Page 262 - merit 36- dec 2021
P. 262

‫العـدد ‪36‬‬                                 ‫‪260‬‬

                                  ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

      ‫فكان من الطبيعي‪ ،‬إ ًذا‪ ،‬أن‬             ‫سعد زغلول‬             ‫طلعت حرب‬  ‫قاسم أمين‬
   ‫تتجه تلك المرأة بكل ما وهبت‬
  ‫من ذكاء ومقدرة على الإقناع‪،‬‬          ‫التي تبنتها هدى شعراوي‬               ‫في اتخاذ هذه الخطوة‪.‬‬
   ‫إلى الأعمال الخيرية‪ ،‬وخاصة‬          ‫بالمال‪ ،‬وفي دعمه عن طريق‬    ‫تدل جميع الشواهد على أن هدى‬
   ‫التعليم والصحة‪ ،‬مع التركيز‬          ‫اتصالاته بكبار المسئولين‪،‬‬
                                  ‫لتوفير القاعات اللازمة بالقاهرة‬    ‫لم تكن ترغب كثي ًرا في العودة‬
    ‫على شتى قضايا المرأة التي‬        ‫لاستضافة كافة الاحتفاليات‬      ‫لزوجها علي باشا شعراوي‪ ،‬إلا‬
‫رأت أنها بحاجة شديدة إلى فكر‬                                         ‫أنها قد وافقت ‪-‬شبه مرغمة‪-‬‬
                                           ‫التي كانت تدعو إليها‪.‬‬
    ‫جديد يتطلب إعادة النظر في‬         ‫وعلى الرغم من انتماء هدى‬        ‫على العودة إليه‪ ،‬بعد ضغوط‬
‫العادات والتقاليد‪ ،‬بل وفي مجال‬       ‫شعراوي طيلة حياتها للطبقة‬            ‫هائلة من جميع معارفها‬
 ‫التشريع‪ ،‬إن كان لهذه الأمة أن‬       ‫الأرستقراطية‪ ،‬إلا أن ذلك لم‬
‫تنجح في القضاء على الاستعمار‬      ‫يصرفها يو ًما عن معاينة حاجة‬       ‫وأصدقاء العائلة‪ ،‬وبالذات من‬
                                   ‫الفقراء والمحتاجين‪ ،‬والتعاطف‬       ‫والدتها وأخيها محمود‪ ،‬الذي‬
    ‫والاحتلال الإنجليزي‪ ،‬وتبدأ‬       ‫معهم‪ ،‬ومع الأثر المدمر للفقر‬   ‫كان قد أقسم ألا يعقد قرانه إلا‬
   ‫في اتخاذ أولى الخطوات تجاه‬          ‫والجهل والمرض الذي كان‬      ‫بعد أن تستأنف هدى شعراوي‬
    ‫نهضة نسائية‪ ،‬تساهم فيها‬                                        ‫حياتها الزوجية بطريقة طبيعية‪.‬‬
  ‫المرأة بنصيب وافر في اقامتها‪،‬‬           ‫يتهدد الآلاف من الأسر‬        ‫ومن الواجب أي ًضا أن نشير‬
                                     ‫المصرية والمرأة المصرية على‬     ‫إلى أن علي شعراوي باشا كان‬
         ‫جنبًا بجنب مع الرجل‪.‬‬     ‫وجه التحديد‪ .‬كما تعاطفت هدى‬      ‫خير معين لهدى شعراوي باقي‬
      ‫باءت أولى محاولات هدى‬       ‫شعراوي مع المتسولين‪ ،‬ما بين‬        ‫عمرها‪ ،‬إذ أدرك مبك ًرا رجاحة‬
  ‫شعراوي لإقامة تجمع نسائي‬        ‫ضرير وأعرج ومقعد ومريض‪،‬‬             ‫عقلها‪ ،‬و ُبعد نظرها‪ ،‬فاعتبرها‬
   ‫عن طريق انشاء نا ٍد لسيدات‬     ‫بل إنها خصصت معا ًشا شهر ًّيا‬     ‫مستشارة فكرية وسياسية له‪،‬‬
    ‫مصر‪ ،‬ليكون مق ًرا لندواتهن‬     ‫لرجل مبتور الساق استمر إلى‬      ‫وقد كان النائب الرسمي للزعيم‬
‫وممارساتهن للرياضة‪ ،‬بالفشل‪.‬‬           ‫ما يقرب من الأربعين عا ًما‪.‬‬    ‫الوطني سعد زغلول‪ ،‬كما كان‬
   ‫كما أن معارضة الرجال ‪-‬بل‬                                        ‫سخيًّا في تأييده لكل المشروعات‬
 ‫وبعض النساء أي ًضا‪ -‬لمثل هذا‬
  ‫المشروع الراديكالي‪ ،‬الذي رأوا‬
  ‫فيه خرو ًجا بالغ الخطورة على‬
  ‫العرف والتقاليد‪ ،‬لم يثن هدى‬

         ‫شعراوي عن المحاولة‪.‬‬
‫لم تشغل رائدة الحركة النسائية‬
‫في مصر طوال رحلة كفاحها أية‬
 ‫مناصب وزارية أو وظيفية‪ ،‬إلا‬
‫أنها كانت تتمتع بصفات قيادية‬

     ‫وإدارية وتنظيمية فذة‪ ،‬ندر‬
 ‫تواجدها عند أعظم المستوزرين‬

  ‫والمستوظفين من أبناء جيلها‪،‬‬
   ‫وقادة الرأي والفكر في مصر‬
 ‫خلال قرن بأكمله‪ .‬فكانت لدى‬
  ‫شعراوي قدرة فائقة على خلق‬
   ‫التحالفات‪ ،‬وتنظيم الحملات‪،‬‬

     ‫وساعدت معرفتها باللغات‬
   257   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267