Page 87 - Pp
P. 87
85 إبداع ومبدعون
قصــة
أو ابنيها التلفظ أمام البنات غير بكلمات محددة، يحتجن دون غيرهن إلى تربة جديدة وهواء جديد
وأن يكون التواصل بينهم كتابيًّا .الغريب أن حتى لتزهر شجرة أعمارهن أيا ًما عديدة.
أبنائها الذكور قد تعلموا الكتابة قبل الكلام كطريقة
للتواصل ،وكان السمة الغالبة هي الصمت الموجود ساعدها أي ًضا معرفة زوجها بطبيعتها الصامتة،
كشكل طبيعي للحياة في البيت ،بينما الخارج يعج فناد ًرا ما كانت تتكلم معه ،وبكلمات محدودة،
وأحيا ًنا تعبر عن تفاعلها مع الحديث بإيماءة
بالحركة والحياة والأصوات العالية.
ذهبت الجدة إلى القرية بعد أعوام من الانقطاع خفيفة برأسها دليل على الموافقة ،أو تحريك رأسها
عنها ،جمعت نساء العائلة في اجتماع في البيت يمينًا وشما ًل ،أو رفع سبابتها وتحريكها دلي ًل
الكبير ،وأصبح يعرف بعد ذلك بالاجتماع الشهري
لـ»خرساوات شجرة القرنفل» ،كن يستخدمن على الرفض ،أو إعطاء ظهرها للمتحدث دلي ًل على
القليل من الكلمات في هذا الاجتماع ،ويتناوبن على انتهاء الحديث ،وكثي ًرا ما استخدمت دفت ًرا صغي ًرا
الحديث حتى لا تنفق إحداهن من عمرها أكثر من تقطع منه ورقات تدون عليه ردها على الأخرين ،أو
الأخريات ،ويستخدمن -أغلب الوقت -الشرح تترك لهم ملاحظات عليها ،كانت الأيام تمر هادئة
الكتابي ،ويحسبن لكل واحدة عدد الكلمات التي
أنفقتها طوال الشهر ،ووضعن ضوابط للإنجاب وصامتة حتى بعد أن أنجبت ولدين ،لم تكن ثمة
حتى يقل عدد الإناث في العائلة ،فخي ًرا من أن تولد مشكلة تذكر بينها وبين زوجها أو بينها وبين أي
بعمر قصير ألا تولد من الأساس ،فأصبحت تمنع
الزوجة نفسها عن الانجاب بعد أول بنت ،وبعضهن أحد.
ثم تغير الوضع تما ًما بعد ولادة ابنتها الأولى،
امتنعن عن الزواج نهائيًا. أصبحت متوترة أغلب الوقت تبحث عن أشياء لا
امتد عمر الجدة لـ 43عا ًما ،وماتت وهي تغني وجود لها ،وألغاز وحيل ليست موجودة إلا في
أي ًضا وسط بنتيها اللتان لم تعيشا مثلها ،الأولى
ماتت بعد موت أمها بثلاثة أعوام في سن الـ،24 عقلها فقط.
بينما الصغرى ماتت في سن 31عا ًما ،وكانت تقف رجعت لعاداتها القديمة وأفرغت أسفل سريرها
بجانبها ابنتها الوحيدة صاحبة العشرة أعوام وجعلته مكا ًنا مناسبًا ككهف تدرس فيه حيلها
الشيطانية ،وتدون وتعيد كتابة ما توصلت إليه
تنتظر الدور هي الأخرى. ساب ًقا ،الوضع أصبح خطي ًرا وضرورة التحرك
رؤى من نسل الجدة الأم وآخر بنات عائلتها، لإنقاذه بات حتميًّا ،إنها ابنة بعمر قصير لأم تملك
عادت إلى القرية بعد أن خلت المدينة من شخص اللعنة نفسها ،إذ لو لم يتحرك أحد لإنقاذها سيكون
يرعاها ..رجعت لحضن شجرة القرنفل التي
بدأت تجف ويشيخ جذرها ..فمنذ مدة لم تعلق واجبًا عليها انقاذ ابنتها.
إحداهن ضفائرها عليها ..فرع واحد أخضر ينتظر توصلت الجدة إلى أن عليهن إنفاق 3كلمات فقط
ضفيرتين تعلقان عليه ..ينتظر ضفيرتي رؤى. في اليوم بمعدل 90كلمة في الشهر ،و 1080كلمة
في السنة ،وأن كلمات الرفض -مثل لا أوافق أو
...
الأمر كان عاد ًّيا ..مر ككل الأشياء التي تمر.. أعترض أو لا أقبل -تنقص يو ًما من أعمارهن،
يمكن أن يعوض ذلك بأن تقول كلمات الرضى في
ونسيت القرية رؤى وشجرة القرنفل. اليوم التالي :نعم ،أوافق ،حسنًا ،ذلك يعوضها هذا
الأمر عادي؛ حتى يمر سعد بجوار قبر رؤى؛ اليوم ويمنحها يو ًما إضافيًّا ..هكذا ظنت الجدة الأم.
فتفوح من ملابسه رائحة القرنفل! رزقت بابنة أخرى بعدها بعامين ،وكانت الأولى
لم تتعلم الكلام بعد لأن الأم كانت حريصة على
عدم سماعها كلمات بعينها ،وكانت حالة الطوارئ
بالبيت 24ساعة في 24ساعة ،ممنوع على زوجها