Page 181 - merit 36- dec 2021
P. 181

‫‪179‬‬         ‫الملف الثقـافي‬

‫يوسف إدريس‬  ‫هنري برجسون‬         ‫محمد عفيفي مطر‬                        ‫إنها تلك النظرة التي يصفها‬
                                                                            ‫كولن ولسون ‪Colin‬‬
      ‫الطبيعة» أو الميتافيزيقا‬      ‫‪ِ -‬ظ ّل وغبطتي وجنوني‬
 ‫‪ Metaphysics‬وهو مفهوم‬                            ‫‪ -‬والليل؟‬           ‫‪ )٢٠١٣-١٩٣١( Wilson‬في‬
  ‫يعني عند هنري برجسون‬                          ‫‪ -‬وحشتي‬                 ‫كتابه «الشعر والصوفية»‬
                                                                            ‫حين يقول «إن الرؤيا‬
     ‫‪-١٨٥٩( H. Bergson‬‬          ‫فإذا كانت المرأة الفاتنة وهبت‬            ‫الصوفية تتم حين يزاول‬
‫‪« )١٩٤١‬معرفة مطلقة نحصل‬           ‫«عبد ربه» غاية ما يسعده‪،‬‬               ‫الإنسان نظرة عصفورية‬

  ‫عليها بالحدس المباشر»(‪.)39‬‬     ‫حين كان في طفولته البريئة‪،‬‬          ‫على الحياة‪ ،‬أي حين ينسحب‬
    ‫تظهر صوفية «الماوراء»‬           ‫« ُق ْبلة وقطعة َم ْل َبن»‪ ،‬فإن‬       ‫منها‪ ،‬ولو للحظة واحدة‬
   ‫في شعر إبراهيم داوود في‬          ‫«الول َّي» قد شغل الشاعر‬
   ‫ديوانيه الأخيرين «أنت في‬                                            ‫فيرى منها قد ًرا أكبر‪ ،‬بد ًل‬
                                  ‫بما يناسب سنه‪ ،‬سأله عن‬                ‫من بقائه محصو ًرا ضمن‬
 ‫القاهرة» و»كن شجا ًعا هذه‬          ‫«الليل‪ ،‬والأولياء‪ ،‬والدين‬         ‫البؤرة الضيقة‪ ،‬بؤرة النظرة‬
   ‫المرة»‪ ،‬ففي قصيدة «ست‬            ‫الذي يدين به»‪ ،‬إنه يدين‬
                                                                             ‫الدودية المعتادة»(‪.)35‬‬
  ‫شمعات»(‪ )40‬تقرر القصيدة‬         ‫بدين العامة‪ ،‬يحب الأولياء‪،‬‬              ‫في هذا اللون من الرؤيا‬
       ‫أن الفن هو المستقبل‪،‬‬            ‫وأما أذكاره وتراتيله‪،‬‬         ‫الصوفية يقترب إبراهيم داود‬
                                                                     ‫من صورة الأولياء‪ ،‬يرسمهم‬
   ‫فهو يبتعد بنا عن الخراب‬        ‫فتسمعها الأشجار والمآذن‬                ‫كما رسم نجيب محفوظ‬
                   ‫والدمار‪:‬‬         ‫ألحا ًنا شجية‪ ،‬تملأ هواء‬         ‫(‪ )٢٠٠٦ -١٩١١‬المرأة الفاتنة‬
                  ‫«له لوحة‬            ‫الشارع في هدأة الليل‪.‬‬            ‫في «أصداء السيرة الذاتية»‪،‬‬
                                                                        ‫قال على لسان الشيخ عبد‬
        ‫تجمع مقر ًئا وعاز ًفا‬   ‫نظرة الطائر‪ ،‬التي أشار إليها‬               ‫ربه‪« :‬رأيت فوق الكنبة‬
      ‫ثم تجمع إيقاعهما م ًعا‬     ‫كولن ولسن‪ ،‬أسميها «رؤية‬             ‫الوسطى تحت البسملة‪ ،‬امرأة‬
                                  ‫الماوراء»(‪ )38‬والماوراء لغو ًّيا‬     ‫جالسة‪ ،‬لم أشهد في حياتي‬
             ‫لدرجة توحي‪..‬‬                                               ‫شيئًا أجمل منها‪ .‬ابتسمت‬
        ‫بأن الدين والمستقبل‬        ‫هي سابقة تلحق بها كلمة‬             ‫إل َّي فذهب ُت إليها‪ ،‬فحنّت عليَّ‬
 ‫من الممكن أن يكملا المشوار‬     ‫مثل الطبيعة فتصبح «ماوراء‬            ‫وق ْبلتني‪ ،‬ووهبتني قطعة من‬
                                                                        ‫الملبن‪ ،‬وكتم ُت الس َّر ليدو َم‬
                                                                        ‫العطاء»(‪ ،)36‬صورة كررها‬
                                                                      ‫نجيب محفوظ وجعلها رم ًزا‬

                                                                                          ‫علو ًّيا‪.‬‬
                                                                      ‫وفي قصيدة «الرجل الوحيد‬
                                                                      ‫‪ )37(»٢‬يقابلنا الليل‪ ،‬والغبطة‬

                                                                          ‫بلقاء ال َو ِ ّل الذي تتوسط‬
                                                                                 ‫صورته الجدار‪:‬‬

                                                                       ‫صور ٌة لول ٍّي تتوس ُط الجدا َر‬
                                                                                        ‫بمفردها‬

                                                                         ‫وصور كثيرة تحاصرها‬
                                                                                              ‫‪..‬‬

                                                                                 ‫والأولياء؟‪ :‬سأل‬
   176   177   178   179   180   181   182   183   184   185   186