Page 10 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 10

‫العـدد ‪١٩‬‬                            ‫‪8‬‬

                                                                             ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

              ‫د‪.‬محمد مصطفى علي حسانين‬

              ‫موريس بلانشو‪:‬‬

              ‫الكتاب الآتي‪ ،‬إزاحة الأجناس وإعلاء‬

              ‫الكتابة‬

              ‫غير خاف في رفض بلانشو للأجناس والإعلاء من فرادة النص‪ ،‬عود‬
              ‫لمبدأ مثالي‪ ،‬ومنطق الرومانسي في آن‪ ،‬حول استطيقا الفن والأدب‪،‬‬
              ‫فمنظوره يطامن على أفكارهم الشائعة حول قيام الكلام الشعري‬
              ‫بذاته‪ ،‬وأن ماهية الشعر تكمن في البحث عن أصله‪ ،‬وهي المعاني التي‬
              ‫كرسها دون مواربة بلانشو في كتابيه‪ :‬الفضاء الأدبي والكتاب الآتي‪.‬‬
              ‫ووفق منظور هيغلي يؤكد بلانشو على خسارة الفن «مقدرته على حمل‬
              ‫المطلق‪ ،‬على أن يكون سي ًدا‪ ،‬ولكن كأن خسارته هذه الوظيفة الخارجية‬
              ‫قد عوضت بوظيفة جديدة داخلية‬

‫موريس بلانشو‬

      ‫ويعد موريس بلانشو ‪Maurice Blanchot‬‬                       ‫تعد مقولة «الأنواع» من أكثر المقولات النقدية‬
 ‫[‪ ]2003 -1907‬أحد أشهر النقاد والمنظرين الذين‬
                                                            ‫التي حظي ْت بالكثير من الفحص والمناقشة والجدل‪،‬‬
     ‫رفضوا فكرة الأنواع‪ ،‬ونفى إمكانية التصنيف‬                   ‫في سياق النظرية النقدية قديمها وحديثها‪ ،‬منذ‬
     ‫المسبقة لأجناس الأدب‪ .‬فقد دافع قبل الحرب‬                    ‫أفلاطون وأرسطو حتى الآن‪ .‬تارة على سبيل‬
     ‫العالمية عن منظور يرى أن الأدب أبعد من أن‬                  ‫التأكيد عليها‪ ،‬وتارة أخرى على سبيل الهجوم؛‬
   ‫يختزل في ممارسة أو مؤسسة‪ ،‬بل يمكن رؤيته‬
  ‫بوصفه «مجا ًل أو فضا ًء تنتج فيه اللغ ُة المع َنى في‬        ‫فلم يسلم مفهوم النوع‪ ،‬بل نظرية الأنواع الأدبية‬
    ‫غيا ِب الموضوع الذي تشي ُر إليه‪ .‬وهكذا يصب ُح‬                  ‫والفنية من النقد والهجوم عليها من تيارات‬
‫الفضا ُء الأدبي المكا َن الذي تنفي فيه اللغ ُة العال َم من‬
 ‫أجل أن تحتف َظ به بوصفه ُك ًّل خياليًّا‪ ،‬أي بوصفه‬           ‫وحركات أدبية متباينة‪ ،‬لكن هذا النقد بدا على نحو‬
‫النقطة الخيالية حيث يمكن رؤية العالم في ُكلِّيَّتِ ِه»‪)1(.‬‬       ‫جلي وفارق في بداية القرن العشرين‪ ،‬لأسباب‬
   ‫وكان لموقفه من اللغة والكتابة‪ ،‬والكتاب والنص‬
  ‫والقراءة‪ ،‬تأثيره الحاسم في رفضه إقامة منظومة‬                 ‫أيديولوجية تارة أو جمالية تارة أخرى‪ ،‬جميعها‬
      ‫عقلانية للأجناس‪ ،‬وأثر ذلك التصور في نقاد‬                   ‫تناصبه العداء‪ ،‬وتدعو إلى الثورة على مفاهيمه‬
     ‫آخرين انحازوا للمفاهيم نفسها‪ ،‬حول العلاقة‬                  ‫المركزية حول أفكار النقاء‪ ،‬أو البناء الهرمي‪ ،‬أو‬
    ‫بين الكتابة والقراءة واللعب واللّذة والاختلاف‬
                                                            ‫فكرة المعيار‪ ،‬أو فكرة الكليات المشتركة التي تباطن‬
                                                            ‫مفهوم النوع‪ ،‬وما تنطوي عليه من فكرة التصنيف‬
                                                            ‫الكلي‪ ،‬أو الشامل التي تتعالى على الزمني والتاريخي‬

                                                                                                   ‫المتحول‪.‬‬
   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15