Page 291 - m
P. 291

‫‪289‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

     ‫وحفيده؛ فهو يقف على حلم‬                      ‫محمد علي باشا‬            ‫عباس حلمي الأول‬
    ‫محمد علي باشا منذ بدا فكرة‬
 ‫حتى صار واق ًعا‪ ،‬وهو ما عرف‬            ‫فإن النسخة التي بين يدي‬             ‫والعمال والقناصل داخل‬
  ‫بمصر الكبرى التي خرجت من‬           ‫الصادرة بطبعتها عن مؤسسة‬                   ‫الحرملك والسلاملك‪.‬‬
  ‫حدود مصر التاريخية المعروفة‬        ‫أروقة للدراسات والنشر سنة‬
                                   ‫‪ 2021‬تحتاج إلى مراجعة لغوية‬          ‫وصحيح أن السرد التاريخي‬
      ‫حتى صارت تضم الحجاز‬                                              ‫هو ملمح بارز في رواية أفندينا‬
             ‫والسودان والشام‪.‬‬           ‫تنقيها من الأخطاء النحوية‬      ‫‪ ،‬لكن الكاتب أضفى عليها بع ًدا‬
                                   ‫والصرفية والطباعية؛ لأنها تخل‬       ‫أدبيًّا وعبر عن رؤيته وفلسفته‬
     ‫واللافت أن هذا الحلم ارتبط‬                                       ‫وتناول قضايا ذات أبعاد عابرة‬
      ‫بشخصية عبقرية ذات فكر‬                   ‫بالبناء اللغوي العام‪.‬‬
   ‫استراتيجي وذات نظرة ثاقبة‬          ‫كما أنني كنت أتمنى لو افتتح‬         ‫للأزمنة والأمكنة؛ فبقدر ما‬
    ‫قادرة على انتزاع دور مصر‬       ‫الكاتب كثي ًرا من مفاصل الرواية‬     ‫حاول أن يظهر حياديته في نقل‬
    ‫الريادي في الشرق‪ ،‬وقد عبر‬
      ‫الغمري عن ذلك في السطر‬            ‫بعتبات أدبية من شأنها أن‬         ‫الأحداث والوقائع التاريخية‪،‬‬
      ‫الأول من افتتاحية روايته؛‬       ‫تضيف مساحات أدبية وفنية‬        ‫وعبَّر عن الشخصيات كما عبرت‬
     ‫يقول‪ :‬مع اختفاء محمد علي‬      ‫جاذبة قادرة على تشويق المتلقي‬
‫اختفت العبقرية‪ ،‬وفي ذلك إشارة‬        ‫ووضعه في حالة ترقب وتخيل‬           ‫عنها المصادر التاريخية؛ فإنه‬
     ‫واضحة للدافع الحقيقي من‬           ‫إلى ما ستؤول إليه الأحداث‪،‬‬        ‫نقد الحاضر بالماضي‪ ،‬وفتح‬
‫روايته؛ فالكاتب يعبر عن تعطشه‬      ‫وتفضي إليه الصراعات الداخلية‬       ‫المجال أمام المتلقي لنقد الماضي‪،‬‬
  ‫لشخص فيه صفات محمد علي‬                                                   ‫وبدا متعاط ًفا مع بطلي هذه‬
                                                      ‫والخارجية‪.‬‬     ‫المرحلة (محمد علي باشا‪ ،‬وعباس‬
                     ‫وعبقريته‪.‬‬         ‫وفي قراءة موضوعية لرواية‬         ‫حلمي باشا) وقدمهم بصورة‬
    ‫وهكذا قدم الكاتب محمد علي‬     ‫أفندينا‪ ،‬يمكن للقارئ أن يستشعر‬        ‫مشرقة‪ ،‬على الرغم من تحفظه‬
    ‫باشا بوصفه شخصية نامية‬           ‫حرص الكاتب على التعبير عن‬       ‫على بعض السياسات والسلوكات‬
    ‫ومتطورة ومحركة للأحداث‪،‬‬           ‫الأبعاد السياسية التي تتصل‬     ‫والتصرفات التي صدرت عنهما‪.‬‬
   ‫ورسم لنا البدايات التي انطلق‬         ‫بفترة حكم محمد علي باشا‬       ‫ولكي أكون موضوعيًّا في نقدي‬
   ‫منها على لسان السارد صفاء‬
    ‫الدين القولي‪ :‬محمد علي باشا‬
     ‫ضابط ألباني جاء غريبًا إلى‬
   ‫مصر‪ ،‬وصار مصر ًّيا خال ًصا‪،‬‬
  ‫ولمع نجمه وسط سماء المماليك‬
‫الحالكة‪ ،‬فحولها إلى ضوء ساطع‬
 ‫وجعل من مصر دولة قوية على‬
 ‫طريق الاستقلال التام ص‪.285‬‬
     ‫وهكذا‪ ،‬بدأ حياته من ضابط‬
‫ألباني في الجيش المصري إلى وا ٍل‬
  ‫تحت عباءة السلطان العثماني‪،‬‬
‫ثم إلى ند يحسب له حساب؛ وهو‬
‫شخصية سياسية وعسكرية ذات‬
   ‫تركيب استثنائي؛ فهو أفندينا‬

      ‫في علاقاته داخل السلاملك‬
   286   287   288   289   290   291   292   293   294