Page 8 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 8

‫العـدد ‪١٩‬‬                        ‫‪6‬‬

‫لفتحها‪ ،‬ليس لأننا نتجنَّب المشاكل التي‬                                              ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

‫ستنتج عن الجدال فقط‪ ،‬ولكن لأن‬                                          ‫الكبير وبيع وشراء الرقيق والغنائم‬
                                                                                      ‫توضح ذلك بجلاء‪.‬‬
‫تعليمنا وتربيتنا وقيمنا ضد هز الثوابت‬
                                                                     ‫وإذا نظرنا إلى (الانفتاح) الشكلي الذي‬
‫ومناقشة الراسخ‪ ،‬نحن في العمق نؤمن‬                                       ‫يحدث في المملكة العربية السعودية‬
                                                                       ‫الآن‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬سنجد أنه لا‬
‫أن إعادة التفكير في المستق ِّر خرو ٌج من‬                                ‫يقترب من مناقشة الأفكار القديمة‬
‫الإيمان‪ ،‬وتجرؤ على الله وأنبيائه وكتبه‬
                                                                      ‫وتغييرها‪ ،‬أو إدخال المباحث الجديدة‬
‫ورسله‪ ،‬ونعتقد في العمق أن الأولين‬                                    ‫إليها ودمجها فيها‪ ،‬بل إنه يغلق الباب‬

‫أفضل منا‪ ،‬جاءوا بما لا نستطيعه‪،‬‬                                        ‫على ما فيه ويحاول (فرض) أشكال‬
                                                                    ‫تبدو مفارقة‪ ،‬و(يجبر) بعض المشتغلين‬
‫ولذلك فالأحوط أن نتبعهم‪ ،‬وإذا واجهتنا‬                               ‫بالدين على قول كلام ضد الذي عاشوا‬

‫أي مشكلة تهز هذا الراسخ فلنتجنبها‬                                      ‫عليه عمرهم كله‪ ،‬وهم ربما يقولون‬
‫ونتغا َض عنها ونم ِض في حياتنا العادية‬                               ‫ضد ما يقتنعون ويؤمنون به لأسباب‬

‫كأنها لم تحدث‪ ،‬مثال ذلك‪ ،‬إذا رفعت‬                                       ‫نعلمها‪ ،‬فتكون النتيجة ليس مزي ًدا‬
                                                                      ‫من الانفتاح والذهاب إلى آفاق أرحب‬
‫جماعة عنيفة مثل داعش فتاوى ابن‬                                        ‫نستطيع فيها أن نقلب الأفكار‪ ،‬وإنما‬
                                                                      ‫إلى احتقان صامت واتهامات مغلولة‪،‬‬
‫تيمية كمبرر لأعمالها‪ ،‬فلا ننظر في‬                                   ‫تبين في أقوال وكتابات الذين يعيشون‬

‫مجمل فتاواه ونناقشها‪ ،‬لأن ذلك سيفتح‬                                     ‫خارج السيطرة المباشرة لأصحاب‬
                                                                       ‫الأمر‪ .‬فالتحديث ليس افتتاح مسرح‬
  ‫علينا أبوا ًبا من الصعب أن نسدها‪،‬‬                                 ‫هنا أو سينما هناك‪ ،‬وإنما عملية معقدة‬
‫فالأمر متشابك مثل خيط التريكو‪ ،‬لو‬                                     ‫يعاد فيها النظر إلى المناهج التعليمية‪،‬‬
                                                                      ‫وعلاقة الدولة بالدين والمشتغلين به‪،‬‬
         ‫شددت طرفه سينهار جمي ًعا!‬                                  ‫وسن قوانين مدنية على أسس المواطنة‪،‬‬
‫هذه مع الأسف الطريقة التي نفكر بها‪،‬‬                                    ‫ومراعاة الاختلافات (الطبيعية) بين‬
                                                                      ‫الناس وأفكارهم واعتقاداتهم‪ ،‬وأن لا‬
‫طريقة العزل بين الأبواب والمباحث‪،‬‬                                    ‫يج َّر ُم صاحب الفكر على أفكاره مادام‬

‫نتكلم عن الجهاد بمعزل عن المواطنة‪،‬‬                                      ‫لم يروع الناس أو يجبرهم على أن‬
                                                                             ‫يعتنقوا ما لا يودون اعتناقه‪.‬‬
‫وعن النكاح بمعزل عن حقوق المرأة‪،‬‬
                                                                    ‫لماذا –إذن‪ -‬توصد الأبواب على ما ومن‬
‫وعن الميراث بمعزل عن العلاقات‬                                       ‫فيها دون مناقشة وجدال وتنازع؟ لأن‬

 ‫الاجتماعية القائمة‪ ...‬إلخ‪ ،‬لا ننظر إلى‬                                ‫التنازع مح َّرم‪ ،‬والأحوط أن نتجاوز‬
‫الدين باعتباره ك ًّل واح ًدا متراب ًطا يؤثر‬                              ‫الأمور كلها ببساطة ونضعها بين‬
‫بعضه على بعض‪ ،‬وذلك حتى نتجنب‬
                                                                    ‫قوسين ونغلقها على جروحها ونمضي‬
‫النقاش والاختلاف والمعارضة والتفكير‬                                      ‫مؤقتًا إلى ما نريد في هذه اللحظة‪،‬‬
‫النقدي‪ ،‬ظنًّا أن هذا يقود للكفر والخروج‬
                                                                      ‫ونحن نعتقد أننا غيرنا الحياة! النزاع‬
‫من ملة الإسلام‪ ،‬وفي الوقت ذاته نردد‬                                     ‫سيفتح علينا أبوا ًبا لسنا مستعدين‬

‫–في مناسبات معينة وأماكن معينة‪-‬‬

‫الآيات التي تدعو إلى حرية التفكير‬

‫والاعتقاد «من شاء فليؤمن ومن شار‬
‫فليكفر»‪« ،‬لكم دينكم ولي دين»‪َ « ،‬أ َف َأن َت‬
‫َي ُكو ُنوا ُم ْؤ ِمنِي َن”‪...‬‬  ‫َدحتَّو ٰىن‬  ‫ُت ْك ِر ُه النَّا َس‬
  ‫أن نؤمن بها في‬                             ‫إلخ‪ ،‬نرددها‬

‫العمق‪ ،‬لأننا نعطي الأولوية لـ «الثوابت»‬

‫الرواسخ‪ ،‬أو ما نعتقد أنه كذلك!‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13