Page 186 - merit 36- dec 2021
P. 186

‫العـدد ‪36‬‬                                                                           ‫‪184‬‬

                                ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬                                                                   ‫د‪.‬أحمد الصغير‬

        ‫العرفانية على مبحث‬         ‫تنشغل هذه الدراسة‬            ‫تجليات الاستعارة الإدراكية في شعر إبراهيم داود‬
   ‫الاستعارة بشكل كبير في‬                                            ‫«مقاربة عرفانية»‬
   ‫تأسيس معاييرها النظرية‬            ‫بطرح أشكال الاستعارة‬
                                    ‫الإدراكية‪ /‬العرفانية‪ ،‬في‬
      ‫وتطبيقاتها اللغوية على‬     ‫شعر إبراهيم داود(‪« )2‬حيث‬
   ‫الخطابات الإنسانية‪ ،‬ومن‬       ‫اتكأ الشاعر في بناء قصيدته‬

      ‫ثم فقد وضع لايكوف‬               ‫على خطابات استعارية‬
   ‫نظريات الإدراك من خلال‬         ‫متداخلة‪ ،‬متمر ًدا على البنية‬

    ‫الدخول في تكونات اللغة‬          ‫التقليدية للاستعارة التي‬
     ‫في الذهن‪ ،‬ومدى تخلقها‬            ‫تحدث عنها البلاغيون‬

       ‫العرفاني وتصوراتها‬          ‫القدامى‪ ،‬بوصفها لو ًنا من‬
    ‫الجنينية قبل تحويلها إلى‬     ‫ألوان البيان بجانب التشبيه‬
‫ألفاظ وأصوات منطوقة‪ ،‬يعبر‬
   ‫بها الإنسان عن أغراضه‪،‬‬             ‫والكناية والمجاز‪ ،‬ولكن‬
   ‫فاللسانيات العرفانية إذن‬        ‫في ظل البلاغة الإدراكية‪/‬‬
     ‫هي «تيار لساني حديث‬        ‫العرفانية‪ ،‬صارت الاستعارة‬
    ‫يرتبط بالدراسة النفسية‬        ‫نظرية مستقلة‪ ،‬لها أدواتها‬
     ‫التي تهتم بعمل الدماغ‪،‬‬       ‫وأشكالها المختلفة‪ ،‬معتمدة‬
    ‫ومتابعة العمليات العقلية‬
‫المختلفة‪ ،‬التي تتصل بالمعرفة‬          ‫على التصورات الذهنية‬
    ‫والإدراك بشكل عام‪ ،‬كما‬              ‫وفضاءاتها الدماغية‪،‬‬
 ‫يرتبط تاريخيًّا بمجموعة من‬
   ‫الأعمال التي ظهرت ابتداء‬         ‫حيث تتشكل الاستعارات‬
‫من منتصف السبعينيات على‬              ‫الإدراكية‪ /‬العرفانية في‬
 ‫يد كل من روش‪ ،‬ولا يكوف‬              ‫التصور الذهني للتعبير‬
‫وغيرهما‪ ،‬وهي أعمال تلتقي‪،‬‬            ‫عن أشياء بأشياء أخرى‬
                                  ‫يتبنين من خلالها التصور‬
      ‫رغم اختلاف المنطلقات‬           ‫العقلي والإدراكي لماهية‬
     ‫في مجموعة من الأسس‬           ‫الأشياء‪ ،‬وتموضعها داخل‬
 ‫والمبادئ‪ ،‬النظرية والمنهجية‪،‬‬    ‫العملية الإدراكية التي يقوم‬
  ‫التي تعتبر الظاهرة اللغوية‬       ‫بها الذهن‪ ،‬وخلايا تكوينه‬
      ‫ظاهرة نفسية لا يمكن‬       ‫النفسي المختزن داخل الذات‪،‬‬
 ‫فهمها إلا في علاقاتها بباقي‬          ‫فقد ارتكزت الاستعارة‬
    ‫الظواهر الذهنية الأخرى‪،‬‬         ‫بشكل مباشر على نظرية‬
   ‫كما تقر باستقلالية النظام‬     ‫اللسانيات العرفانية‪ ،‬لتهدف‬
  ‫اللغوي»(‪ .)3‬ومن ثم راحت‬        ‫إلى تطبيق معاييرها النظرية‬
‫اللسانيات العرفانية تدخل في‬      ‫في مقاربة الخطابات الأدبية‪،‬‬
 ‫العلوم البشرية كافة‪ ،‬للبحث‬
  ‫عن توالد الدلالات وأهدافها‬                       ‫وغيرها‪.‬‬
    ‫المتصورة‪ ،‬حيث أصبحت‬
      ‫الاستعارة عالمًا واس ًعا‬       ‫اللسانيات‪/‬‬
                                ‫الاستعارات العرفانية‪:‬‬

                                     ‫اتكأت نظرية اللسانيات‬
   181   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191