Page 217 - m
P. 217

‫‪215‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

   ‫يمكن أن ُنرجع الفضل إلى‬          ‫«الحيطة المايلة» لكل من لا‬    ‫السود‪ ،‬باستخدام صور من‬
 ‫هذين الحدثين في لفت أنظار‬                         ‫أرض له‪.‬‬      ‫على جدران المعابد وغيرها من‬
 ‫المصريين‪ ،‬ما بين مهتم وغير‬                                     ‫الآثار لتبيان الاختلاف الشديد‬
  ‫مهت ٍم أي ًضا بالتاريخ القديم‪،‬‬  ‫الفوائد الجمة لإلغاء‬
‫إلى خطورة المركزية الأفريقية‬         ‫هذين الحدثين‬                  ‫بين الملامح ودرجة اللون‪.‬‬
‫على الهوية المصرية‪ .‬وأن الأمر‬                                        ‫استخدموا كذلك الصور‬
  ‫قد تع َّدى مجرد نشر أقاويل‬        ‫لم يتوقع الكثيرون كل هذا‬
   ‫أو أكاذيب أو افتراضات لا‬        ‫الغضب لدى المصريين أمام‬         ‫التي تدل على المواقف التي‬
  ‫يقوم عليها أي دليل‪ .‬وبذلك‬        ‫هذين الحدثين‪ .‬بل لم يتوقع‬      ‫كان يقف فيها الملك المصري‬
 ‫يمكن لنا القول إن الأزمة قد‬                                      ‫القديم منتص ًرا على الأفارقة‬
                                       ‫أحد أن يلتف كل هؤلاء‬
    ‫يكون لها مردود إيجابي‪.‬‬        ‫حول الهوية المصرية القديمة‬        ‫السود وهم في حالة أسر‬
     ‫كما أنها نبهت العالم إلى‬      ‫ويقومون بتصدير أسمائهم‬         ‫أمامه‪ .‬وهذه المواقف توضح‬
    ‫صوت المصريين‪ .‬لا يجب‬          ‫على تويتر مصحوبة بالكتابة‬
‫الاستهانة بقوة المال الإعلامي‬     ‫المصرية القديمة‪ ،‬حيث اختار‬         ‫الاختلاف البيِّن والتباين‬
       ‫والفني العابر للقارات‪.‬‬                                    ‫الواضح بين الثقافة المصرية‬
      ‫وبتغيير اتجاه هذا المال‬       ‫البعض الخط الهيروغليفي‬
     ‫تجاه قضية ما من خلال‬          ‫والبعض الآخر اختار الخط‬          ‫القديمة وكل ما عداها من‬
 ‫الديمقراطية المباشرة هو نقلة‬     ‫القبطي ذا الحروف اليونانية‪.‬‬        ‫ثقافات آتية من الجنوب‪.‬‬
 ‫نوعية‪ ،‬في رأيي‪ ،‬لرؤية العالم‬      ‫كما أن كثي ًرا من الحسابات‬         ‫استخدموا كذلك صو ًرا‬
  ‫لنا‪ .‬من الناحية الإحصائية‪،‬‬        ‫على تويتر اختار أصحابها‬     ‫خاصة بـ»هارت» نفسه‪ ،‬حيث‬
                                     ‫أسماء مصرية قديمة مثل‬       ‫ُوضعت فوقها علامة الرفض‬
       ‫يمكن القول إن شهرة‬           ‫نفرتيتي‪ ،‬أمنحتب‪ ،‬أحمس‪،‬‬         ‫وعدم المرور‪ ،‬وسخروا من‬
‫«هارت» قد ساهمت في ظهور‬
 ‫التقارير الصحفية «المحايدة»‬                ‫رمسيس وغيرها‪.‬‬               ‫أقواله ومن ضلالاته‪.‬‬
                                                                       ‫عدا عن بعض الصور‬
  ‫وشبه «المحايدة» حول إلغاء‬                                       ‫الساخرة التي ترفض جمل ًة‬
  ‫حفله‪ ،‬مع عرض وجهة نظر‬                                              ‫وتفصي ًل أن تكون مصر‬
  ‫المصريين فيها‪ .‬بما يعني أن‬
   ‫قوة الرأي العام وحدها قد‬

    ‫حركت ديناصور الإعلام‬
‫الثقيل‪ ،‬وجعلت له آذا ًنا للسمع‬

             ‫وأقلا ًما للكتابة‪.‬‬
   ‫الفائدة الأخرى هي أن هذا‬
   ‫لم يكن‪ ،‬هذه المرة‪ ،‬بإسهام‬
   ‫النخبة التي أحيا ًنا ما كانت‬

      ‫تقف بين صوت الناس‬
  ‫والإعلام‪ ،‬باعتبارها المصفاة‬

       ‫المهمة والرقابة الذاتية‬
 ‫ومسؤولة إعادة الصياغة‪ .‬في‬

   ‫حالة مؤتمر أسوان وحفل‬
 ‫«هارت» كان الأمر معكو ًسا‪.‬‬
   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222