Page 158 - merit 36- dec 2021
P. 158

‫العـدد ‪36‬‬                               ‫‪156‬‬

                               ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬                        ‫خضم الإثارة‪ ،‬كان بإمكاني‬
                                                                 ‫أن أرى من أين أتى كل ذلك‪،‬‬
‫لأنني كنت عاج ًزا‪ ،‬عن إعادة‬    ‫وانغرس مسمار معدني تحته‬           ‫ظل شيئًا يعيش بداخلي؛ ولن‬
    ‫تشكيل نفسي‪ .‬فقد كانت‬            ‫في يدها‪ ،‬كاد أن يمر من‬
   ‫والدتي قد شكلتني‪ ،‬كانت‬                                                            ‫يختفي!‬
  ‫طوال حياتها تخبزني مثل‬         ‫خلالها‪ .‬صرخت أمي‪ ،‬فيما‬            ‫«جاؤوا في منتصف الليل»‪.‬‬
      ‫المعجنات التي تصنعها‬     ‫ركضت أنا من غرفتي؛ حيث‬              ‫تم نقل هذا الخوف إل َّي‪ ،‬لقد‬
     ‫لي‪ ،‬إمباناداس الكوبية‪/‬‬                                         ‫استوعبت ذلك‪ ،‬لقد رحبت‬
                                                ‫كنت ألعب‪.‬‬
 ‫الإسبانية المثيرة‪ .‬كنت شيئًا‬     ‫كان هناك دم على الأرض‪،‬‬               ‫به‪ ،‬كنت أرغب في ذلك‬
    ‫مستهل ًكا‪ ..‬لقد استهلكت‬                                       ‫الخوف‪ ،‬الإرهاب‪ ،‬كان الموت‬
                    ‫نفسي!‬             ‫وكانت شاحبة‪ .‬أرتني‬
                                   ‫ال ُجرح‪ .‬كل ما كنت أفكر‬           ‫المتربص قريبًا ج ًّدا‪ ،‬وإذا‬
 ‫كان الشيء الأكثر تطر ًفا في‬    ‫فيه لحظتها‪ ،‬كان هو يسوع‬            ‫استيقظت في طفولتي‪ ،‬وأنا‬
  ‫الهروب منها‪ ،‬هو أن أكون‬                                            ‫أصرخ بعد قراءة قصص‬
    ‫موسيقيًّا‪ ،‬وهذا ما فعلته‪،‬‬                    ‫المصلوب!‬           ‫القتل الوحشي (كانت تلك‬
‫كانت الموسيقى شيئًا يمكنني‬        ‫عاشت بشجاعة‪ ،‬وعلمتني‬
 ‫لف نفسي فيه‪ ،‬واستخدامه‬         ‫الثبات والمثابرة‪ .‬لقد علمتني‬          ‫المجلات الكوبية‪ ،‬المثيرة‬
                                ‫أن البشر ليسوا موثوقين أو‬               ‫للتشويق هي المفضلة‬
      ‫كدر ٍع وا ٍق‪ ..‬موسيقى‬     ‫جديرين بالثقة‪ ،‬وأن الأشياء‬
  ‫وكلمات‪ ،‬لن تؤذيني الحياة‬      ‫يمكن أن تنهار في أي لحظة‪.‬‬          ‫لدي)‪ ،‬ليس هذا لأنني كنت‬
                                ‫«كان الكاهن‪ ،‬بعد كل شيء‪،‬‬         ‫أخشى التعرض للقتل‪ ،‬ولكن‬
           ‫خلف هذا الدرع‪.‬‬
    ‫كنت خجو ًل ج ًّدا‪ ،‬كرهت‬         ‫هو الذي قاد تلك الغارة‬         ‫لأنني كنت أخشى الخوف‪،‬‬
 ‫المواقف الاجتماعية‪ ،‬فعندما‬                 ‫الليلية القاتلة»‪.‬‬         ‫والإحساس بالشلل من‬
