Page 25 - LEGAL CULTURE
P. 25
يناير 2024 وحرية التنقل ،أنها مقررة أصلاً لصالح الأفراد فى الحقوق والحريات ليست حقوقًا ولقد استقر الأمر بعد هذا التطور أن وجدت أجيال
مواجهة الدولة ،الأمر الذى يتعين معه على الدولة آلا مطلقة أو منعزلة عن بعضها، ثلاثة من حقوق الإنسان :
تتدخل فى هذه الحقوق إلا فى أضيق نطاق سواء لضمان فممارسة حرية لا يجوز أن تكون
الوسائل الأفضل لانتفاع المواطنين بها ،وتوكيد ذاتيتهم، من خلال التضحية بغيرها من الجيل الأول :وهو الأقـدم ظهور ويشمل الحقوق
أو وهذا هو الأهم ،لتحقيق التوافق بين مباشرتها وحقوق الحقوق والحريات .وفى جميع التى تخول صاحبها التمتع بضمانات معينة فى مواجهة
الأحوال فإن حدود ممارسة
الآخرين ،فلا يضارون بسببها . حقوق الإنسان يجب تفسيرها الدولة .وتتمثل فى الحقوق المدنية والسياسية .
وما يميزها أيضاً هو أنها “ حقوق سلبية “ إن صح بكل دقة حتى تكون هذه الجيل الثانى :وهو يشمل الحقوق التى تخول صاحبها
هذا التعبير ،والسلبية لا تعنى أكثر من مجرد امتناع الحدود متناسبة ومعقولة تدور الحق فى اقتضاء خدمة أساسية تلتزم الدولة بتمكينه
الدولة عن التدخل فى نطاقها ،وعدم التدخل فى حد فى إطار الغاية التى استهدفتها منها ،وتتمثل فى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
ذاته يعتبر كافياً لضمان مباشرتها ،وكل ما عليها آلا والثقافية ،وهى حقوق ضرورية لمباشرة الجيل الأول
تأتى أفعالاً تعارضها أو تنقصها . من حقوق الإنسان بفاعلية وكفاءة .
ويمكن للأفراد المطالبة بكفالة هذه الحقوق عن طريق الجيل الثالث :وهو أحدث أجيال حقوق الإنسان
ظهوراً ،إذ ظهر فى ثمانيات القرن العشرين .وهى تخول
القضاء وإنفاذ ما يصدر من أحكام جبراً . الأفراد الحق ليس فى مطالبة الدولة أو الحكومة فقط،
أمـــــــــــــا الحقـــــــــــــوق الاجتماعيــــــــــة وإنما مطالبة غيرهم من الأفراد باحترام قيم عالمية
فى إطار من التضامن ،كالحق فى السلام ،والحق فى
والاقتصاديــــــــــــة :
وهى الحقوق التى تناهض بصفة أساسية الفقر، التنمية ،والحق فى البيئة ،والحق فى الثقافة .
ولعــــــــــل أهــــــــــــم مـــــــــا يمــــــــــيز الحقــــــــــوق
والجوع والمرض .
وهذه الحقوق تقتضى تدخلاً ايجابياً من الدولة، المدنيـــــــــــــة والسياسيـــــــــــة :
يجعلها مدينة بها لمصلحة الأفراد والجماعات ،لضمان والتى من أبرزها الحق فى الحياة ،الحق فى التعبير،
حد أدنى من الدخول ،وتوفير المعاهد التعليمية وأدواتها،
وكفالة الوسائل الطبية التى تصون بها صحة مواطنيها
وتقيهم مخاطر الأمراض على اختلافها ،فلا يتصور
ضمان الحقوق الاجتماعية والاقتصادية إلا من خلال
تدخل الدولة لتقريرها عن طريق الاعتماد على مواردها
الذاتية التى تتيحها قدراتها .
وهذه الحقوق بالنظر إلى طبيعتها هذه لا يمكن صونها
لكل الناس فى وقت واحد ،بل يكون تحقيقها داخل
الدولة مرتبطاً بأوضاعها وقدراتها ونطاق تقدمها ،وعمق
مسئوليتها قبل مواطنيها ،وإمكان النهوض بمتطلباتها .
وهذه الحقوق لا تنفذ نفاذاً فورياً ،بل تنمو وتتطور
وفق تدابير تمتد زمناً وتتصاعد تكلفتها بالنظر إلى
مستوياتها وتبعاً لنطاقها .
وتلك الحقوق تقتضى من الدولة تدخلاً ايجابياً
لإيفائها ولو على مراحل أو بالنسبة لأجزاء الدولة ككل
إذا أعوزتها قدراتها على بسط مظلتها على المواطنين
جميعاً .
نسبيـــــــــة حقـــــــــوق الإنســــــــــان :
الحقوق والحريات بوجه عام يختلف تطبيقها وتحديد
مدلولها باختلاف الزمان والمكان ،بل وباختلاف وضع
الفرد فى المجتمع .والحريات بوجه عام لا يمكن أن
تمارس إلا فى مجتمع آمن مستقر .ولا يمكن الاعتراف
– كأصل – بحرية مطلقة ،وإنما هى حرية نسبية تتوقف
على مدى توافقها ومتطلبات المجتمع ،لذا يتعين التوفيق
بين الحريات العامة ومتطلبات النظام العام .
ولا يمكن الاستغناء عـن القانون والسلطة التى
تعمل على تنفيذه بحجة أن القانون يمارس قيداً على
الحريات .
وتتجلــــــى هـــــــــذه النسبيـــــــــــة فــــــــى عــــــــــدة
أمـــــــــور لعـــــــــل أهمهــــــــا :
أن الحقوق والحريات ليست حقوقاً مطلقة أو منعزلة
عن بعضها ،فممارسة حرية لا يجوز أن تكون من خلال
التضحية بغيرها من الحقوق والحريات .وفى جميع
الأحــوال فـإن حـدود ممـارسـة حقوق الإنـسـان يجب
تفسيرها بكل دقة حتى تكون هذه الحدود متناسبة
ومعقولة تدور فى إطار الغاية التى استهدفتها .
أن الدساتير لا تعرف قواعدها أى تدرج ،وبالتالى
فلا تدرج بين الحقوق وبعضها .
لا يتصور وجود تنازع بين الحقوق والحريات فى
نصوص الدستور .وأى تنازع ظاهرى يمكن حله من
خلال النظام القانونى القائم على وحدة الدستور وتفسير
نصوصه م ًعا ووحدة الجماعة .
التـــــــــــوازن بيـــــــــــــن الحريــــــــــــات والمصلحـــــــــــة
العامــــــــــة .
إذا كنا نريد حماية حقيقة لحقوق الإنسان ،فإنه يجب
أن يقوم توازن دقيق بين مباشرة هذه الحقوق وكفالتها،
وبين مقتضيات المصلحة العامة .ففى صدد تحديد
25