Page 8 - m
P. 8

‫العـدد ‪59‬‬                                       ‫‪6‬‬

                                              ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬

       ‫تعجب‪ ،‬ولو قيل إن موسى كان ضد‬           ‫وسط البحر على اليابسة‪ ،‬والماء س َّور لهم عن‬
    ‫الفراعين فكان من الممكن أن يأتي ذكره‬        ‫يمينهم وعن يسارهم‪ /.‬وتبعهم المصريون‬
                                                      ‫ودخلوا وراءهم‪ .‬جميع خيل فرعون‬
          ‫بالسلب‪ ،‬لكن هذا أيضا لم يحدث‪.‬‬       ‫ومركباته وفرسانه إلى وسط البحر‪/)..( /.‬‬
   ‫القراءة تبين هناك عدة أصول لقصة شق‬              ‫فقال الرب لموسى‪“ :‬مد يدك على البحر‬
    ‫البحر‪ ،‬سأتوقف عند اثنين منها‪ ،‬أحدهما‬          ‫ليرجع الماء على المصريين‪ ،‬على مركباتهم‬
                                                 ‫وفرسانهم”‪ /.‬فمد موسى يده على البحر‬
             ‫منالعلم والثاني من الأساطير‪:‬‬          ‫فرجع البحر عند إقبال الصبح إلى حاله‬
‫الأصل العلمي‪ :‬يقول إنه في الفترة المفترضة‬      ‫الدائمة‪ ،‬والمصريون هاربون إلى لقائه‪ .‬فدفع‬
‫لوجود موسى وخروج العبرانيين من مصر‪،‬‬               ‫الرب المصريين في وسط البحر‪ /.‬فرجع‬
                                                ‫الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش‬
   ‫‪ 1500 :1000‬قبل الميلاد‪ ،‬و”بالبحث عن‬         ‫فرعون الذي دخل وراءهم في البحر‪ .‬لم يبق‬
‫التاريخ المناخي لهذه المنطقة‪ ،‬نكتشف أنه في‬      ‫منهم ولا واحد”‪( .‬أي ًضا لاحظ التكرار غير‬
                                                                 ‫المفيد والضعف اللغوي)‬
  ‫الحقبة الزمنية التي واكبت حادثة الخروج‬         ‫القصة نفسها وردت في القرآن‪ ،‬في أربعة‬
‫(‪ ١٦٠٠‬أو ‪ ١٥٠٠‬ق‪.‬م) حدثت كارثة طبيعية‬           ‫مواضع‪ ،‬مختصرة دون التفصيل الوارد في‬
                                                ‫التوراة‪ ،‬مع إضافة صغيرة هي أن فرعون‬
     ‫أثرت في جغرافية ومناخ منطقة حوض‬           ‫آ َم َن حين رأى الموت غر ًقا‪« :‬ولقد أوحينا إلى‬
  ‫البحر المتوسط‪ ،‬ألا وهي الانفجار البركاني‬     ‫موسى أن أس ِر بعبادي فاضرب لهم طري ًقا‬
‫في جزيرة سانتوريني‪ ،‬أحد جزر اليونان على‬         ‫في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى”‬
                                               ‫(طه‪“ ،)77 :‬فأوحينا إلى موسى أن اضرب‬
                   ‫بعد ‪ ٧٠٠‬كم من مصر‪.‬‬          ‫بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود‬
   ‫هذا البركان كان من القوة بحيث أنه دمر‬         ‫العظيم” (الشعراء‪“ ،)73 :‬وإذ فرقنا بكم‬
    ‫الجزيرة تما ًما وأتى على ساكنيها جمي ًعا‬    ‫البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم‬
    ‫(مينوان)‪ ،‬يقدر عنف هذا البركان بآلاف‬          ‫تنظرون” (البقرة‪“ ،)50 :‬وجاوزنا ببني‬

              ‫المرات عنف قنبلة هيروشيما‪.‬‬      ‫إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا‬
 ‫تدفقت اللافا المندلعة من البركان إلى البحر‪،‬‬             ‫وعد ًوا حتى إذا أدركه الغرق قال‬

    ‫مما سبب موجات تسونامي عنيفة يقدر‬                  ‫آمن ُت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو‬
    ‫طولها بما بين ‪ ٧‬و ‪ ١٥‬مت ًرا‪ .‬ونتج أي ًضا‬          ‫إسرائيل وأنا من المسلمين» (يونس‪:‬‬
  ‫انزلاق في قاع البحر في السواحل الشمالية‬
  ‫الشرقية من أفريقيا والذي أدى بدوره إلى‬                                          ‫‪.)90‬‬
                                                          ‫القصة برمتها من المفترض أنها‬
                                                        ‫حدثت في مصر في زمن الأسرات‬
                                                       ‫الفرعونية‪ ،‬ومع ذلك –كما سبق أن‬
                                                        ‫قلت في مقام سابق‪ -‬لم ُتذكر على‬
                                                          ‫أي نحو في النقوش والجداريات‬
                                                          ‫الفرعونية‪ ،‬تلك التي تحدثت عن‬
                                                        ‫آمون وآتون وأخناتون والتوحيد‬

                                                             ‫والكهنة والملوك والمهندسون‬
                                                         ‫والعمال‪ ..‬إلخ‪ ،‬وهذا بالطبع محل‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13