Page 157 - merit 36- dec 2021
P. 157

‫حول العالم ‪1 5 5‬‬

 ‫ذلك‪ ..‬التداخل داخل رأسي‪،‬‬        ‫ووضعت أختي في مدرسة‬                ‫في كوبا‪ ،‬لا شيء من ذلك‬
          ‫من المستحيل فكه!‬     ‫بعيدة؛ تديرها راهبات‪ ..‬كانت‬        ‫كان ليحدث‪ ،‬لكنه كان رج ًل‬

‫أتذكر أنها وجدتني استمني‪،‬‬         ‫دائما تشعر بالذنب حيال‬              ‫صال ًحا‪ ،‬وكان متشد ًدا‪..‬‬
    ‫لا يمكن أن يكون عمري‬            ‫ذلك‪ ،‬وكثي ًرا ما استغلت‬         ‫في السنوات القليلة الأولى‪،‬‬
                               ‫أختي؛ إحساس أمي بالذنب‪..‬‬
‫وقتها أكثر من ستة أو سبعة‬        ‫كان هناك الكثير من الذنب‬             ‫قبل أن تصبح السياسة‬
     ‫سنوات‪ ،‬أخبرتني إذا لم‬                                            ‫قبيحة‪ ،‬كان الأمر لطي ًفا‪.‬‬
                                                ‫في عائلتي‪.‬‬       ‫كنت سعيدة‪ ..‬سعيدة ج ًدا في‬
   ‫أتوقف‪ ،‬فسوف تخصيني‬             ‫بعد انتهاء الحرب الأهلية‪،‬‬        ‫المزرعة في غاليسيا‪ ..‬لم أعد‬
 ‫بسكين المطبخ‪ .‬قالت هذا ما‬      ‫حاولت العودة إلى إسبانيا‪..‬‬       ‫سعيدة كما كنت مرة أخرى»‪.‬‬
‫يفعلونه للخنازير‪ ،‬يخصونها!‬         ‫جرت أختي معها‪ ..‬كانت‬              ‫أردت أن أجعلها سعيدة‪،‬‬
 ‫لقد رأيتها تخنق الدجاجات‪،‬‬                                          ‫واداوي حزنها‪ ..‬أعتقد أن‬
                                       ‫الأشياء هناك رهيبة‬        ‫العديد من الأطفال‪ ،‬يشعرون‬
    ‫كانت لديها أسلوب حياة‬          ‫وخطيرة‪ ..‬عاشت لبعض‬
       ‫مزارعة قاسية! كانت‬        ‫الوقت‪ ،‬من خلال العمل في‬                       ‫بهذه الطريقة‪.‬‬
       ‫تضربني عندما أسلك‬       ‫السوق السوداء‪ ،‬لكنها عادت‬                 ‫شعرت أي ًضا‪ ،‬أنه إذا‬
      ‫سلو ًكا سيئًا‪ ،‬تضربني‬    ‫في النهاية إلى كوبا‪ ،‬وتزوجت‬              ‫استمرت في التعاسة‪،‬‬
                                                                  ‫فسيكون خطئي! أتذكر أنني‬
  ‫بشدة‪ ،‬بالملاعق الخشبية أو‬              ‫والدي بعد عامين!‬             ‫وعدتها بأن أدرس‪ ،‬لكي‬
 ‫علاقات المعاطف‪ ،‬لقد أصبت‬      ‫لا أعرف ما إذا كانت أحلامي‬        ‫أصبح طبيبًا؛ حتى أتمكن من‬
‫بجروح عديدة أكثر من مرة‪،‬‬       ‫السيئة‪ ،‬مرتبطة بكل الأشياء‪،‬‬          ‫الاعتناء بها‪ .‬كانت والدتي‬
                                                                        ‫حياتي ومركز كوني‪.‬‬
   ‫عندما كانت تغضب مني‪،‬‬            ‫التي أخبرتني أنها حدثت‬         ‫كانت أختي راشدة‪ ،‬وعاشت‬
