Page 265 - merit 36- dec 2021
P. 265

‫‪263‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

‫وباعتراف الكاتبة في المقدمة التي‬      ‫العودة إلى الوطن‪ ،‬بلا دار‪ ،‬ولا‬      ‫العشوائي‪ -‬أي عنوان آخر!‬
 ‫سطرتها «لا زلت أرى مشاعري‬
 ‫كالمتاهة‪ ..‬أقف حائرة لا أعلم أي‬      ‫عمل‪ ،‬لكن الأهم متاهة عدم تحقق‬         ‫ولأن الكتابة والتلقي م ًعا لا‬
  ‫طريق أسلكه»‪ ،‬جاءت قصصها‬                  ‫الأحلام‪ ..‬وفي القصة الثانية‬    ‫يسلّمان بالعشوائية‪ ،‬ويؤمنان‬
 ‫معبّرة تما ًما عن متاهتها في عالم‬    ‫بدلالا ٍت تنتجها اللغة أو ينتجها «كيس بلاستيكي»‪ ،‬متاهة فقدان‬
  ‫الكتابة على كل المستويات دون‬                                            ‫الخطاب‪ ،‬بعي ًدا عن نيّة الكاتب‬
                                      ‫الصديق غر ًقا‪ ،‬وفي القصة الثالثة‬    ‫واختياراته‪ ،‬يمكن الزعم أن‬
     ‫استثناء‪ ،‬عدا مستوى واح ًدا‬
  ‫تستحق عليه الثناء والتشجيع‪،‬‬         ‫«عصفور» متاهة البطل عصفور‬              ‫الكاتبة نجحت تما ًما في اختيار‬
  ‫وهو مستوى الطرح والمغامرة‪،‬‬                                                ‫عنوان مجموعتها‪ ،‬لتعبّر به عن‬
                                      ‫بعد أن فقد زو َجه وماله في النهر‪،‬‬   ‫متاه ٍة تستشعرها‪ ،‬أو يمكن القول‬
       ‫وأعني به طرح مجموعتِها‬           ‫وفي القصة الرابعة «أسامحك»‪،‬‬
‫ومغامرتها بنشرها‪ ،‬وهو مستوى‬                 ‫متاهة البطلة التي عاد إليها‬   ‫إن كتابتها نف َسها نجحت في‬

    ‫ليس هينًا ولا يسي ًرا‪ ،‬فبغ ّض‬     ‫أبوها بعد سنين طويلة‪ ..‬وهكذا‬
       ‫النظر عن تحفظات الكتابة‬        ‫التعبير عن متاهة الكاتبة‪ ،‬حتى في معظم قصص المجموعة‪ ،‬مع‬
                                      ‫وإ ْن لم تستشعر هي متاهتها في ملاحظة أن ثلاثين قصة من‬
‫والتلقي‪ ،‬إلا أنها خطوة ستستفيد‬                                                                ‫اختياراتها!‬
‫منها الكاتبة‪ ،‬وستستثمر تجربتها‬           ‫قصص المجموعة تشكل الأنثى‬            ‫فالغلاف كلوح ٍة فنية يعبّر عن‬
                                        ‫البطل َة الرئيسية‪ ،‬ما عدا قصص‬        ‫متاه ٍة واشتباكا ٍت بين رسو ٍم‬
   ‫استثما ًرا جي ًدا فيما هو آ ٍت من‬                                       ‫متباينة‪ ،‬هناك طيور وحيوانات‪،‬‬
 ‫كتابات‪ ،‬خاص ًة وأن هناك بعض‬              ‫(كيس بلاستيكي‪ -‬عصفور‪-‬‬            ‫وهناك فراشات ووجوه‪ ،‬وهناك‬
‫القصص تكشف عن قدرة الكاتبة‬            ‫كالحمام‪ -‬بلا عنوان‪ -‬أرجوحتي‬            ‫أي ًضا ُج َمل وعبارات متناثرة‪،‬‬
                                                                            ‫وألوان مختلفة‪ ،‬لا يكاد القارئ‬
      ‫على التقاط الفكرة ومحاولة‬          ‫لا تحب الزهور‪ -‬صيد الريم‪-‬‬         ‫أو المتلقي يتبين معنًى واح ًدا ِمن‬
 ‫تدويرها فنيًّا‪ ،‬مثل قصة «غصب‬              ‫وجبتك الفاخرة تأخذ وقتًا‪-‬‬      ‫كل هذه الرموز والإشارات؛ ليجد‬
‫عني أرقص»‪ ،‬وقصة «افهموني»‪،‬‬
‫وقصة «نبتة»‪ ،‬و»مريونت»‪ ،‬وهي‬           ‫كبوت) فالبطل فيها َذ َكر‪ ،‬ووجود‬                ‫نف َسه في أول المتاهة!‬
                                          ‫قصتين يصلح الضمير فيهما‬           ‫ولا يكاد المتلقي يطالع الإهداء‪،‬‬
  ‫قصص لا ينقصها إلا الاهتمام‬              ‫أن يكون َذك ًرا أو أنثى‪ ،‬وهما‬    ‫حتى يجد الكاتب َة تنص على أنها‬
     ‫باللغة‪ ،‬والصبر على كتابتها‪،‬‬                                            ‫كانت في متاه ٍة لا تعلم ِمن أين‬
     ‫ومحاولة الابتعاد عن تكرار‬         ‫ِقصتا (بالونة‪ -‬مصباحي تملؤه‬
                                      ‫الزهور)‪ ،‬ووجود قصتين حاولت‬              ‫تبدأ! ولا يكاد بتنفس المتلقي‬
  ‫الأفكار‪ ،‬والأهم من كل هذا‪ ،‬ألا‬                                            ‫الصعدا َء ُممنيًا نف َسه بالخروج‬
   ‫تمنح الكاتبة قارئها أو متل ّقيها‬        ‫الكاتبة فيهما أنسن َة الأشياء‬   ‫من المتاهة الثانية إلى عالم القص‬
‫ك َّل شيء‪ ..‬وهو الأمر الذي‬              ‫(قصة عزيزة عن عصا‪ ،‬وقصة‬
‫يمكن القول إن الكاتبة وهي‬             ‫قهوة على فحم عن بيت أو منزل)‪.‬‬
   ‫في متاهات الكتابة وقعت‬
                                                                          ‫والسرد‪ ،‬حتى تبا ِغته الكاتبة‬
         ‫فيه أكثر من مرة‪.‬‬
    ‫مستوى تكرار الفكرة‪:‬‬                                                   ‫بمقدمة تبدأها بقولها «لا زلت‬
   ‫لا ضير أن يكرر الكاتب‬
‫فكر َته‪ ،‬المهم أن يكون هناك‬                                               ‫أرى مشاعري كالمتاهة!‬
‫اختلاف في اللغة‪ ،‬واختلاف‬
     ‫في تناول الفكرة أو في‬                                                ‫وبوعي أو بدون وعي‪،‬‬
 ‫معالجتها فنيًّا‪ ،‬فإذا طالعنا‬                                             ‫بقص ٍد أو بدون قصد‪،‬‬
   ‫قصة «مريونت» ص‪58‬‬
  ‫نجد أنها تتكرر مرة ثانية‬                                                ‫جاءت معظم قصص‬

                                                                          ‫المجموعة تعبّر عن متاهات‬
                                                                               ‫أبطالِها وشخوصها‪،‬‬

                                                                          ‫فالأسرة الفلسطينية في‬

                                                                          ‫القصة الأولى «وصفوا‬

                                      ‫مريم مصلح‬                           ‫لي الصبر»‪ ،‬في متاهة‬
   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270