)482‬‬         ‫أم ًل في تطوير أشكال فنية‬
    ‫وأخي ًرا‪ ،‬والأهم من ذلك‪،‬‬         ‫جديدة تستخدم الإنتاج‬           ‫المستقلة لشخصية معينة‬
                                ‫الميكانيكي والمصور‪ .‬وقدمت‬         ‫باختلاف لغته أو لغتها عن‬
       ‫ربط جرامشي الأدب‬            ‫هذه الأشكال‪ ،‬بما في ذلك‬       ‫لغة الراوي‪( .‬ويمكن لصوت‬
  ‫بأيديولوجيات الثقافة التي‬           ‫الراديو والأفلام‪ ،‬وع ًدا‬     ‫الراوي أن يكون حوا ًرا في‬
                                  ‫بتعريف جديد للثقافة عبر‬       ‫الحقيقة أي ًضا)‪ .‬ويجد باختين‬
      ‫أنتجها وطورها مفهوم‬         ‫مجال أوسع وأقل حصرية‬
     ‫“الهيمنة ‪،”hegemony‬‬                                            ‫في أعمال رابيليه أن اللغة‬
                                                   ‫للفنون‪.‬‬       ‫(الدنيوية) للكرنفال وغيرها‬
      ‫وهو مفهوم استخدمه‬           ‫وانتقد أنطونيو جرامشي‪،‬‬        ‫من الاحتفالات الشعبية تلعب‬
 ‫لوصف نظام المعاني والقيم‬                                        ‫ضد المحاكاة الساخرة لكثير‬
 ‫المنتشرة الذي يشبه الشبكة‬           ‫الماركسي الإيطالي الذي‬
                                ‫اشتهر بكتابة مذكرات سجنه‬             ‫من الخطابات الرسمية‪،‬‬
     ‫‪-‬الأيديولوجيات‪ -‬التي‬       ‫(التي ُنشرت لأول مرة تحت‬             ‫أي؛ خطابات القضاة أو‬
   ‫تشكل كيف تبدو الأشياء‪،‬‬                                           ‫الكنيسة‪ .‬لقد أثر باختين‬
                                   ‫عنوان رسائل من السجن‬             ‫على النقد الثقافي الحديث‬
      ‫وما تعنيه‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ما‬      ‫‪ Prison Notebooks‬في‬              ‫من خلال إظهاره‪ ،‬بمعنى‬
      ‫الواقع بالنسبة لغالبية‬      ‫عام ‪ ،)1947‬مفهوم الأدب‬          ‫ما‪ ،‬أن الصراع بين الثقافة‬
    ‫الناس داخل الثقافة‪ .‬ولم‬          ‫ذاته‪ ،‬وبعد ذلك‪ ،‬الثقافة‬
  ‫يكن جرامشي يرى الناس‪،‬‬
 ‫حتى الفقراء منهم‪ ،‬كضحايا‬
  ‫هيمنة عاجزين‪ ،‬كروبوتات‬
   ‫أيديولوجية حمقاء‪ .‬وبد ًل‬
    ‫من ذلك‪ ،‬اعتقد أن الناس‬
   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151