 ‫كنت أخاف من مدى قوتها‪،‬‬            ‫لها ولأختي‪ ،‬أو بمزاجي‬            ‫في الولايات المتحدة‪ ،‬كانت‬
 ‫والأشياء التي كانت تقولها‪،‬‬     ‫العصبي‪ ،‬أو بحقيقة أننا كنا‬             ‫تزورنا كل عيد ميلاد‪،‬‬
  ‫والأسماء التي نادتني بها!‬        ‫في خضم ثورة اجتماعية‬              ‫بخلاف ذلك كنا أنا وأمي‬
                                                                     ‫وأبي نعيش وحدنا‪ ..‬كان‬
     ‫كان الأمر؛ كما لو كانت‬                        ‫أخرى‪.‬‬            ‫تشتيت الانتباه ضرور ًّيا!‬
‫تعاقبني على كل ما حدث لها‪،‬‬        ‫كانت كوبا في ‪١٩٥٧ -٥٦‬‬             ‫«جاؤوا في منتصف الليل‪،‬‬
                                                                        ‫وأخذوا كل سعادتي‪..‬‬
  ‫توبخني وتهددني بالهجر‪،‬‬              ‫مكا ًنا عني ًفا‪ ..‬المجلات‬     ‫اضطررت إلى الهروب مع‬
     ‫وتقيدني بأحزانها‪ ،‬فقط‬       ‫والصحف تخضع للرقابة‪..‬‬              ‫أختك [أختي غير الشقيقة‪،‬‬
    ‫لمعاقبتي‪ ..‬هل كنت عني ًدا‬                                    ‫من الناحية الفنية! على الرغم‬
                                    ‫عرضوا صو ًرا لما فعلته‬          ‫من أنني؛ كنت ممنو ًعا من‬
  ‫وعاصيًا؟ ربما كنت كذلك‪.‬‬        ‫قوات باتيستا‪ ،‬بالمتمردين!‬           ‫قول ذلك]‪ ..‬لم يكن لدينا‬
‫أعلم أنني كنت مبكر النضج‪،‬‬      ‫بالإضافة إلى صور الحوادث‬             ‫شيء‪ ..‬لا يوجد نقود‪ ..‬لا‬
                                                                  ‫طعام‪ ..‬كان عليَّ أن أتوسل‪..‬‬
     ‫وفضولي للغاية! إذ كنت‬               ‫ومسرح الجريمة!‬           ‫عائلتي أدارت ظهرها لي‪ ،‬لذا‬
  ‫ممتلئًا بنفسي وذكيًّا‪ ،‬ولكن‬        ‫كانت الصور بالأبيض‬
                                  ‫والأسود تتلاشى بداخلي‪،‬‬                     ‫عدت إلى كوبا»‪.‬‬
    ‫في الغالب‪ ،‬عندما لم تكن‬       ‫والدم مثل الحبر الأسود‪،‬‬             ‫هناك ذهبت للعمل؛ لدى‬
   ‫تحطمني‪ ،‬كانت تحنو عليَّ‪،‬‬         ‫والجثث المكسورة ُملقاة‬            ‫العائلات الثرية كخادمة‬
  ‫وتغذي طبيعتي النرجسية‪،‬‬
‫فألبس الملابس التي صنعتها‬              ‫في الخنادق‪ ،‬والناس‬
                                  ‫مثقوبة بثقوب الرصاص‪،‬‬
                  ‫من أجلي‪.‬‬        ‫ولكن أي ًضا؛ صور شابات‬
    ‫بعد سنوات‪ ،‬أدركت أنني‬         ‫مبتسمات‪ ،‬يرتدين ملابس‬
                                 ‫السباحة‪ ..‬كيف اجتمع كل‬
       ‫قد نضجت‪ ،‬من خلال‬
  ‫رؤية صور لنساء معذبات‪،‬‬
‫وبالطبع المصلوبات‪ ،‬حتى في‬
   152   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162