Page 203 - merit
P. 203
الملف الثقـافي 2 0 1
ُمتأخرة تحل في ظروف معينة أحداث خارقة إذا اقترنت ُيؤكد ما ذهبنا إليه من أن لهذا
محل الصيغة الأصلية الأقصر بالأساطير ،فهي تعبر عن الشعب -كغيره من الشعوب،
فترة بدائية من الحضارة في
منها ،ولكنها لا تختلف عنها ُمجتمع يتسم بنظام الطبقات، ومنذ القديم -حكاياته
اختلا ًفا أساسيًا»(.)6 وفي بلد لم يستقر قوميًّا بعد، وملاحمه وأساطيره!
أما الحكاية التي تسردها وبنظرة ُمتأنية تتبصر
لقد تعرضت الملاحم إلى الملحمة فهي حكاية خيالية، في مواضيع تلك الملاحم
تعديلات انبنت أسا ًسا على إنها أشبه بالتاريخ الذي والقصص ،س ُيلاحظ الدارس
تغيير أنطولوجي ،تحولت يمتزج بالأساطير ،تتغنى بها المُتقصي توزعها على ملمح ْين
بموجبه الملحمة من فن طبقي الشعوب البدائية وتتناقلها، رئيسي ْين ،فـ»كاوا الحداد»
إلى فن شعبي ،مما اقتضى لتظهر فيها أخلاق المجتمع و»قلعة دمدم» تندرج تحت
-بالضرورة -تحو ًل في دور ونظمه وحياته السياسية خانة الملاحم البطولية ،تلك
المُنشد -الذي كان يو ًما ما ُمق َّر ًبا وعقائده( ،)5أما سبب هذا التي تتغنى ببطولات أولئك
من البلاط ،يعرض ما يدور في الافتراق أو التمايز فيعود الناس في الذود عن أنفسهم،
أروقته -إلى ُمنشد شعبي( )7راح وانتصارهم الذي لا حدود
يبحث عن جمهوره في زحام إلى عوامل عدة ،منها أن له لقيم النبالة والفروسية،
الأسواق ،ما ُيفسر الروايات انتقال تلك الملاحم من الأدب التي كانت سائدة آنذاك ،فيما
الشفاهي إلى الأدب المكتوب تندرج حكايات «مم وزين»
المُتعددة للملحمة ذاتها. و»سيامند وخجي» و»سيفا
فرض عليها تقاليده بكل حاجي» في سياق ملاحم
مم وزين صرامتها وتراتبيتها ،فأسقط العشق الآسرة من جهة،
عنها الأنساق الخاصة بالأدب والمُستحيلة -ربما -بسبب
ومم وزين قصة عشق عذبة، من الظروف الموضوعية،
تتدخل فيها الجان ،إذ ينقلون الشفاهي! التي لما تكن قد نضجت
«زين» من سريرها ،ليضعوها بعد لاستيعابها وقبولها
في سرير «مم» ،حتى إذا أفاق لم الدين والملحمة آنئذ ،لكنها -أي تلك النظرة
يتيقن فيما إذا كان يحلم ،أم أن المُتفحصة -ستقف -من كل
ما تصادف حقيقة ،لتنشأ بينهما ثم إن العامل الديني بد -على تجاوز تلك الملاحم
قصة حب غريبة وآسرة ،غريبة -الإسلام ،مثا ًل -لعب دو ًرا لموضوعاتها الرئيسة إلى
علاقاتها بالمُجتمعي والتاريخي
لجهة أنها تعبر عن مجتمع رئيسيًّا في إسقاط الكثير وربما بالكوني أي ًضا ،بشكل
يقوم على تمايز طبقي واضح، من عناصر الأسطرة عنها، ُيؤكد ما ذهب إليه جورج
تمايز سيحول -في النهاية -بين لتنسجم وقراءته في المُجتمعات لوكاتش من أن الملحمة
المقدمات وخواتيمها الطبيعية «تعطي صورة كلية عن الواقع
البشرية أو في الحياة
في حالة العشق هذه ،إذ إن والكون ،وتنبو -بالتالي -عن الموضوعي»(.)4
التراتب الطبقي ،ناهيك عن بيد أن الباحث في هذه الملاحم
تدخل العزال لمنع ارتباطهما، تلك العناصر التي تنتمي
فـ»زين» أميرة ،أي أنها تنتمي -بحسبه -إلى الميثولوجيا س ُيلاحظ عليها افتراقها
إلى علية القوم ،بينما يندرج الوثنية غالبًا ،حتى أن أندريا الجزئي عن التعريف الغربي،
«مم» في خانة العوام ،إذ إن هويسلر يعتقد بأن «السير الذي يرى فيها شع ًرا قصصيًّا
والده كاتب ديوان لا أكثر، البطولية الشعبية تبدأ بوصفها
صحيح أن حصانه يخرج من أنشودة ،أي قصيدة ،تعاد بطوليًّا قوميًّا ،قد يأتي على
عمق البحار ،فلا تستطيع المدينة روايتها ،وتضاف إليها عناصر
جديدة ،وما الملحمة إلا صورة