Page 202 - merit
P. 202

‫العـدد ‪44‬‬                                                       ‫‪200‬‬

                                                              ‫أغسطس ‪٢٠٢2‬‬                                                                                                ‫أحمدي خاني‬

      ‫لقطبي الولادة والموت‪،‬‬       ‫‪ ..‬الشعوب حين‬               ‫إذً ا‬                                                    ‫محمد باقي محمد‬
    ‫ومن ثم بحثه عن الخلود‬         ‫راحت تندرج في‬
   ‫«جلجامش السومرية»‪ ،‬أو‬                                          ‫مقاربة أولية لواحدة من أشهر الملاحم الكردية «زين ومم»‬‫(سورية)‬
   ‫تفسيرها لظواهر الطبيعة‬           ‫سياق الزمن‪،‬‬                        ‫في الملحمة‪..‬‬
    ‫كالخصب أو الفيضانات‬         ‫الذي س ُيطلق عليه‬
    ‫أو الزلازل «أدون وتموز‬       ‫اصطلا ًحا ‪-‬فيما بعد‪ -‬اسم‬
  ‫الفينيقية»‪ ،‬وذلك في مرحلة‬     ‫التأريخ‪ ،‬وتنأى شيئًا فشيئًا‪،‬‬
    ‫موغلة في القدم‪ ،‬ما كانت‬     ‫عن مراحل طفولتها الطويلة‪،‬‬
    ‫البشرية فيها لتفرق بين‬     ‫تلك التي ترافقت بمنظومة من‬
 ‫أحلامها ومشاعرها وواقعها‬        ‫الملاحم والحكايات الخرافية‬
‫بعد‪ ،‬وقد تنطوي على أساطير‬        ‫وحكايات البطولة وأساطير‬
 ‫تشترك فيها الآلهة في رسم‬        ‫الآلهة‪ ،‬التي توارثتها شفا ًها‬

             ‫أقدار أبطالها‪.‬‬       ‫بداية‪ ،‬عمدت إلى كتابة تلك‬
      ‫في تلك الملاحم ‪-‬وهي‬         ‫الحكايات خو ًفا على تراثها‬
‫موضوع ُمقاربتنا‪ -‬س ُيلاحظ‬
      ‫المُتتبع تدافع العناصر‬        ‫من الضياع‪ُ ،‬مؤ ِّسسة لما‬
  ‫الإنسانية والطبيعية وفوق‬         ‫س ُيسميه كارل غوستاف‬
‫الطبيعية إلى الانخراط في لعبة‬  ‫يونغ بـ»اللاشعور الجمعي»(‪)1‬‬
   ‫تبادل وتحول هائلة‪ ،‬لكنها‬          ‫الذي ُيحيلنا إلى عناصر‬
  ‫دقيقة في تفاصيلها‪ ،‬لتشكل‬     ‫تركيبية جمعية ذات طابع غير‬
 ‫‪-‬في المُجتبى‪ -‬مجموعة كلية‬     ‫شخصي‪ ،‬بما ُيفسر لنا الحس‬
    ‫من الحالات المُختلفة من‬    ‫البدائي القديم‪ ،‬ذاك الذي يطفو‬
 ‫وجود شعب ما‪ ،‬من غير أن‬        ‫على السطح‪ ،‬ونحن نستحضر‬
  ‫تنطوي على خطوط فاصلة‬          ‫من الماضي البعيد شخصياته‬
‫ودقيقة تخص مفاهيم الماضي‬
     ‫والحاضر والمُستقبل(‪!)3‬‬              ‫وعوالمه وطقوسه‪.‬‬
     ‫الأكراد أي ًضا تركوا لنا‬
   ‫أساطير وملاحم وقص ًصا‬            ‫في الملحمة‬
 ‫غنائية عديدة‪ ،‬ترتب للحالات‬
      ‫المُختلفة من وجودهم‪،‬‬      ‫والملحمة ‪-‬موضوع قراءتنا‪-‬‬
       ‫وتستجلب صو ًرا عن‬           ‫قصة طويلة ُتروى شع ًرا‪،‬‬
     ‫خبراتهم في تفاعلها مع‬
‫الواقع المعاش‪ ،‬حالهم في ذلك‬    ‫حتى تعكس فهم تلك الشعوب‬
  ‫حال شعوب المنطقة‪ ،‬ولعل‬            ‫‪-‬أو تفسيرها‪ -‬للمراحل‬
‫استحضار عناوين مثل «كاوا‬
  ‫الحداد» أو «قلعة دمدم» أو‬     ‫المُتباينة التي تصرمت عليها‪،‬‬
 ‫«سيامند وخجي» أو «فرهاد‬           ‫وتؤرخها‪ ،‬إذ إنها تؤسس‬
‫وشيرين» أو»مم وزين» ‪-‬على‬          ‫‪-‬من خلال الاشتغال على‪/‬‬
   ‫سبيل التعداد لا الحصر‪-‬‬         ‫أو الانشغال بـ‪ :‬المعضلات‬

                                ‫الرئيسة التي أمضتها‪ ،‬والتي‬
                                    ‫تكونت في رحم الحروب‬

                                ‫وجنون الطبيعة(‪ -)2‬أجوبتها‬
                               ‫على قضايا الوجود‪ ،‬مثل قصة‬

                                  ‫الخلق‪ ،‬أو ارتهان الإنسان‬
   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207