Page 205 - merit
P. 205

‫الملف الثقـافي ‪2 0 3‬‬

‫كارل غوستاف يونغ‬  ‫جورج لوكاتش‬  ‫أندريا هويسلر‬                    ‫ذلك شأن الآخرين‪ ،‬وبمحض‬
                                                                   ‫مصادفة وقعت عيناه على‬
      ‫في خواتيمها‪ ،‬فتترسم‬           ‫‪-‬بدوره‪ -‬بع ًضا من تلك‬
    ‫الزهور والرياحين‪ ،‬التي‬     ‫العناصر‪ ،‬للأسباب ذاتها! حتى‬       ‫الأميرة «زين»‪ ،‬هي الأخرى‬
   ‫تحيط بقبر «مم» و»زين»‬                                        ‫رأته‪ ،‬ليقعا في حب بعضهما‪،‬‬
    ‫على مر السنين‪ ،‬أو تقف‬        ‫أنه بتأثير من العامل الديني‬      ‫أن يخطبها ‪-‬مث ًل‪ -‬لم يكن‬
    ‫بالأشواك التي لا تبارح‬         ‫غير أسماء جل الشخوص‬           ‫أم ًرا ُمتا ًحا‪ ،‬إذ إنه ابن كاتب‬
 ‫قبر «بكو عوان»‪ ،‬الذي دفن‬            ‫الواردة في المتن بأسماء‬    ‫في ديوان الأمير‪ ،‬إلا أنه تمكن‬
  ‫عند أقدامهما‪ ،‬بعد أن أقدم‬        ‫إسلامية «زين الدين‪ ،‬تاج‬      ‫من لقائها غير مرة بمساعدة‬
 ‫الأمير «تاج الدين» على قتله‪،‬‬    ‫الدين‪ ..‬إلخ»‪ ،‬فيما جاء نص‬
  ‫ل ُيرافقهما في مماتهما‪ ،‬ذلك‬                                       ‫صديقه تاج الدين‪ ،‬الذي‬
 ‫أنه كان السبب في افتراقهما‬    ‫ترجمة د‪.‬نور الدين ظاظا ‪-‬على‬      ‫تزوج الأميرة «ستي» شقيقة‬
    ‫حيين‪ ،‬وهذا ما ُيؤكد لنا‬    ‫سبيل التمثيل لا الحصر‪ -‬على‬       ‫«زين»‪ ،‬ذلك أنه كان من علية‬
  ‫بأن النص الأصلي للملحمة‬                                        ‫القوم‪ ،‬إلا أن العزال بزعامة‬
    ‫جاء على حوادث خارقة‪،‬‬           ‫تلك العناصر‪ ،‬فلقاء «مم»‬      ‫بكر أوصلوا قصة حبهما إلى‬
‫وتدخل قوى فوق طبيعية في‬             ‫و»زين» ‪-‬عند ظاظا‪ -‬تم‬       ‫شقيقها‪ ،‬فأوعز الأمير بسجن‬
 ‫أحداثها‪ ،‬بيد أن تلك الأحداث‬    ‫بتدخل من قوى الجان‪ ،‬الذين‬      ‫«مم» ليموت في محبسه شو ًقا‬
 ‫غابت في النصوص اللاحقة‬           ‫حملوا الأميرة «زين» وهي‬
 ‫لما لحقها من تعديل‪ ،‬إن على‬       ‫نائمة‪ ،‬ووضعوها في سرير‬          ‫وكم ًدا‪ ،‬ولما سمعت الأميرة‬
‫صعيد الصياغة أو على صعيد‬          ‫«مم» كما أسلفنا‪ ،‬وليس في‬     ‫«زين» توفاها الله للسبب ذاته‪،‬‬
‫المضمون‪ ،‬وذلك لأنها انطوت‬         ‫عيد «النوروز» كما في نص‬
‫على عناصر أسطرة واضحة‪،‬‬         ‫البوطي‪ ،‬وحصان «مم» يخرج‬           ‫لكن بعد أن أوصت شقيقها‬
                                 ‫من قاع البحر‪ ،‬فتجتمع عليه‬        ‫خي ًرا برعيته‪ ،‬أما تاج الدين‬
                                   ‫المدينة كلها لكي تعقله على‬      ‫فلقد عمد إلى قتل بكر‪ ،‬ثم‬
                                  ‫بابها‪ ،‬لكن النصوص تلتقي‬       ‫تنفذت وصية «زين»‪ ،‬فدفنت‬
                                                                 ‫مع «مم» في قبر واحد‪ ،‬فيما‬
                                                                ‫دفن بكر عند قدميهما في قبر‬
                                                                  ‫منفصل‪ ،‬لتنبت على قبرهما‬
                                                                ‫الزهور‪ ،‬ولتنبت الأشواك على‬

                                                                        ‫قبر العاذل كل عام!‬
                                                                        ‫استنتاجات تالية‪:‬‬
                                                                ‫فإذا تفكرنا في رواية الدكتور‬
                                                                     ‫البوطي‪ ،‬سنلاحظ بأنه‬
                                                                   ‫عمد إلى إسقاط الكثير من‬
                                                                 ‫عناصر الأسطرة عن روايته‬
                                                                   ‫واض ًعا في مقاصده إنتاج‬
                                                                    ‫أدب إسلامي رفيع‪ ،‬كما‬
                                                                  ‫جاء في مقدمته‪ ،‬ليسأل الله‬
                                                                   ‫التوفيق في الخواتيم‪ ،‬فيما‬
                                                                 ‫يتشبه بالاعتذار‪ ،‬ربما لأنها‬
                                                                 ‫المرة الأولى التي خاض فيها‬
                                                               ‫بعي ًدا عن الدين‪ ،‬وكان الخاني‬
                                                                 ‫‪-‬كمتصوف كبير‪ -‬قد أغفل‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210