Page 122 - Pp
P. 122

‫العـدد ‪35‬‬   ‫‪120‬‬

                                               ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

  ‫وتوظف ضمير المخاطبات النسوة (ص‪)209‬‬                ‫الدارسة واستذكار تحولات المكان‪ .‬ولكنها‬
    ‫وبعده خطاب لكاتبات رائدات ستحكي لهن‬           ‫لم تجد بيت عنايات‪ ،‬رأت الشارع الذي تغير‬
     ‫عن عنايات‪ ،‬وهنا تمارس الساردة أسلو ًبا‬    ‫كثي ًرا وكأنها ترى عنايات في شرفتها‪ ،‬الساردة‬
                                                  ‫في هذا المقطع تدين هذا التغيير الذي يتجاهل‬
‫جدي ًدا وتدخل من نافذة أقرب إلى الفن منها إلى‬    ‫أرشيف أشخاص وعائلات وحقبة من تاريخ‬
 ‫التوثيق (ص‪ .)212‬ثم تعرض ملخص الحكاية‬          ‫شعب وبلد‪ .‬وفي (ص‪ )102‬استرجاع واستباق‬
 ‫بأسلوب أدبي مؤثر (ص‪ ،)213‬بعد ذلك سرد‬
                                                    ‫وعودة إلى الحاضر في حديث الساردة مع‬
   ‫مؤثر ج ًّدا من زاوية مختلفة وتخييل مدهش‬          ‫نادية‪ .‬وفي (ص‪ )167‬أحد المشاهد المتخيلة‬
‫وبأسلوب أدبي رائع‪ ،‬إنها ليلة الاحتفال بذكرى‬
                                                          ‫لمقابلة بين عنايات وإحدى قريباتها‪.‬‬
    ‫انتحار عنايات مع أرواح أجيال من أديبات‬             ‫وقد تتوسع الساردة في التخييل كما في‬
                    ‫رائدات راحلات (ص‪.)217‬‬         ‫(ص‪ )190‬عندما تكتب سيناريوهات متخيلة‬
                                                ‫مفصلة لحياة عنايات‪ .‬وفي (ص‪ )191‬سيناريو‬
    ‫ومن التقنيات التي وظفتها المؤلفة ما يشبه‬     ‫خيالي خارج الزمان والمكان‪ ،‬فالساردة تلتقي‬
       ‫تقنية (تعدد الأصوات)‪ ،‬فالمعلومات التي‬
                                                                           ‫عنايات عام ‪.1990‬‬
    ‫نقلتها من نادية لطفي ‪-‬مث ًل‪ -‬فيها فراغات‬        ‫ونجد في مواضع أخرى نافذة مختلفة من‬
  ‫سوف تقوم بملئها عندما تنقل من عظيمة أو‬        ‫نوافذ التخييل‪ ،‬فبعد نقل المعلومات من مصدر‬
    ‫شخصيات أخرى‪ .‬وكثي ًرا ما تقوم الساردة‬       ‫ما‪ ،‬تعقب الساردة في كل مرة وتناقش وتحلل‬
‫بالمراجعة وملء الفراغات‪ ،‬ولاسيما في الفصول‬     ‫وتقارن وتتخيل‪ ،‬وفي مثل هذه التعقيبات موطن‬
                                                     ‫من مواطن التخييل السردي لا التاريخي‪،‬‬
        ‫الأخيرة‪ ،‬وتضيف شخصيات وحوادث‬                  ‫هذه التعقيبات وحديث الساردة بصوتها‬
 ‫ومعلومات جديدة أي ًضا‪ .‬منها على سبيل المثال‬        ‫ومشاركتها في الأحداث أي ًضا يكمن السرد‬
‫حكاية جديدة عن عنايات (علاقة حب مع زميل‬              ‫الروائي (ص‪ .)44‬وفي فصل (‪ )12‬تروي‬
                                               ‫قضية طلاق عنايات الذي تتخلله بعض مشاهد‬
   ‫عمل في المعهد الألماني)‪ ،‬ثم أسطر تبين عمل‬         ‫تتصورها الساردة عن معاناتها وروتينها‬
  ‫الساردة في البحث عن الفراغات بين حكايات‬
 ‫الأصوات المتعددة‪ ،‬وخطة بحث الكاتبة التي لم‬                            ‫اليومي ومعاناة والدها‪.‬‬
‫تفكر بإضافة عنوان (الحب) لها‪ ،‬على الرغم من‬        ‫أما تقنية (زاوية النظر) فهي موجودة أي ًضا‪،‬‬
   ‫أنه إحدى مفردتي رواية عنايات‪( .‬ص‪)175‬‬         ‫فالعمل نص سردي لا يمكن أن يستغني عنها‪،‬‬

      ‫البحث والنقد والمواد المنقولة‬                                   ‫وقد مر بنا عند مناقشة‬
                                                                      ‫الاستهلال مقطع ترويه‬
   ‫لقد تقدم الكلام على الجوانب‬                                        ‫الساردة بضمير الغائب‬
  ‫الأدبية السردية في النص التي‬                                         ‫يشبه الراوي الخارجي‬
                                                                  ‫العليم‪ ،‬ثم تحولت إلى السرد‬
    ‫تجعله قريبًا من الرواية‪ ،‬بل‬                                        ‫بضمير المتكلم بوصفها‬
    ‫يمكن القول إنه عمل روائي‪،‬‬                                       ‫ساردة مشاركة في القصة‬
 ‫لأن الجنس الروائي منذ بدايته‬                                     ‫التي ترويها لنا‪ ،‬وهذا النوع‬
    ‫اتصف بالقدرة على الاحتواء‬                                     ‫هو السائد في معظم فصول‬
 ‫واستقطاب خصائص وعناصر‬                                               ‫النص‪ .‬ولكن في الفصول‬
    ‫وأجزاء من الأجناس الأدبية‬
    ‫الأخرى‪ ،‬أو من خارج الأدب‬                                             ‫الأخيرة يحصل تنوع‬
    ‫أي ًضا‪ .‬وقد تطورت واتسعت‬                                      ‫وتوظيف زوايا نظر مختلفة‪.‬‬
‫هذه القابليات مع الزمن وصو ًل‬
     ‫إلى روايات ما بعد الحداثة‪.‬‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127