Page 36 - علم الأوبئة
P. 36
ﻋﻠﻢ اﻷوﺑﺌﺔ
ﻳﺼﺎب اﻷﻓﺮاد ﺑﺎﻟﻨﺰﻟﺔ المﻌﻮﻳﺔ .ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺴﺒﺐ ﻫﻮ ذاك اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺬي
ﻟﻮﻻ ﺗﺄﺛيره ،ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ المﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث اﻷﻣﺮ ،ﺳﻮاء أﻛﺎن ﺳﻠﺒﻴٍّﺎ ﻛﺎلمﺮض أو إﻳﺠﺎﺑﻴٍّﺎ
ﻛﺎﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻨﻪ.
ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺒﺤﺜﻲ ﻟﻌﺎ ِﻟﻢ اﻷوﺑﺌﺔ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪ »اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﻟﻮﻻﻫﺎ«
ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻷﺣﺪ اﻷﻣﺮاض أن ﻳﺤﺪث أو ﻻ ﻳﺤﺪث .وﻣﻦ زاوﻳﺔ اﻟﻘﻴﺎﺳﺎت اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮض
اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﻨﺎﻫﺎ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﻓﺈن ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻌﻮاﻣﻞ — أﻳٍّﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ:
اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻛﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ،ﻓﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ — اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻀﺢ أن وﺟﻮدﻫﺎ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﻋﲆ اﻟﺪوام
ﺑﺎرﺗﻔﺎع أو اﻧﺨﻔﺎض ﰲ ﻣﻌﺪل اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﻤﺮض ﻣﺎ أو ﻣﻌﺪل ﺧﻄﺮ ﺣﺪوﺛﻪ .وﻫﻨﺎك اﻟﻌﴩات
ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ المﺮ ﱠﺷﺤﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺪور ،ﺑﺪ ًءا ﻣﻦ اﻟﻀﻐﻮط اﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ وﺣﺘﻰ اﻟﺠﻴﻨﺎت
المﻮروﺛﺔ ،وﻣﻦ اﻷﻃﻌﻤﺔ اﻟﺪﻫﻨﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ،وﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎﻗير ﺣﺘﻰ ﻣﻠﻮﺛﺎت
اﻟﻬﻮاء .ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﺳﻢ ﻋﺎم ﻟﻜﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﻴﺎء ﻫﻮ »اﻟﻌﺎﻣﻞ« أو ﺣﺴﺐ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺘﻲ
ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎء اﻷوﺑﺌﺔ »اﻟﺘﻌ ﱡﺮض« ،وﻫﻮ ﺗﻌﺒير ﻣﺤﺎﻳﺪ ﻳﺒﺘﻌﺪ ﺑﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﻴﺰ لمﺎ إذا ﻛﺎن
ﺳﻴﺘﻀﺢ ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ أن ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻣﻞ ﻫﻮ ﺳﺒﺐ المﺮض أم ﻻ.
المﻘﺎرﻧﺔ ﺑين ﻣﻌﺪﻻت اﻹﺻﺎﺑﺔ وﻣﻌﺪﻻت ﺧﻄﺮ اﻹﺻﺎﺑﺔ ﻣﻊ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻻﻧﺤﻴﺎزات
ﺗﺒﺪأ اﻟﺮﺣﻠﺔ اﻟﺒﺤﺜﻴﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻋﺎدة ،واﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪف إﱃ إﺛﺒﺎت أن ﻋﺎﻣ ًﻼ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﺒﺐ أﺣﺪ
اﻷﻣﺮاض ،ﺑﺈﺟﺮاء ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑين ﻣﻌﺪﻻت اﻹﺻﺎﺑﺔ أو ﻣﻌﺪل ﺧﻄﺮ اﻹﺻﺎﺑﺔ ﻟﺪى ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت
ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس .ﻓﺎرﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪل اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﻤﺮض اﻟﺴﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﺪى ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ
ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻮزن اﻟﺰاﺋﺪ ﺧﻀﻌﺖ ﻟﻠﻤﻼﺣﻈﺔ ﻋﲆ ﻣﺪى ﺳﻨﻮات ﻋﺪة ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺪى
أﺻﺤﺎب اﻟﻮزن اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ؛ ﻳﺸير إﱃ أن اﻟﻮزن اﻟﺰاﺋﺪ رﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺑين ﻣﺤﺪدات اﻹﺻﺎﺑﺔ
ﺑﻤﺮض اﻟﺴﻜﺮ .وﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻦ المﻤﻜﻦ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻫﺬا اﻻﻓﱰاض إﱃ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ أدﻟﺔ
ﻣﺆﻛﺪة ،ﻳﺤﺘﺎج اﻷﻣﺮ إﱃ اﺳﺘﻴﻔﺎء ﴍﻃين؛ أو ًﻻ :ﺑﻴﺎن وﺟﻮد ارﺗﺒﺎط ﺑين اﻟﺘﻌﺮض — أي
اﻟﻮزن اﻟﺰاﺋﺪ — وﻣﻌﺪل اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﻤﺮض اﻟﺴﻜﺮ ،وﻫﻮ المﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﻳﺘﻨﺎوﻟﻪ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ،
وﺛﺎﻧﻴًﺎ :ﺗﻔﺴير ﻫﺬا اﻻرﺗﺒﺎط ﻋﲆ أﻧﻪ ذو ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺳﺒﺒﻴﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻨﻨﺎﻗﺸﻪ ﰲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ.
ﻣﻦ المﻤﻜﻦ أن ﻳﺨﺘﻠﻒ أﺻﺤﺎب اﻟﻮزن اﻟﺰاﺋﺪ ﻋﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻮزن اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ
ﻣﻦ اﻷوﺟﻪ :اﻟﺠﻨﺲ ،واﻟﻌﻤﺮ ،واﻟﻨﻈﺎم اﻟﻐﺬاﺋﻲ ،وﻣﻘﺪار ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ،وﻣﻦ المﻤﻜﻦ أن
ﻳﻜﻮن أ ﱞي ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷوﺟﻪ — وﻟﻴﺲ زﻳﺎدة اﻟﻮزن ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻬﺎ — ﻫﻮ المﺴﺌﻮل ﻋﻦ ارﺗﻔﺎع
ﻣﻌﺪل اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﻤﺮض اﻟﺴﻜﺮ .وﻛﺨﻄﻮة أوﱃ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ المﺸﻜﻠﺔ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﺳﺘﺒﻌﺎد
36