Page 230 - merit
P. 230

‫العـدد ‪44‬‬                         ‫‪228‬‬

                                    ‫أغسطس ‪٢٠٢2‬‬

  ‫الاستعماري المنسوب للإسلام‪،‬‬             ‫مسلمين‪ ،‬أنه لا حضارة ولا‬         ‫من يقول نحن أبناء «الحضارة‬
    ‫طوال أكثر من ‪ 1400‬عام‪ ،‬في‬          ‫رفاهية ولا علوم ولا أي شيء‪،‬‬          ‫الإسبانية المسيحية» ولا بد ان‬
                                       ‫إلا باستعادة هذه الإمبراطورية‬
  ‫تحقيق العدل والحرية للشعوب‬                                                  ‫نستعيدها! البرازيل تتحدث‬
       ‫التي احتلها‪ ،‬وهذا طبيعي‪،‬‬            ‫الاستعمارية حتى نستعيد‬           ‫البرتغالية‪ ،‬ولن تجد فيها أح ًدا‬
                                       ‫«الحضارة العربية الإسلامية»‬
     ‫فالمستعمر لا يمكن أن يسمح‬        ‫التي يقولون إنها عظيمة‪ ،‬أي أنه‬           ‫يقول ننتمي إلى «الحضارة‬
     ‫بالعدل والحرية‪ .‬بل وفشلت‬        ‫لا سبيل إلى أن نكون متحضرين‬               ‫البرتغالية المسيحية» أو إلى‬
  ‫النماذج التي حاولت استنساخه‬                                            ‫«الحضارة الأوروبية المسيحية»‪.‬‬
    ‫بدرجة أو بأخرى في السودان‬            ‫ولدينا علوم وفنون وفلسفة‬       ‫ولن تجد أح ًدا يقول نريد استعادة‬
      ‫عندما حكمها الإخواني عمر‬           ‫وغيرها إلا باحتلال الشعوب‬        ‫«الحضارة البرتغالية المسيحية»‬
  ‫البشير‪ ،‬وطالبان في أفغانستان‪،‬‬       ‫ونهب ثرواتها وسرقة منتجاتها‬             ‫أو «الإمبراطورية البرتغالية‬
      ‫وداعش في سوريا والعراق‪،‬‬                                           ‫الاستعمارية»‪ .‬وبالمثل هناك العديد‬
‫والإخواني رجب طيب أردوغان في‬                             ‫الحضارية‪.‬‬      ‫من دول أفريقيا تتحدث الفرنسية‬
 ‫تركيا‪ ،‬فلم يحققوا العدل والحرية‬         ‫ولا يمكن ان نكون جز ًءا من‬      ‫مثل بوروندي والكاميرون‪ ،‬ومع‬
‫للشعوب‪ ،‬بل وثار ضدهم الشعب‬              ‫التقدم الإنساني إلا بأن نكون‬         ‫ذلك لن تجد أح ًدا يقول نحن‬
     ‫في السودان وفي مصر‪ ،‬وثار‬                                              ‫ننتمي إلى «الحضارة الفرنسية‬
     ‫ضدهم الشعب في إيران عدة‬                                  ‫عر ًبا!‬      ‫المسيحية»‪ ،‬ولن تجد في فرنسا‬
‫مرات‪ .‬ويثور أغلب العراقيون الآن‬          ‫لقد ح َّول هؤلاء الغزاة الذين‬         ‫من يتحدث عن «الحضارة‬
  ‫ضد النسخة الشيعية من الدولة‬       ‫أسسوا الإمبراطورية الاستعمارية‬         ‫الفرنسية المسيحية» واستعادة‬
‫الإسلامية‪ ،‬وفي لبنان يثورون ضد‬         ‫طوال أكثر من ‪ 1400‬عام‪ ،‬هذا‬
‫الدولة الطائفية التي يسيطر عليها‬        ‫الجانب الاستعماري إلى دين‪،‬‬               ‫«الإمبراطورية الفرنسية‬
‫حزب الله الشيعي‪ ،‬ومع ذلك هناك‬       ‫حولوا الكراهية والعنف والاحتلال‬         ‫المسيحية»‪ .‬بالتأكيد الأمر غير‬
   ‫من لا يزال ُمص ًّرا على استمرار‬    ‫إلى دين يقدسه المسلمون‪ :‬الغزاة‬
      ‫الفشل وجر المسلمين شيعة‬         ‫والذين تم احتلالهم على السواء‪.‬‬                            ‫منطقي‪.‬‬
‫وسنة وغيرهم إلى هذا المنحدر من‬
 ‫جديد‪ .‬الخطر الثاني هو أن أغلب‬              ‫وكما تعرف فإن الإخوان‬          ‫لكن هناك من يقول إنه‬
  ‫المسلمين يعتبرون أن «الإسلام»‬       ‫والإسلاميين يحلمون باستعادة‬         ‫لا توجد تأثيرات سلبية‬
                                    ‫دولة الإسلام ومن بعدها الخلافة‬
                                     ‫بالقوة لو استطاعوا‪ .‬وقد حاولت‬          ‫في الوقت الحاضر على‬
                                                                              ‫المسلمين من إيمانهم‬
                                         ‫داعش أن تستعيد هذا «المجد‬              ‫بوجود «الحضارة‬
                                     ‫المزيف»‪ ،‬فبدأت بالشام والعراق‪،‬‬          ‫العربية الإسلامية»‪..‬‬
                                       ‫ولو كانت تملك القوة لإجتاحت‬
                                    ‫العالم كله‪ ،‬لكي تستعيد «الحضارة‬          ‫أختلف مع من يطرحون هذا‬
                                                                            ‫الرأي‪ ،‬توجد خطورة‪ ،‬وتسبب‬
                                                 ‫العربية الإسلامية»‪.‬‬    ‫مشكلة صعبة عند عموم المسلمين‪،‬‬
                                       ‫إذن فهذا رافد أساسي لصناعة‬         ‫بل ويمكن القول إن هذه الفكرة‬
                                                                          ‫أو الكذبة دمرت حياة المسلمين‪،‬‬
                                        ‫الإرهاب‪ ،‬يكرس لأن الإسلام‬
                                         ‫يجب ولا بد أن يكون «دولة»‬            ‫وهي دون شك أحد مصانع‬
                                          ‫و»إمبراطورية»‪ ،‬وأن سيدنا‬       ‫إنتاج الإرهاب‪ ،‬لأن الإمبراطورية‬
                                       ‫محمد (ص) كان نبيًّا وحاك ًما‪،‬‬
                                     ‫وذلك حتى يستطيع الإسلاميون‬              ‫الاستعمارية العربية ر َّسخت‬
                                       ‫المسلَّحون وغير المسلحين حكم‬          ‫في عقول الشعوب المحتلة من‬

                                                 ‫«البلاد الإسلامية»‪.‬‬
                                         ‫فشل المشروع الإمبراطوري‬
   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235