Page 156 - merit 36- dec 2021
P. 156

‫العـدد ‪36‬‬                             ‫‪154‬‬

                               ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬                         ‫في بعض القضايا المتعلقة‬
                                                                   ‫بزوجها الأول؛ الذي كان‬
    ‫وقتها كانت في السادسة‬          ‫على قيد الحياة؛ في كوبا‪،‬‬        ‫سياسيًّا‪ ،‬أو حول الحرب‬
     ‫عشرة من عمرها فقط‪..‬‬         ‫حيث كان عليها أن تعيش‪،‬‬            ‫الأهلية الإسبانية‪ ،‬وحول‬
 ‫كانت متمردة‪ ..‬لم تغادر أي‬     ‫بعد الهروب من الفوضى‪ ،‬في‬        ‫أشياء أخرى‪ ،‬قد لا ترغب في‬
‫فتاة منزلها‪ ،‬في ريف إسبانيا‪،‬‬
  ‫في سن السادسة عشرة في‬                           ‫إسبانيا‪.‬‬                   ‫الحديث عنها!‬
‫ذلك الوقت‪ ،‬فبالتأكيد لم يكن‬    ‫«جاؤوا في منتصف الليل من‬         ‫عندما كنت طف ًل كنت سلبيًّا‬
  ‫ممكنًا‪ ،‬أن تذهب للعيش في‬
                                   ‫أجله‪ ،‬من أجل خوسيه»‪.‬‬            ‫تما ًما‪ ،‬وبريئًا‪ ،‬ومستم ًعا‬
                   ‫بلد آخر‪.‬‬       ‫سمعت هذه القصة كثي ًرا‪،‬‬        ‫مثاليًّا‪ ،‬لا أُعلق على حديثها‪،‬‬
  ‫كان خوسيه أي ًضا متمر ًدا‪،‬‬    ‫لدرجة أنها مطبوعة في عقلي‬       ‫أكتفي باستيعابه كله‪ .‬أردت‬
  ‫حيث أتى إلى كوبا‪ ،‬لدراسة‬      ‫الباطن‪ .‬إنها في مجرى دمي‪.‬‬      ‫أن أكون مثل يسوع‪ ..‬أن آخذ‬
                                  ‫«كان كاهن المدينة معهم‪..‬‬
     ‫الهندسة الكهربائية؛ ثم‬        ‫كنت أعرف الكاهن‪ ..‬قال‬                    ‫ألمها في نفسي!‬
  ‫جرفته الأفكار الاشتراكية‪،‬‬      ‫إنه سيعيد خوسيه‪ ،‬بعد أن‬           ‫كنت أجلس على الأرض‪،‬‬
   ‫ورغب في العودة إلى البلد‬     ‫يتحدثوا إليه‪ ..‬لكن لماذا تريد‬     ‫وألعب مع الجنود؛ ورعاة‬
                                   ‫التحدث معه في منتصف‬
    ‫القديم‪ ،‬إلى مزرعة عائلته‬       ‫الليل؟ أنا سألت‪ ..‬قال لي‬           ‫البقر‪ ،‬أو صخرة على‬
       ‫وقريته‪ ،‬للمساعدة في‬                                         ‫الكرسي الهزاز‪ ،‬وأحيا ًنا‬
                                    ‫خوسيه‪ ،‬أن أبقى خارج‬           ‫في حضنها‪ ،‬أو على طاولة‬
 ‫إحداث التغييرات الاجتماعية‬      ‫الموضوع‪ ..‬قال لي إنه عمل‬       ‫المطبخ‪ ،‬حيث ُتعلمني؛ كيفية‬
      ‫الضرورية‪ ،‬كما أعتقد!‬                                     ‫قراءة كاريكاتيرات الصحف‪.‬‬
                                                  ‫رجال»‪.‬‬        ‫في بعض الأحيان؛ كنا نأخذ‬
 ‫«جاء هؤلاء الرجال‪ ،‬وأخذوا‬        ‫كانت صغيرة عندما حدث‬            ‫قيلولة بعد الظهر م ًعا‪ ..‬في‬
