Page 23 - LEGAL CULTURE
P. 23

‫من المفكرين فى بعض المؤسسات الثقافية إنهيار القيم فى‬        ‫تتكشف الأوضاع العالمية‬                                  ‫‪ ،2023‬والعالم دولاً والبشرية أفراداً فى أمس الحاجة‬
            ‫المنظومة العالمية‪ ،‬وسطر فى ذلك كتب منها‪ :‬تناذر القيم‬        ‫فى هذه الذكرى على وضع‬                                   ‫لتفعيل أساس القانون الدولى لحقوق الأنسان فى ظل‬
            ‫التى أصدرته اليونسكو لعدد من المؤلفين وتصدير المدير‬         ‫فلسطين وغزة بالذات‪ ،‬ووضع‬                                ‫هيمنة الشيطان الخفية على سطح الكرة الأرضية‪ ،‬هيمنة‬
                                                                        ‫الشعب الأوكرانى والشعب‬                                  ‫على السلاح‪ ،‬والمخدرات‪ ،‬والمال‪ ،‬ونهب ثروات العالم فى‬
                    ‫العام لليونسكو آنذاك السيد فريدريكو مايور‪.‬‬          ‫الروسي‪ ،‬وشعوب أخرى فى‬                                   ‫افريقيا‪ ،‬وزرع النزاعات منذ زمن وموجتها المؤثرة فى‬
                                              ‫تناذر القيم‪:‬‬              ‫المنطقة تجرها الأحداث للإقتتال‬                          ‫بداية العقد الثانى من القرن العشرين إلى اليوم‪ ،‬بما نكل‬
                                                                        ‫لأهداف وهمية لا يعلم محركها‬                             ‫بأوضاع الشعوب ومنها العربية وزرع الخوف فى قارات‬
            ‫لم يكن العنوان لذلك الكتاب الذى أصدرته اليونسكو‬             ‫ولا يعلم المستفيد منها‬                                  ‫العالم بظهور الفيروسات القاتلة التى لا يعلم مسبباتها‬
            ‫فى العقد الأخير من القرن العشرين «تناذر القيم» يثير‬                                                                 ‫إلى اليوم بالرغم من معرفة مصدرها اليتيم فى الصين‪.‬‬
            ‫الاستغراب‪ ،‬بل يدعوا إلى الشفقة‪ ،‬حينما يقال بأن القيم‬                                                                ‫تتكشف الأوضاع العالمية فى هذه الذكرى على وضع‬
            ‫تتناذر وتضمحل دون الإشارة إلى فاعل ذلك التناذر أو‬                                                                   ‫فلسطين وغزة بالذات‪ ،‬ووضع الشعب الأوكرانى والشعب‬
            ‫المسبب له‪ .‬إن تلك النفوس الشريرة التى خرجت بالسلاح‬                                                                  ‫الروسي‪ ،‬وشعوب أخرى فى المنطقة تجرها الأحداث‬
            ‫تجتاح مدن العالم والتأليب على القتال وسفك الدماء فى‬
            ‫الحرب العالمية الأولى ثم الثانية ثم ما دار حتى نهاية القرن‬                                                                               ‫للإقتتال لأهـداف وهمية لا‬
            ‫العشرين من حروب مباشرة وحروب بالوكالة‪ ،‬وشيطنة‬                                                                                            ‫يعلم محركها ولا يعلم المستفيد‬
            ‫الشرائع والأديان وإثارة الفرقة بين الشعوب‪ ،‬والقتل باسم‬
            ‫الدين‪ ،‬والقتل المباشر لاحتلال البلدان وسلب ثرواتها‬                                                                                                           ‫منها‪.‬‬
            ‫والتسلط على مياهها الإقليمية ومياهها الطبيعية‪ ،‬أقسمت‬                                                                                     ‫لقد كـان الإعــان العالمى‬
            ‫أن لا تدع العالم يتنفس إلا بالدم ولا يرتاح إلا أشلاء‬                                                                                     ‫لحقوق الإنـسـان ملهماً منذ‬
