Page 84 - Pp
P. 84
العـدد 35 82
نوفمبر ٢٠٢1
سمر لاشين
عائلة «شجرة القرنفل»
تصدر أي صوت ،حين ُقطع لها عرفوا أنها تألمت، أقنع ُت نفسي أن الأمر عاد ٌي ،فأنا أعلم منذ البداية
حيث سقطت دمعة واحدة ساخنة تيبست كالشمع أن هذا سيحدث ..ما الذي تغير الآن؟!
على يد الحلاق .ودد ُت أنا الواقف أشاهد المشهد من
بعيد أن أخطفها من وسطهم ،ونذهب بعي ًدا حيث لا تتحدث أمي مع جارتها وكأنها تتحدث على مقادير
جزارين ولا حلاقين ولا متفرجين ،حيث أنا وهى طبخة« :مرات سعد حتموت قريب وحجوزه واحدة
تانية ،أنا حاطة عيني على بنت علي الجزار» ..الأمر
وعيناها الزجاجتان..
كنت مدر ًسا بالمدرسة التي كانت تلميذة بها، إذن عادي يتم الترتيب له من الآن ،حتى رؤى
لم أدرس لها بالبداية ،إنما كنت أراها في فترات تعرف ،فلماذا يؤلمني قلبي بهذا الشكل؟!
الفسحة في حوش المدرسة ،الفتيات كن يجتمعن
م ًعا ،أما هي فكانت تجلس وحيدة دون حراك رؤى تلك الوافدة من المدينة إلى قريتنا وهى بعمر
حتى تنتهي الفسحة ..تبدو ساكنة كبحر يبتلع صغير مع أحد أقاربها ،كانت بسن الثانية عشرة
بداخله وحو ًشا ،لو فتحت فمها لافترست كل من تقريبًا ،كانت جميلة بشكل نادر ،عيناها كأنها من
بالمدرسة ..كثي ًرا ما دون ْت كلما ٍت في دفترها وتركت زجاج براق ،جمالها الغريب خطف قلبي وقتها ،لم
ورقة منه على مقعدها الخشبي في حوش المدرسة، تكن تتكلم أو يظهر منها أي انفعال حين تتعامل
وكأنها تترك رسالة إلى أحدهم لكي ينقذها من
أمر ما ..كنت آخذها بعد أن تنصرف إلى الصف، مع الآخرين ،وكأن ملامحها متحجرة ،ورأسها
كتبت مرة مث ًل «من يمد يده داخل صوتي ويخرج فارغ ،ولا قلب لديها ،فقط حين تحزن بشدة تنزل
كل هذا الضجيج داخلي؟ إن لم يوجد شخص ما؛ دمعة وحيدة من عينها اليسرى تتيبس كالشمع على
سيأتي اليوم الذي لن أتوقف فيه عن الغناء».
لا أعلم سبب انجذابي لها وحرصي على رؤيتها كل خدها.
يوم ،لم تكن تراني أو تشعر بوجودي حتى ،لكني عرفنا بأمر دمعتها عندما كانت البنات في القرية
ُتختن بشكل جماعي ،وكان لسوء حظها في العام
الذي قدمت فيه ،فكن يصرخن ،وبعضهن يهربن
أو يراوغن ،إلا هي ،كانت عيناها على باب الحلاق
تنتظر دورها ولم يمسكها أحد ،تقدمت وحدها ،ولم