Page 178 - merit 36- dec 2021
P. 178

‫العـدد ‪36‬‬                             ‫‪176‬‬

                                 ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬                                         ‫الجبل‪:‬‬
                                                                           ‫سآخذك إلى الجبل‬
     ‫الاقتصادي الاشتراكي‬             ‫يصيب القلب‪ ،‬والقلب هو‬        ‫وأحكي لك عن المآذن واللغة‬
‫والماركسي يسمون واقعيين‪،‬‬          ‫أقنوم الرومانتيكية‪ ،‬والغناء‬            ‫عن أخطائي العظيمة‬
                                                                 ‫عن الكلاب التي تنبح والغناء‬
  ‫وخاصة مذهبهم في الأدب‬             ‫أصله الشعر‪ ،‬أو هو أصل‬
      ‫والفن‪ ،‬أما الليبراليون‬     ‫الشعر‪ ،‬فإذا انتقلنا إلى ديوان‬                       ‫مشتعل‬
                                                                  ‫فما الجبل؟ إنه عالم الصفاء‬
    ‫فيرون أنفسهم واقعيين‬            ‫«انفجارات إضافية» ظهر‬          ‫والبراءة ومدينة «إرم ذات‬
  ‫حين يؤكدون على الطبقية‬         ‫لنا كيف يرى إبراهيم داوود‬         ‫العماد» التي ذكرها جبران‬
‫والتراتبية‪ ،‬والحق في التملك‬                                      ‫خليل جبران (‪)١٩٣١-١٨٨٣‬‬
  ‫بغير حدود ولا قيود « َد ْع ُه‬     ‫الرومانتيكية وهي تواجه‬
                                    ‫الواقعية وتتصارع معها‪،‬‬            ‫هي بلاد محجوبة خلف‬
           ‫يعمل دعه يم ّر»‪.‬‬         ‫ففي قصيدة «الواقعيون»‬                              ‫جبل‪:‬‬
    ‫القضية في القصيدة هي‬         ‫يرى الشاعر أن العدل غائب‪،‬‬
 ‫قضية العدل‪ ،‬والجدل حول‬             ‫فالبسطاء والذين لا حيلة‬         ‫يا بلا ًدا ُحج َب ْت منذ الأزل‬
   ‫العدل هو الشغل الشاغل‬           ‫لهم‪ ،‬تأخذهم الحياة بعنف‪،‬‬            ‫كيف نرجو ِك ومن أين‬
     ‫للمثقفين‪ ،‬الذين يحاول‬         ‫وإذا كان الواقعيون يحبون‬                          ‫السبيل‬
     ‫الشاعر أن يفهم فحوى‬             ‫أن يعترفوا بما هو واقع‪،‬‬           ‫أ ّي قف ٍر ُدو َنها أي جبل‬
                                  ‫فإن كلمة الواقعية هنا تعني‬          ‫سورها العالي و َم ْن منّا‬
                 ‫نظرياتهم‪:‬‬       ‫البرجماتية ‪ pragmatism‬أي‬                         ‫الدليل؟(‪)22‬‬
        ‫والحدي ُث عن العدل‬       ‫النفعية‪ ،‬لكن الشاعر يتلاعب‬
                                     ‫بكلمة الواقعيين‪ ،‬فيقول‪:‬‬       ‫وما اللغة؟ إنها حجاب‪ ،‬فقد‬
              ‫حدي ٌث طويل‬           ‫والعالم لا يح ُّب الواقعيين‬     ‫تعجز اللغة عن الإبانة‪ ،‬أو‬
  ‫يذ ّكرنا بالقطارات الرشيقة‬                                         ‫كما قال «النِّ ّفري»‪« :‬كلما‬
‫التي رجم ْتها ُقرانا بالأشواق‬           ‫والواقعيون لا يح ُّبون‬
   ‫ولكنه يصبّرنا على الوقت‬                       ‫أنفسهم(‪)24‬‬            ‫اتسعت الرؤي ُة ضاق ْت‬
                                                                   ‫العبارة»(‪ )23‬وما الغناء؟ إنه‬
      ‫ويجعلُنا رومانتيكيين‬             ‫السخرية تنصرف إلى‬            ‫كل ما يستدر الدموع من‬
  ‫ونحن نتح ّد ُث عن الجنس‬            ‫أصحاب الواقعية بالمعنى‬      ‫ترتيل للقرآن وتطريب شجي‬
‫وساديين ونحن نتح ّدث عن‬                                          ‫حزين‪ ،‬تثيره المآذن المتطاولة‬
                                      ‫الاقتصادي‪ ،‬والتناقض‬          ‫في الليل‪ ،‬لذلك ناسبها ذكر‬
                 ‫ال ُّتراب(‪)25‬‬    ‫يأتي من أن أصحاب المذهب‬
  ‫ما الذي جاء بالرومانتيكية‬                                           ‫الكلاب التي تنبح‪ ،‬تنبح‬
                                                                    ‫والغناء مشتعل‪ ،‬وهذا كله‬
                                                                 ‫ضمن خطة «الانفراد» فيا لها‬
                                                                  ‫من وحشة‪ ،‬ويا له من ت َع ُّب ٍد‪،‬‬

                                                                            ‫ويا له من طريق!‬

                                                                     ‫الرومانتيكية‬
                                                                      ‫والاغتراب‬

                                                                   ‫الحزن والغناء هما جذران‬
                                                                          ‫أصيلان في شجرة‬

                                                                    ‫الرومانتيكية‪ ،‬فالحزن داء‬
   173   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183