  ‫أوضع في أحد هذه الموقف‪،‬‬                                             ‫الرعب المجهول؛ الذي لا‬
    ‫يندلع في جسمي العرق!‬          ‫لم يكن لد َّي طفولة بامبي‪.‬‬
  ‫استهلكت هويتي الجنسية‪،‬‬         ‫كانت هناك قنابل وحرائق‪،‬‬         ‫شكل محدد له‪ ،‬والذي تسرب‬
     ‫أفكار وعواطف متطرفة‬                                          ‫من تحت الباب‪ ،‬وتسلل عبر‬
‫وعنيفة‪ ،‬لم أكن منغم ًسا فيها‬         ‫وأشخاص ُيطلق عليهم‬            ‫النوافذ؛ ووجدني كلما أراد‬
 ‫إلا في الخيال‪ ..‬كان بإمكاني‬      ‫الرصاص في الشارع‪ .‬لقد‬                ‫ذلك؛ لأنه كان بداخلي!‬
   ‫الابتعاد عن القضبان‪ ،‬إذا‬                                          ‫عشت الأشياء في الليالي‪،‬‬
   ‫فكرت بالانغماس في ذلك‪،‬‬           ‫أحبتني والدتي بقدر ما‬             ‫التي ستأتي لي وتجدني‬
     ‫بأي طريقة أخرى‪ ،‬لكن‬       ‫تستطيع‪ ،‬وعملت فوق قدرتها‬            ‫خائ ًفا دائ ًما! ودائ ًما محتقنًا‬
  ‫الصور التي في رأسي‪ ،‬تلك‬                                                ‫بالأحلام والخيالات‬
‫التي تجيء في منتصف الليل‪،‬‬           ‫وحتى النخاع‪ ،‬من أجل‬                   ‫والأوهام! وتستمر‬
     ‫ولكن أي ًضا في منتصف‬         ‫تعليمي ورفاهيتي‪ .‬لم أكن‬             ‫هذه الخيالات والأوهام‬
  ‫النهار‪ ،‬لا تزال مثل الضوء‬       ‫ممتنًّا‪ ..‬كنت مثلها متمر ًدا!‬   ‫تحاصرني‪ ،‬بخسارة والدتي‬
 ‫المشتعل في شبكية العين‪ .‬لا‬        ‫لم أكن ممتنًّا‪ ،‬لأن الشيء‬        ‫لفترة طويلة؛ بعد وفاتها‪..‬‬
   ‫يمكن أن يكونوا حقيقيين‬      ‫الآخر الذي هربت منه‪ ،‬عاش‬                          ‫إنها تستمر‪.‬‬
                                 ‫مثل ثعبان ملفوف بداخلي‪،‬‬           ‫ذات مرة‪ ،‬أثناء فرم البصل‬
      ‫أب ًدا‪ ،‬لكنني قبلت ذلك‪.‬‬  ‫ولم أستطع التخلص منه‪ .‬لقد‬          ‫في كوبا؛ بأحد تلك الأجهزة‪،‬‬
    ‫الحقيقة هي طريقة مؤلمة‬      ‫شعرت بالحرج منها‪ ،‬عندما‬            ‫المزودة بمقبض بلاستيكي‬
                                  ‫كنت شا ًّبا في ميامي‪ ..‬هي‬         ‫دائري؛ وهي تضغط عليه‪،‬‬
      ‫للغاية‪ ..‬الحقيقة ليست‬    ‫وأختي‪ ،‬لأنهما لم تتعلما اللُغة‬       ‫تعرضت لحادث؛ يجب أن‬
                    ‫مغرية‪.‬‬        ‫الإنجليزية أب ًدا‪ ،‬ولم تفهما‬       ‫يكون المقبض قد انفصل‪،‬‬
                                  ‫أساليب الحياة الأمريكية‪.‬‬
‫والدي مات أو ًل‪ .‬كان قد جاء‬
                                            ‫كانتا جاهلتين!‬
                                   ‫لقد رفضت حبهما‪ ،‬ليس‬
                                   ‫فقط لقلق المراهق‪ .‬ولكن؛‬
   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162   163