Page 72 - التنوير 6-8 2
P. 72
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
الإصلاحيون مبدأ التوصل إلى الحقيقة عن طريق مجلــــــــــــــــة
البرهان.
المتطرفون والإرهابيون مبدأ لهم ،كما جاءت في
ونجد كذلك نظريات وأفكار غربية متطرفة هوجمت كتابات الأصوليين كسيد قطب وحسن البنا؛ لارتباطها
بالرفض من الغرب والشرق م ًعا؛ لربطها بالدين ،وعلى بأفكار متشددة ومتطرفة؛ حيث نجد أن الفكر
أرسها ما جاء به “هنتنغتون” “ ”Huntingtonوهو الإسلامي والعربي يشتمل على تيا ارت فكرية متعددة
من أبرز المفكرين الاست ارتيجيين في الولايات المتحدة ومختلفة ،مثل العلمانية والاشت اركية والقومية وغيرها؛
الأمريكية ،الذي أخرج نظرية “صدام الحضا ارت” حيث يرفض هؤلاء المتطرفون أفكار الإصلاحية
إلى الوجود سنة 1993م ،عندما نشر “هنتنغتون” الإسلامية التي تؤكد على وجود القوانين الطبيعية
مقالة في مجلة الخارجية الأمريكية بعنوان “صدام والأخلاقية في الطبيعة الإنسانية ،وأن هذه القوانين
الحضا ارت” .وبعد أن أثارت هذه المقالة العديد من الطبيعية والأخلاقية هي حقيقة ويمكن البرهنة عليها
ردود الأفعال المؤيدة والمعارضة للأفكار الواردة فيها،
والاهتمام الذي حظيت به هذه المقالة ،قرر مؤلفها أن عن طريق العقل (شريعاتي-علي 1980م).
يوسعها إلى كتاب ويؤسس لها كنظرية (هنتنغتون،
يفهم المفكرون الإصلاحيون المسلمون الفلسفة
1999م). على أنها علم من العلوم ،فيقول “محمد عبده” مثلاً:
“إن الإسلام لا يمكنه مناقضة العلم ،فهو يؤمن بأن
ورغم عدول “هنتنغتون” عن أفكاره التي جاء بها عمل العقل ليس التكهن ،بل يتلخص في البحث
في نظرية صدام الحضا ارت ،فإنه سلط الضوء على بالمجال العلمي .وبالرغم من أن العقل والوحي
خفايا الغرب نحو العالم العربي وثرواته؛ حيث أرى متناغمان ،فإن المفكرين الذين حاولوا مطابقة الب ارهين
أن أكثر الص ارعات انتشاًار وأهمية وخطورة لن تكون الفلسفية والنص على وجود الله وجوهره تجاوزوا حد
بين طبقات اجتماعية غنية وفقيرة ،أو جماعات أخرى المعقول؛ فإن تكهناتهم لا يمكن البرهنة على صحتها.
محددة على أسس اقتصادية ،ولكن بين شعوب تنتمي أما العلوم ،فيمكن التحقق من صحتها” .لهذا ،عندما
إلى هويات ثقافية مختلفة؛ لأن عالم ما بعد الحرب يرى “محمد عبده” تناسًقا بين الوحي والعقل ،فإنه
الباردة عالم يتكون من سبع أو ثماني حضا ارت ،تكون
فيها المتماثلات والاختلافات الثقافية هي التي تشكل يعني بالعقل هنا العلوم (عبده-محمد1981 ،م).
المصالح والتناقضات والتجمعات بين الدول؛ وأن
أكثر الدول أهمية في العالم يأتي بشكل أساسي من والأفغاني كمحمد عبده ،يجعل العلم المعيار النهائي
حضا ارت مختلفة ،ومن ثم سيؤدي خلق هذه الفوارق ليس فقط عند غموض القرآن أو اختلاف الآ ارء فيه،
بين الدول والثقافات بالغرب القوي إلى محاولة فرض بل عند مناقضة القرآن للعلوم؛ لأن القرآن يحتوي
نفسه كقوة لا يمكن قهرها وإعداد الشعب لتقبل فكرة على مبادئ عامة ،فلا يجوز معارضته للعلوم .أما
نحن والآخر ،التي تؤدي دائ ًما إلى الص ارع المستمر إذا اعتُبر أن هناك تناق ًضا بينهما ،فإن المنهج الذي
(هنتنغتون 1999م). يجب اتباعه هو التأويل (الأفغاني 1979م).
72 فالخلاف الأساسي بين الأصوليين والإصلاحيين
هو أن الأصوليين يجعلون من الإسلام النظام الشامل
المعلل الذي لا يحتاج إلى دليل منطقي؛ بينما يتقبل