 ‫خوسيه مني‪ ..‬لم أكن أريده‬        ‫ذلك‪ ،‬في أواخر العشرينيات‬         ‫بعض الأحيان‪ ،‬كانت تقرأ‬
                                  ‫من عمرها‪ ..‬كانت حياتهم‬          ‫لي القصص المصورة وأنا‬
      ‫أن يذهب‪ ..‬لم أره مرة‬                                          ‫في السرير‪ ..‬كانت تفوح‬
 ‫أخرى‪ ..‬بعد أسابيع؛ وجدوا‬          ‫في هذه المزرعة المعزولة‪،‬‬     ‫منها؛ رائحة الطعام المطبوخ‪،‬‬
                               ‫المملوكة لعائلة زوجها الأول‪،‬‬
      ‫جثته في بلدة‪ ،‬على ُبعد‬                                                      ‫الطازج‪.‬‬
 ‫أميال‪ ..‬لقد تعرض للتعذيب‪،‬‬         ‫شاعرية‪ ..‬فقد كان هناك‬         ‫ما مرت به؛ كان عبارة عن‬
                                    ‫شلال وطاحونة‪ ،‬إذ قام‬       ‫سلسلة مستمرة من العذاب‪..‬‬
      ‫وإطلاق النار‪ ،‬عشرات‬      ‫خوسيه ببناء مولد كهربائي‪،‬‬         ‫تنهدت كثي ًرا‪ ،‬وغنت أغاني‬
                   ‫المرات»‪.‬‬                                     ‫حزينة؛ عندما لم يكن والدي‬
                                       ‫وولدت أختي هناك‪.‬‬
      ‫أخبرتني كل هذا بدون‬          ‫عاش خوسيه في هافانا‪،‬‬                         ‫في الجوار‪.‬‬
 ‫دموع‪ ،‬بقوة لم أنساها أب ًدا‪،‬‬   ‫حيث التقيا لأول مرة‪ ..‬رآها‬        ‫كانت سياسة والدي‪ ،‬هي‬
  ‫صوتها تكسر قلي ًل‪ ،‬عندما‬     ‫في حافلة؛ وتبعها إلى منزلها‪،‬‬
‫تحدثت عن الطريقة‪ ،‬التي تم‬        ‫رغم أنه كان على بعد أميال‬            ‫النقيض القطبي التام‪،‬‬
                                                                ‫لسياسة زوجها الأول (ذلك‬
       ‫العثور بها على الجثة‪.‬‬                   ‫من طريقه!‬       ‫الذي تم قتله‪ ،‬خوسيه)‪ .‬كان‬
    ‫«كنت خائفة على حياتي‪..‬‬       ‫جاءت والدتي إلى كوبا من‬
    ‫أخذوه هو وابن عمه‪ ..‬لم‬     ‫إسبانيا‪ ،‬في أواخر عشرينيات‬         ‫والدي مؤي ًدا للفاشية‪ ..‬لا‬
   ‫يحضر ابن عمه‪ ..‬وعاشت‬           ‫القرن الماضي‪ ،‬لتعيش مع‬         ‫أعرف كيف تزوجته‪ ..‬ربما‬
                                                                ‫لأنها شعرت أنها بحاجة إلى‬
      ‫والدة خوسيه معنا في‬           ‫أختها؛ بصفتها الأصغر‬        ‫رجل‪ ،‬لمساعدتها على البقاء؛‬
  ‫المزرعة‪ ،‬وعندما ُقتل؛ حثتنا‬    ‫بين أحد عشر طف ًل‪ ..‬كانت‬
‫على المغادرة‪ ،‬ربما لأنها كانت‬  ‫تهرب من التخلف عن الركب‪،‬‬
 ‫تخشى؛ أن يعودوا ويقتلونا‬         ‫وتعمل في رعاية المسنين‪..‬‬

   ‫جمي ًعا‪ ..‬عندما تزوجنا أنا‬
  ‫وخوسيه‪ ،‬كان علينا البقاء‬
   151   152   153   154   155   156   157   158   159   160   161