            ‫ممزقة‪ ،‬وغزة وفلسطين ليست ببعيدة كدليل على تناذر ما‬                                                                                       ‫جفاف حبر صياغته‪ ،‬لما يزيد‬
            ‫بقى من قيم البشرية‪ .‬ومع تناذر القيم البشرية تناذر تقبل‬                                                                                   ‫عن ‪ 80‬من معاهدات وبيانات‬
            ‫الخبر والصورة‪ ،‬فقد كانت قبل سنوات مشاهد الدماء‬                                                                                           ‫حـقـوق الإنــســان الـدولـيـة‪،‬‬
            ‫والأشلاء من محرمات العرض على شاشات القنوات‪ ،‬إلا‬                                                                                          ‫إلــى جـانـب عــدد كبير من‬
            ‫أن السنوات الماضية والحاضرة ألغت حرمة تلك الصور‬                                                                                          ‫الإتفاقيات المحلية والعالمية‪،‬‬
            ‫على الصغار والكبار‪ ،‬وأصبحت مناظر الموت والدمار فى‬                                                                                        ‫إلا أن الــوضــع الــيــوم بـات‬
            ‫ألعاب الأطفال مقدمة وتمهيد لألعاب الكبار فى الواقع‪.‬‬                                                                                      ‫مأساوياً للبشرية‪ ،‬فلم تعد هذه‬
                                                                                                                                                     ‫المناسبة ماسية (بمعنى معدن‬

            ‫لقد نقض الشيطان العالمى عرى الإعلان العالمى لحقوق‬           ‫فى ظل ما أسلفت‪ ،‬لم تعد إشكالية الحق والواجب بارزة‬                            ‫المــاس) بـل مأساوية بمعنى‬
            ‫الإنسان عروة بعد عروة‪ ،‬فلم يعد هناك ما يدعوا لبقائه‬         ‫فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى ذكراه المأساوية‪،‬‬                         ‫المأساة الحقيقية فى كثير من‬
            ‫على ما هو عليه من ضعف فى مجتمع عالمى يتبنى قرارات‬           ‫بل صار الأمر إجتهاديا‪ ،‬تغلب على قبوله شركات وترفضه‬                           ‫الأصعدة‪ ،‬وعلى عديد المنصات‬
            ‫وقف إطلاق النار رحمة بالشعوب وإعلاء لحقهم‪ ،‬تنقضه‬            ‫شركات‪ ،‬المقياس فيه ليست حقوق الإنسان أو واجباته‪ ،‬بل‬                          ‫ومنها منصة الأمم المتحدة التى‬
            ‫ورقة التوت التى ترفع بدعوى حق النقض فيتعرى الحق‬             ‫العداء بسبق وترصد لحقوقه وسلب واجباته‪ .‬لقد أفقدت‬                             ‫أصبحت ورقـة الفيتو ترتفع‬
            ‫ويصبح باطلاً والباطل حقاً‪ ،‬وبينهما تموت شعوب وتهجر‬          ‫الدسائس المذهبية أسافين الإنقسام بين الشعوب‪ ،‬بل وبين‬    ‫حينما ترغب بعض الـدول فى حقن الدماء لتقول لاء‬
            ‫شعوب وتسلب شعوب حقها فى الحياة‪ ،‬ومصداق ذلك‬                  ‫الملل والنحل نفسها‪ ،‬وبين الشعب الواحد وأفراده‪ ،‬فالكل‬    ‫لوقف الحرب‪ ،‬ولاء للقتل‪ ،‬ولاء لإدخال الغذاء والماء‪ ،‬ولاء‬
            ‫اليوم يسير على قدم قوية من الولايات المتحدة وساق‬            ‫مقسم‪ ،‬والفرقة هى سيدة الموقف‪ ،‬والسيادة لمن يملك‬                              ‫لفك الحصار عن شعب غزة‪.‬‬
            ‫أوروبية ودول من محاور الشيطان المختلفة لتهجير شعب‬                                                                   ‫فى هذه الذكرى المأساوية (وليس الماسية) يقتل أكثر‬
            ‫فلسطين ومحو القضية الفلسطينية‪ ،‬وقد يكون ذلك بقتل‬                      ‫القوة‪ ،‬ولمن يستخدمها دون هوادة لأى قيم‪.‬‬       ‫من عشرة آلاف طفل ورضيع وخدج فلسطينى فى غزة‪،‬‬
            ‫الشعب بأكمله كما يصرح كثير من وزراء الكيان الصهيودى‬         ‫إنتهت سنوات الحربين العالميتين الأولـى والثانية‪،‬‬        ‫ومازال بعضهم تحت الأنقاض‪ ،‬هذا بالإضافة إلى أكثر‬
            ‫(الصهيونى اليهودي) الحاكم لأرض فلسطين المغتصبة‪.‬‬             ‫ودخلت البشرية فى حروب أخرى لا رائحة للبارود فيها‪،‬‬       ‫من عشرون ألفاً من الشهداء من النساء والرجال‪ ،‬ومئات‬
            ‫فى ظل هذا الوضع الإنسانى المأساوى فى الذكرى‬                 ‫بل رائحة الطبخات الإعلامية التى تبث الكراهية بدلاً عن‬   ‫الآلاف من المشردين‪ ،‬الجوعى‪ ،‬المرضى‪ .‬لقد ضرب عرض‬
            ‫الماسية (المأساوية) لحقوق الإنسان‪ ،‬لم يعد هناك حق‬           ‫التسامح بين الشرائع‪ ،‬وبين الأحزاب القومية والوطنية‪،‬‬     ‫الحائط ببنود الإعلان العالمى لحقوق الإنسان‪ ،‬فضربت‬
            ‫إلا لمن يملك القوة ويستعملها‪ ،‬ومن يملك ترسانة النووى‬        ‫وبين الجنس والعرق‪ ،‬حتى أصبحت بعض الدول تنفذ‬             ‫المستشفيات‪ ،‬والمساجد والكنائس‪ ،‬والمـدارس وملاجئ‬
            ‫والصواريخ العابرة للقارات ومن يطلقها‪ .‬لم يعد تحت‬            ‫تلك الأجندات (اللاحرب – اللاسلم) فى منع أو قبول‬         ‫العجزة والأطفال والنساء‪ .‬إنه وضع مأساوى بما تعنى‬
            ‫سقف الأمم المتحدة من يستطيع أن يوقف شلال الدم‬               ‫ملابس الفتيات‪ ،‬وإشهار أو إخفاء الرموز الدينية‪ .‬فى‬       ‫كلمات المأساة على مستوى العالم‪ .‬وفى الجانب الآخر‪،‬‬
            ‫ولا الدمار والخراب فى دول العالم‪ ،‬إلا أن يكون القاتل‬        ‫المقابل تدك معاقل الدول وتضرب فى خاصرتها لقولها لاء‬     ‫تدور رحى حرب ضروس بين الروس والأوكران بأموال‬
            ‫نفسه لأخذ أنفاسه لبرهة ليعاود الكرة من جديد‪ ،‬فتلك‬           ‫للإحتلال الاقتصادى لثرواتها المعدنية والزراعية وغيرها‪.‬‬  ‫أمريكية وأوروبية ودعم للقتل والدمار فى وسط أوروبا‬
            ‫سنوات منذ أن جفت دماء الحرب العالمية الثانية‪ ،‬رتب‬           ‫لقد صدق البعض تدمير بعض الترسانات النووية بين‬           ‫التى كانت قد نسيت رائحة الباورد‪ ،‬ورؤية الأشلاء‪ ،‬وحريق‬
            ‫الشيطان العالمى نفسه‪ ،‬ليعيد الكرة مجددا فى فلسطين‬           ‫المعسكرين (الشرقى والغربي)‪ ،‬ولم تنتبه عامة الشعوب‬       ‫المنازل وقطع المياه‪ ،‬وانقطاع الكهرباء‪ ،‬وضرب المطارات‪،‬‬
            ‫وأوكرانيا والدول العربية وما صار فيها من خراب‪ ،‬لأجل‬         ‫إلى أن تطوير تلك الأسلحة سا ٍر على قدم وساق‪ ،‬ولكن‬       ‫والشوارع وحرق المصانع وتوقف الموانى وأنقطاع تصدير‬
                                                                        ‫فى معامل سرية وببرامج كمبيوترية تحاكى بالضبط ما‬         ‫الغذاء من أوكرانيا إلى العالم‪ .‬حرب يريد الشيطان العالمى‬
                                ‫مجهول لا يعلمه إلا مخططوه‪.‬‬                                                                      ‫أن يبعث نوايا قابيل فى استمرار الدماء وزهق الأرواح على‬
                          ‫فرصة ومناسبة‪:‬‬                                            ‫كان يعمل فى الصحارى وجزر المحيطات‪.‬‬           ‫سطح هذا الكوكب‪ .‬وهناك رحى حرب ثروات وتكسير‬
            ‫إنها فرصة البشرية اليوم أن تقف موقفاً صلباً بكافة‬           ‫لقد صدق حبر الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بعد‬           ‫عظم بين دول أفريقية تريد إبقاء ثرواتها على أرضها‪ ،‬إلا‬
            ‫مؤسساتها المحبة للسلام‪ ،‬والأمن والتعايش‪ ،‬لترفع شعار «‬       ‫جفافه ووضوح خطه فى العام ‪ ،1948‬لكنه مع السنوات‬          ‫أن المستعمر يريد نهب الثروات أو التحالف وتأليب الدول‬
            ‫لماذا نحن هنا فى هذه المحرقة؟”‪ ،‬محرقة للإنسان والأرض‬        ‫لم تجف مآقيه من البكاء على ما سطر فى صفحاته‪ ،‬وما‬        ‫الإستعمارية للقتل واستمرار الاحتلال لنهب ثروات تلك‬
            ‫والحاضر والمستقبل‪ ،‬تدار بأياٍد خفية ونوايا شريرة من قبل‬     ‫ُيشا ِه ُد من حال البشرية التى وعدها بصلاح الحال‪ ،‬وحقن‬  ‫الدول‪ .‬وهناك محاولات مستميتة لخنق مصر وسلبها حقها‬
            ‫دول ذات تسل ٍح عال‪ ،‬ومطامع لا حدود لها‪ .‬حروب فى البر‬        ‫الدماء‪ ،‬ونشر المحبة‪ ،‬فلا ذات تحقق ولا هذا حصل‪ .‬لقد‬      ‫فى مياه النيل التى تسيل منذ ملايين السنين من جنوب‬
            ‫والبحر ومن السماء‪ ،‬وشعوب تباد وهى محاصرة‪ ،‬وشعوب‬             ‫تناذرت القيم بفعل فاعل مستتر تقديره الشيطان العالمى‬     ‫القارة إلى شمالها‪ ،‬محاولة من دول ظاهرة ودول خفية‬
            ‫ُتراود راضية أو ُمكرهة لدخول تلك الحروب‪ .‬لم يعد للدينى‬      ‫الذى لا يريد للبشرية أن تستقر تحت إى لواء‪ ،‬دينى أو‬      ‫لإشعال حروب لا تبقى ولا تذر‪ ،‬ولولا تعقل مصر لكان لهم‬
            ‫الملتزم بتعاليم الرب مكان‪ ،‬ولا للوطنى فى أرضه أمان‪.‬‬         ‫وطنى أو قومي‪ ،‬أو أممي‪ .‬لا يريد للدماء أن تجف على‬        ‫ما أرادوا‪ ،‬ولكن رعاية الله غالبة مع شعب مصر الأطيب‪.‬‬
            ‫أم ٌر فى غاية الخطورة‪ ،‬وقوانين وأعلانات أممية جوفاء‬         ‫سطح الأرض‪ ،‬وعداً منه‪ ،‬لأغوينهم أجمعين‪ .‬لقد أدرك كثير‬    ‫فى جانب أوسـع هناك خطط الكراهية التى يبثها‬
            ‫بألوان زرقاء فى أرفف المنظمات المرتكسة على نفسها‪.‬‬                                                                   ‫الشيطان العالمى بين الصين والولايات المتحدة‪ ،‬وبين‬
                           ‫خاتمة القول‪:‬‬                                                                                         ‫الكوريتين وبين دول الشرق الأوسـط‪ ،‬وبين دول شمال‬
            ‫الشكر الوافر للمنصة المحترمة‪ ،‬أسما ًء وصفات ودرجات‬                                                                  ‫أفريقيا‪ .‬قائمة من خطط الكراهية التى تشتم رائحتها‬
            ‫عالية‪ .‬والشكر متميزاً ومستحقا لكافة من سهروا على‬
            ‫الإعداد المتواصل لعقد هذه المائدة المستديرة فى تمام يوم‬                                                                                               ‫فى كل مكان‪.‬‬

            ‫ما خطط لها دون إرجاء‪ ،‬والتحية والتقدير للقامات العلمية‬

            ‫والثقافية المحترمة التى حضرت وشكلت زخما عالياً فى‬
            ‫هذه الليلة المقمرة بالجميع‪ .‬إن سواد ليل الحاضر على‬
‫يناير ‪2024‬‬  ‫المستوى الأممى لحقوق الإنسان لا يمكن له أن يستمر‬            ‫فرصة البشرية اليوم أن تقف موقفًا صلبًا بكافة مؤسساتها المحبة‬
            ‫والدماء فى شتى البقاع تنهمر والأشلاء تتناثر‪ ،‬والبارود‬       ‫للسلام‪ ،‬والأمن والتعايش‪ ،‬لترفع شعار « لماذا نحن هنا فى هذه‬
            ‫بلغ عنان السماء‪ .‬إن الخير قادم‪ ،‬والأمل معقود على أنقياء‬     ‫المحرقة؟”‪ ،‬محرقة للإنسان والأرض والحاضر والمستقبل‪ ،‬تدار بأيا ٍد خفية‬
            ‫القلوب من الأمة فى قول الحق ونشر الخير‪ ،‬وغداً بإذن‬          ‫ونوايا شريرة من قبل دول ذات تسل ٍح عال‪ ،‬ومطامع لا حدود لها‪ .‬حروب‬
                                                                        ‫فى البر والبحر ومن السماء‪ ،‬وشعوب تباد وهى محاصرة‪ ،‬وشعوب ُتراود‬
                        ‫الله تنعم البشرية بما يريد لها الخيرون‪.‬‬
‫راضية أو ُمكرهة لدخول تلك الحروب ‪23‬‬
   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28